كشف تقريرٌ صادر عن هيئة تابعة للاتحاد الأوروبي، أن موظفي الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس) تورطوا في التستّر على عمليات الترحيل القسري غير الشرعية للمهاجرين من اليونان إلى تركيا.
إذ نُشِرَ تقرير المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال، المؤلف من 120 صفحة، الخميس 13 أكتوبر/تشرين الأول، على منصة FragDenStaat الألمانية لحرية المعلومات وموقعي Der Spiegel وLighthouse Reports الألمانيين، بحسب وكالة Associated Press الأمريكية، الجمعة 14 أكتوبر/تشرين الأول 2022.
ووجد التقرير أن كبار مديري "فرونتكس" ارتكبوا "سوء سلوك خطيراً ومخالفات أخرى" بالتستُّر على وقائع الترحيل القسري للمهاجرين، وعدم الإبلاغ عن تلك الوقائع أو التعامل معها بالشكل الصحيح. لكن التقرير المنشور لم يذكر أي أسماء.
أوضح التقرير: "لقد أعاقوا بفعلتهم هذه قدرة وكالة فرونتكس على الاضطلاع بمسؤوليتها كاملة، ومنها ضمان حماية وتعزيز الحقوق الأساسية".
وتتكفل وكالة فرونتكس بتنسيق عمليات البحث والإنقاذ والاعتراض الحدودي بالنيابة عن 27 من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. ويذكر أن الترحيل القسري للمهاجرين ينتهك القوانين الدولية وقوانين الاتحاد الأوروبي على حدٍّ سواء، ويُعرّف بأنه إجبار المواطنين على اجتياز الحدود الدولية قسراً دون تقييم حقهم في طلب اللجوء أو أشكال الحماية الأخرى.
تحقيق ووثائق
فحص محققو مكتب مكافحة الاحتيال المعلومات الواردة في المصادر المفتوحة والتقارير الإعلامية، وطلب الوثائق من "فرونتكس" والمفوضية الأوروبية.
كما أجروا مقابلات مع 20 من شهود العيان للتحقيق في الاتهامات بالتورط في أو التستر على عمليات الترحيل القسري غير القانونية، فضلاً عن اتهامات سوء السلوك والمخالفات الأخرى.
أردف التقرير: "خلص المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال إلى صحة المزاعم القائمة، بناءً على الأدلة التي جرى جمعها أثناء التحقيق".
يُذكر أن فابريس ليغري، المدير التنفيذي لوكالة فرونتكس، استقال عقب صدور تقرير المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال في فبراير/شباط، وبعد التحقيقات الإعلامية المتكررة التي اتهمت الوكالة بالتورط في الترحيل القسري.
يروي التقرير تفاصيل سوء التعامل مع اتهامات الترحيل القسري التي لا يجري الإبلاغ عنها عادةً أو لا يتم التحقيق فيها بموجب قواعد "فرونتكس" نفسها، وضمن ذلك التقارير المتداولة عن وضع المهاجرين في قوارب النجاة وإطلاقهم في عرض البحر.
وأفاد التقرير بأن موظفي "فرونتكس" ربما فشلوا في الإبلاغ عن عمليات الترحيل القسري المزعومة؛ خوفاً من ردود فعل اليونان. إذ أوضح التقرير أن طائرة المراقبة التابعة لـ"فرونتكس" حلّقت مبتعدةً عن مكان إحدى وقائع الترحيل القسري المزعومة في إحدى الحالات؛ "حتى لا يصبحوا شهوداً على الواقعة التي حدثت في بحر إيجة".
بينما أبلغ عضوٌ في "فرونتكس" عن مخاوفه في رسالةٍ بالبريد الإلكتروني في الخامس من أغسطس/آب عام 2020، بعد أن شهدت طائرة تابعة لـ"فرونتكس" على قيام السلطات اليونانية بإجبار قارب مهاجرين خفيف على العودة إلى المياه الإقليمية التركية.
وقالت الرسالة: "لا شك في أن سحب قارب خفيف ومتكدس إلى البحر المفتوح في جنح الليل يُعتبر من المواقف التي يمكن أن تهدد حياة الركاب بشكلٍ خطير. ووصلت تعليمات من خفر السواحل اليوناني إلى طائرتنا بالتحليق بعيداً عن الموقع على الفور".
كما أفاد محققو الاتحاد الأوروبي بأن "فرونتكس" شاركت معلومات خاطئة ومتحيزة مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي، وضمن ذلك أعضاء المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي المكلفون بمساءلة الوكالة، إضافة إلى محققي المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال.
فيما قالت كورنيليا إرنست، المشرعة اليسارية في البرلمان الأوروبي، التي أكّدت صحة التقرير: "أنا سعيدةٌ لنشر تقرير المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال أخيراً، لأنه كان يستحق النشر منذ البداية".
بينما يُذكر أن اليونان منحت ليغري أحد أوسمة الدولة في يناير/كانون الثاني، وشكرته على مساعدته البلاد في خفض معدلات المهاجرين الوافدين.
لكن تقرير المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال يُثير التساؤلات حول الكيفية التي ستواصل من خلالها "فرونتكس" العمل داخل اليونان. إذ تنص قواعد "فرونتكس" على قيام قائد الوكالة بتعليق أو وقف أنشطتها في حال شهد "أي انتهاكات للحقوق الأساسية أو التزامات الحماية الدولية بصورةٍ تُعتبر خطيرةً أو من المرجح استمرارها".