كشفت صحيفة وول ستريت جورنال، في تقرير نشرته الثلاثاء 11 أكتوبر/تشرين الأول 2022، أن السعودية رفضت الاستجابة لمناشدات مسؤولين أمريكيين تأجيل قرار خفض إنتاج النفط ضمن مجموعة "أوبك بلاس".
الصحيفة ونقلاً عن مصادر مطلعة على المحادثات قالت إن المسؤولين الأمريكيين، قبل أيام من اتخاذ القرار في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول 2022، اتصلوا بنظرائهم في المملكة وغيرها من دول الخليج المنتجة للنفط للمطالبة بإرجاء القرار شهراً آخر لكنهم رفضوا.
حملة ضغط على السعودية
في حين قال أشخاص مطلعون على الأمر إن المسؤولين الأمريكيين شنوا حملة ضغط مكثفة لإقناع السعودية بتأجيل خططها، وأجرى مسؤولو البيت الأبيض عدة مكالمات مع ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، وتحدثت وزيرة الخزانة جانيت يلين، إلى وزير المالية السعودي، وفقاً للصحيفة.
كذلك فقد أشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن المسؤولين الأمريكيين حذروا القادة السعوديين من أن واشنطن ستنظر إلى قرار الخفض على أنه انحياز واضح لروسيا في حرب أوكرانيا، وأن هذه الخطوة ستضعف الدعم في واشنطن للمملكة.
في الوقت نفسه، رفض المسؤولون السعوديون هذه الطلبات واعتبروها "مناورة سياسية" من قبل إدارة الرئيس، جو بايدن، لتجنب إضعاف موقف حزبه في انتخابات التجديد النصفي، وفقاً لمصادر الصحيفة.
في حين شكك المسؤولون الأمريكيون في التقييم السعودي بأن أسعار النفط على وشك الانخفاض، وطالبوا الرياض بالانتظار ورؤية رد فعل السوق، وقالوا إن بمقدور "أوبك بلاس" التصرف كيفما شاءت إذا انهارت الأسعار.
من جانبها، قالت وول ستريت جورنال إن التأخير لمدة شهر واحد، الذي طلبته واشنطن، كان سيعني خفض الإنتاج في الأيام التي تسبق الانتخابات (الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني)، ولن يكون لها تأثير كبير على المستهلكين قبل التصويت.
زيارة بايدن للسعودية
وفقاً لأشخاص داخل الحكومة السعودية، فإن زيارة بايدن للسعودية في يوليو/تموز، "لم تفعل شيئاً يذكر لتغيير تصميم الأمير محمد بن سلمان على رسم سياسة خارجية مستقلة عن النفوذ الأمريكي".
كما أكد الأشخاص ذاتهم أن الزيارة أغضبت ولي العهد، الذي كان منزعجاً من أن بايدن تحدث علناً عن تعليقاته الخاصة مع العائلة المالكة بشأن وفاة جمال خاشقجي.
زيادة إنتاج النفط
ذكرت نفس المصادر أن الرياض كانت تخطط، في أغسطس/آب، لدفع "أوبك بلاس" لزيادة إنتاج النفط بمقدار 500 ألف برميل يومياً، في محاولة لإرضاء بايدن، لكن الأمير أمر بخفض الزيادة إلى 100 ألف برميل يومياً بعد الزيارة.
في السياق ذاته، أرسل مبعوث وزارة الخارجية الأمريكية لأمن الطاقة، آموس هوشستين، رسالة إلكترونية إلى وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، تشير إلى أنه نكث بوعده حول رفع الإنتاج، حسبما قال أشخاص مطلعون على الأمر لـ"وول ستريت جورنال".
قال الأشخاص إن الرسالة الإلكترونية أغضبت الوزير السعودي وعززت تصميمه على صياغة سياسة نفطية مستقلة عن الولايات المتحدة.
علاقات استراتيجية
من ناحية أخرى، وصف وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، الثلاثاء، علاقات بلاده مع الولايات المتحدة الأمريكية بـ"الاستراتيجية"، واعتبر أن قرار تحالف "أوبك+" خفض إنتاج النفط الخام "اقتصادي بحت".
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها لقناة "العربية" السعودية في ظل انتقادات ودعوات أمريكية إلى إعادة تقييم العلاقات مع المملكة، إثر دعمها خفض إنتاج النفط، ما أغضب واشنطن.
جدير بالذكر أنه وفي 5 أكتوبر/تشرين الأول 2022 أعلن تحالف "أوبك+" خفض إنتاج دوله الأعضاء من النفط بمقدار مليوني برميل يومياً، بداية من نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
كذلك قال الأمير فيصل: "لا جوانب سياسية لقرار أوبك+، ولا ننظر لأي تفسيرات سياسية له"، واصفاً إياه بأنه "اقتصادي بحت". وشدد على أن "العلاقة مع واشنطن استراتيجية وداعمة لأمن واستقرار المنطقة".
تابع: "التعاون العسكري بين الرياض وواشنطن يخدم مصلحة البلدين وساهم في استقرار المنطقة.. علاقتنا مع الولايات المتحدة مؤسسية منذ تأسيسها".