قالت وكالة رويترز، الخميس 6 أكتوبر/تشرين الأول 2022، إن وفداً من حركة المقاومة الإسلامية بفلسطين سيزور سوريا هذا الشهر، في خطوة تسعى فيها حماس لإعادة العلاقات بعدما نأت بنفسها لسنوات عن الرئيس بشار الأسد، بسبب قمعه العنيف للاحتجاجات في بلاده.
حيث قال مسؤول بارز في حماس، إن الزيارة ستتم بعد أن يختتم وفد حماس زيارة في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول 2022، للجزائر؛ لبحث المصالحة مع حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
فيما أكد مصدر ثانٍ، وهو مسؤول فلسطيني مطلع، التفاصيل المتعلقة بزيارة سوريا.
لكن مصدراً فلسطينياً في سوريا نفى أن تكون هناك زيارة مخططة، بينما أحجم مسؤولون من حماس في قطاع غزة عن التعليق، ولم يصدر تعليق بعد من الحكومة السورية.
وأيدت قيادات حماس علناً الانتفاضة السورية التي اندلعت عام 2011 ضد حكم الأسد، وأخلت الحركة مقرها بدمشق في 2012، وهي خطوة أغضبت إيران، الحليف المشترك لسوريا وحماس.
وعادت العلاقات بين حماس وإيران فيما بعد، وأشاد مسؤولون من الحركة بالجمهورية الإسلامية؛ لمساعدتها في بناء ترسانة صواريخ أطول مدى بالقطاع، استخدموها في قتال إسرائيل.
من شأن تطبيع العلاقات مع حكومة الأسد أن يساعد في عودة حماس لما يسمى "محور المقاومة" ضد إسرائيل الذي يضم أيضاً إيران وجماعة حزب الله اللبنانية الشيعية.
قرار أثار جدلاً
وأثار قرار حركة "حماس" إعادة العلاقات مع نظام بشار الأسد في سوريا، بعد أكثر من 10 سنوات من القطيعة، جدلاً وانقساماً بالآراء حول موقفها.
موقع Middle East Eye البريطاني قال نقلاً عن مصدر بالحركة، إن "النقاش كان مستمراً بين مؤسسات حماس الداخلية حول هذا القرار، واتخذ مجلس الشورى العام قراره الدخول في مفاوضات لإعادة العلاقات مع سوريا".
مصدر بارز أيضاً في "حماس" قال للموقع البريطاني أيضاً، إن إيران و"حزب الله" بذلا جهوداً مضنية لإعادة العلاقات بين حماس والأسد على مدى الأشهر والسنوات الماضية.
أشار المصدر إلى أن نقطتي الخلاف الأساسيتين بالنسبة لنظام الأسد لإعادة العلاقات كانتا: أن تقدم حركة حماس اعتذاراً عن موقفها من الحرب في سوريا، وأنها لن تسمح لبعض أعضائها بدخول البلاد مرة أخرى، وأبرزهم خالد مشعل.
أوضح المصدر أن "حماس رفضت الاعتذار رفضاً قاطعاً، واتفقت على إصدار بيان يؤكد دعمها للقيادة السورية، وهذا ما عبَّر عنه بيانها الأخير"، إذ أدانت الحركة تعرض مواقع في سوريا لقصف من قِبَل إسرائيل.
توّقع المصدر أن يزور وفد من "حماس" نظام الأسد في الأيام المقبلة، بقيادة موسى أبو مرزوق أو خليل الحية، وليس رئيس المكتب السياسي، إسماعيل هنية، في هذه المرحلة.
بحسب الموقع البريطاني، لا تتوقع "حماس" أن تعود قيادتها للإقامة في سوريا، بسبب الوضع الأمني الناتج عن القصف الإسرائيلي، وانعدام الاستقرار في مناطق مختلفة من سوريا، بين نظام الأسد والقوى الأخرى الموجودة في سوريا.
في هذا الصدد، قال المصدر من "حماس" إن "سوريا لم تعد كما كانت من قبل، ووضعها الأمني صعب، والقيادة لن تعود للإقامة فيها، وإعادة العلاقات قرار سياسي ولوجستي لتعزيز التحالفات في المنطقة".
قرار "حماس" إعادة العلاقات مع الأسد أثار مواقف متناقضة حيال هذه الخطوة، وأعرب عدد من الأشخاص والجماعات الداعمة للحركة عن استيائهم من قرار التطبيع مع الأسد.
نائب رئيس "الحركة الإسلامية" في فلسطين، كمال الخطيب، انتقد إعادة العلاقات مع نظام الأسد من قِبَل "حركات ودول"، دون أن يلمح بطريقة مباشرة إلى حركة "حماس".
الخطيب قال في منشور على صفحته في "فيسبوك: "أما أنا، فسيظل بشار الأسد ونظامه في عيني، مجرمين وقتلة، قتلوا قريباً من مليون وهجروا أكثر من 12 مليوناً من أبناء الشعب السوري الشقيق، ولن يتغير موقفي هذا حتى وإن غيّرت موقفها منه جماعات وحركات ودول".
أضاف الخطيب: "إن من وقف إلى جانب شعبنا الفلسطيني هو الشعب السوري الشقيق منذ نكبة شعبنا الفلسطيني عام 1984 بل وقبل ذلك، وما استشهاد الشيخ السوري عز الدين القسام عام 1936 على أرض فلسطين إلا خير شاهد، أما موقف النظام الدموي الطائفي، فلم يكن إلا قائمة من المجازر، بدءاً من مجـزرة تل الزعتر 1976 ومروراً بتواطئه في مجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982، وانتهاءً بمجزرة تدمير مخيم اليرموك".
من جانبه، وصف صالح النعامي، الكاتب السياسي المقرب من "حماس" في غزة، خطوة إعادة العلاقات مع نظام "الطاغية الصغير" بشار الأسد بـ"الخطيئة الأخلاقية".
النعامي قال إن "هذا القرار لا يتعارض فقط مع سقف توقعات الأمة من الحركة، بل لا يعبر أيضاً عن موقف قواعد الحركة والأغلبية الساحقة من نخبها".
أضاف: "كان يمكن تفهُّم هذه الخطوة وفق حسابات الواقعية السياسية والاستراتيجية، لو كانت تمنح الحركة قواعد جديدة لإطلاق عملها المقاومة بشكل يخفف العبء عن ساحات عملها الحالية، لكن في وقت يستهدف فيه الصهاينة باستمرارٍ النظام والوجود الإيراني في سوريا، فلا يمكن أن يكون هذا الرهان واقعياً".
بدوره، كتب الكاتب الفلسطيني محمد خير موسى، المقيم في تركيا، بحسابه على تويتر، أن بيان حماس "مؤسف وموجع"، وأن ما تم "تقديمه في سياق التبرير لإعادة العلاقة لا يعدو أن يكون مصالح موهومة غير حقيقية".
غير أن بعض المحللين السياسيين يرون أن "حماس" لا تملك رفاهية رفض إعادة العلاقات مع سوريا، فحماس تربطها علاقات وثيقة بإيران، الحليف الرئيسي لنظام الأسد، والذي يمده بالمال والأسلحة وغيرهما من الدعم اللوجستي.
كذلك لا تزال علاقات "حماس" بـ"حزب الله"، الحليف الرئيسي للأسد في لبنان، قويةً أيضاً.