كشفت مصادر مطلعة لـ"عربي بوست" أن زيارة رئيسة الحكومة الفرنسية إليزابيت بورن للجزائر يوم الأحد 9 أكتوبر/تشرين الأول، ستتضمن عقد اللجنة الوزارية المشتركة رفيعة المستوى التي لم تلتئم منذ 5 سنوات.
وستصطحب بورن في زيارتها وفداً من 16 وزيراً من الحكومة للمشاركة في اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة.
ومن بين أبرز الوزراء الذين سيسافرون إلى الجزائر، رفقة بورن، وزير الاقتصاد برونو لومير، ووزير التعليم باب ندياي، ووزيرة الثقافة ريما عبد المالك، ووزير الداخلية جيرار دارمانين، ووزيرة الخارجية كاثرين كولونا، ووزير الطاقة أغنيس بانييه.
وستعقد بورن لقاء مشتركاً مع نظيرها الجزائري أيمن بن عبد الرحمن. وستناقش رئيسة الحكومة الفرنسية مع نظيرها الجزائري عدة ملفات؛ أبرزها الهجرة والتأشيرة والطاقة والثقافة والذاكرة المشتركة والأرشيف.
استكمال ما بدأه ماكرون في الجزائر
تأتي زيارة رئيسة الحكومة الفرنسية إليزابيث بورن استكمالاً لزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للجزائر نهاية شهر أغسطس/آب الماضي.
وعرفت تلك الزيارة تطبيعاً للعلاقات بين البلدين بعد توتر دام ثلاث سنوات، تخللها سحب السفير الجزائري من باريس واستدعاء السفير الفرنسي لدى الجزائر مرتين للاحتجاج.
ووقع إيمانويل ماكرون 18 اتفاقية مع نظيره عبد المجيد تبون، كانت أبرزها الاتفاق على زيادة الجزائر ضخ الغاز لباريس بنسبة 50% لتجاوز أزمة الطاقة التي تسببت بها الحرب الروسية على أوكرانيا، وإعطاب المفاعلات النووية الفرنسية.
وستعمل الوزيرة الفرنسية على الخوض في تفاصيل الاتفاقيات التي وقعها ماكرون مع تبون، والتي تم توقيعها في آخر لحظة بمطار هواري بومدين قبل أن يهم الرئيس الفرنسي بمغادرة الجزائر. وتعد تلك المرة الأولى التي يتم توقيع اتفاقيات هامة في القاعة الشرفية للمطار.
وحسب مصادر "عربي بوست" فإن تركيز الوفد الفرنسي الذي سيزور الجزائر بداية الأسبوع القادم، منصب على ملفي الطاقة والثقافة بالدرجة الأولى، والهجرة والذاكرة في الدرجة الثانية.
جرعة أخرى للعلاقات
يمثل عقد اللجنة الوزارية المشتركة رفيعة المستوى بين الجزائر وفرنسا دفعة قوية للعلاقات الثنائية بين البلدين، خاصة أن الجزائر استعملت الاجتماع أكثر من مرة للضغط على الطرف الفرنسي.
وحاولت فرنسا عقد اللجنة الوزارية المشتركة 3 مرات منذ وصول تبون إلى سدة الحكم نهاية 2019، لكن الجزائر أجلتها مرتين بحجة الوباء مرة وبسبب ضعف الوفد الفرنسية مرة أخرى. بينما ألغتها في المرة الثالثة بعد تصريحات ماكرون بشأن تاريخ الجزائر والتشكيك في وجود الأمة الجزائرية قبل الاستعمار الفرنسي.
ووفق المحلل السياسي فاتح بن حمو، فإن زيارة رئيسة الحكومة الفرنسية من شأنها أن تعطي جرعة إضافية لإنعاش العلاقات الجزائرية الفرنسية بعد توتر دام لسنوات.
وأضاف حمو لـ"عربي بوست" أن أهمية زيارة بورن تكمن في إعادة التمركز في السوق الجزائرية بعد تفوق كل من الصين وتركيا وإيطاليا عليها.
وحسب المحلل عينه، فإن باريس ستعمل على العودة بقوة في المجال الثقافي لا سيما بعد أن قررت الجزائر التخلي تدريجياً عن اللغة الفرنسية لصالح الإنجليزية.
الثقافة والأمن والطاقة
رغم أن وفد رئيسة الحكومة الفرنسية يتكون من 16 وزيراً، إلا أن ملفات الثقافة والأمن والطاقة هي الأهم بالنسبة للفرنسيين.
ويرى بن حمو أن عقد اللقاء الأمني الرفيع بين تبون وقائد جيشه وقادة مخابراته مع نظرائهم الفرنسيين خلال زيارة ماكرون لأول مرة منذ الاستقلال، يؤكد أن العلاقات الأمنية بين البلدين تعرف تحولاً تاريخياً غير مسبوق.
ويضيف المحلل السياسي فاتح بن حمو أن فرنسا تحاول لمْلمَة خسائرها في القارة الإفريقية لا سيما في الساحل الإفريقي، من خلال التعاون مع الجزائر أمنياً.
أما المجال الثقافي الذي يعرف تراجعاً غير مسبوق في الجزائر، بسبب تنامي العداء للثقافة الفرنسية بعد اندلاع الحراك الشعبي بداية 2019، فتسعى فرنسا لتعزيزه عن طريق إبرام اتفاقية جديدة وزيادة المنح الدراسية ورعاية المشاريع الشبابية المشتركة.
أما بشأن الطاقة فتحاول بورن والوفد المرافق لها الحصول على توقيعات والتزامات رسمية تماشياً مع تلك الوعود التي حصل عليها ماكرون أثناء زيارته إلى الجزائر قبل شهر. ووعدت الجزائر بزيادة تصدير الغاز لفرنسا بنسبة 50%.