روى ناجون إندونيسيون من الكارثة التي وقعت في مباراة لكرة القدم، مشاهد الذعر التي شاهدوها عندما أدت أعمال شغب يوم السبت 1 أكتوبر/تشرين الأول 2022، إلى مقتل 174 شخصاً وإصابة عشرات آخرين.
سام غيلانغ أحد الناجين، مثله مثل الآلاف من المشجعين المذعورين الآخرين، إذ سارع محاولاً الهروب من ملعب مالانغ لكرة القدم، عندما أطلقت الشرطة الإندونيسية الغاز المسيل للدموع ودفعت الحشد بالهراوات.
يقول الشاب البالغ من العمر 22 عاماً، والذي فقد ثلاثة من أصدقائه في هذه المأساة، في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية: "كان الناس يتدافعون (…) تعرض الكثيرون منهم للدهس وهم في طريقهم إلى البوابة"، مضيفاً: "كان الأمر مرعباً وصادماً جداً".
تزاحم المتفرجون وبينهم نساء وأطفال حتى داسوا بعضهم على بعض، في محاولة يائسة للهروب من ملعب "كانجوروهان" في مدينة مالانغ شرق جزيرة "جاوة الشرقية.
حوصر متفرجون وديس بعضهم حتى الموت أو اختنقوا في واحدة من أسوأ كوارث الملاعب على الإطلاق.
قدّم ثلاثة ناجين على الأقل الوصف نفسه لسلسلة الأحداث المأساوية، بعدما انطلقت صافرة نهاية المباراة، التي فاز فيها فريق المدينة المجاورة "بيرسيبايا سورابايا" 3 مقابل 2 ضد الفريق المحلي.
تدفق آلاف المشجعين إلى أرض الملعب بعد المباراة، بعضهم غاضب والبعض الآخر صافح لاعبي نادي "أريما إف سي" لكرة القدم الذين كانوا يلعبون على أرضهم.
في المدرجات توجه مشجعون بشتائم للشرطة، وأطلقوا عبوات دخان بينما ركض بعضهم عبر الملعب.
بدأ الجمهور يتدافع عندما أرادت الشرطة إجباره على العودة إلى المدرجات مستعملة الدروع والهراوات، ثم بدأت الشرطة بإلقاء عبوات الغاز المسيل للدموع على المدرجات المقابلة لبوابتي الخروج رقم 12 و13.
من جانبها، تحدثت الشرطة عن "أعمال شغب"، لكن بعض الشهود رفضوا هذه الرواية، وقال دوني (43 عاماً) الذي كان في المدرجات، للوكالة الفرنسية: "لم يحصل أي شيء، لم تكن هناك أعمال شغب. لا أعرف ما حدث، أطلقوا الغاز المسيل للدموع فجأة"، مضيفاً: "ما صدمني هو أنهم لم يفكروا في النساء والأطفال".
"دخان في كل مكان"
إطلاق الغاز المسيل للدموع على المدرجات كان قد تسبب بإثارة الذعر، وصرخ البعض واندفع مئات سوياً نحو البوابات.
يقول المشجّع فيان (17 عاماً): "انتشر الدخان في كل مكان (…) وأصبت بالذعر. كان المخرج مزدحماً، لم أعرف ماذا أفعل ولم أعرف إلى أين أتجه".
يتذكر وهو يتنفس بصعوبة سماعه صرخات: "اهربوا إلى مخارج الطوارئ على اليسار"، لكن في هذه المخارج الضيقة لقي كثيرون حتفهم، وشوهد بعض المشجعين الذين تمكنوا من الخروج يحملون جثثاً.
بعد إطلاق الغاز المسيل للدموع، ساد الغضب أنحاء الملعب، ورشق المشجعون عدداً من المقذوفات والحجارة والزجاجات البلاستيكية في اتجاه الشرطة التي كانت تحاول إجلاء المسؤولين، كما قلب مشجعون سيارات وشاحنات شرطة وأضرموا فيها النار.
المشجع غيلانغ قال إن "الشرطة كانت متغطرسة للغاية، كان بإمكانها الاكتفاء بإبعاد المشجعين، كانت الهراوات كافية ولا داعي لاستخدام الغاز المسيل للدموع".
عاشت مدينة "مالانغ" حالة حداد، الأحد 2 أكتوبر/تشرين الأول 2022، بعد أن رأت عائلات كثيرة أحباء يغادرون إلى الملعب لكنهم لم يعودوا.
من جهته، اعتذر نادي "أريما" الإندونيسي لضحايا التدافع المميت، وقال رئيس النادي "جيلانج ويديا برامانا"، إنه مستعد لتحمل المسؤولية الكاملة عن الأحداث.
في حين قال وزير الأمن الإندونيسي محمد محفوظ في مؤتمر صحفي، الإثنين 3 أكتوبر/تشرين الأول 2022: سنشكل فريقاً مستقلاً لتقصي الحقائق والمساعدة في تحديد المتورطين في الكارثة.