قال سكان مقيمون بالعاصمة الإيرانية طهران إن المتظاهرين بدأوا يلجأون إلى التجمعات الصغيرة، وتجنُّب الحشود الكبيرة والاشتباكات في الشوارع مع قوات الأمن، وأخذوا يعتمدون على أسلوب المظاهرات الصغيرة المباغتة وأدوات الاحتجاج الفردية (مثل اللافتات والهتافات وغيرها) ضد الحكومة.
إذ ردَّت المصادر بعض أسباب تراجع المحتجين عن الاحتشاد في مظاهرات كبيرة إلى حملة القمع الشديدة التي شنتها السلطات، والتهديد بالاعتقال، وعزل الشرطة للمناطق المركزية بالمدينة، ومنع المتظاهرين من الوصول إليها، وذلك حسبما نشرت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية في تقريرها الخميس 29 سبتمبر/أيلول 2022.
تجمعات قليلة العدد في طهران
كذلك فقد أشارت المصادر إلى أن المحتجين لجأوا إلى الاحتشاد في تجمعات قليلة العدد بأحياء طهران التي لم تغلقها السلطات، واستعانوا بالأدوات الفردية لإبداء الاحتجاج والمعارضة، مثل جلوس النساء على المقاهي وطوافهن بالدراجات بلا حجاب، والهتاف من فوق أسطح المنازل بشعارات مناهضة للحكومة، ورسوم الجدران المهاجمة لزعماء السلطة في البلاد ببعض المناطق.
في حين نقلت وسائل إعلام رسمية عن محسن منصوري، محافظ طهران، قوله إن الاحتجاجات في العاصمة قد انتهت، وإن الأمن عاد إلى أرجاء المدينة.
من جانبه قال أحد سكان العاصمة إن سيارات أمن اصطفت يوم الخميس 29 سبتمبر/أيلول 2022، في ساحة "بازار تاجريش" بشمال طهران، وهي منطقة يغلب عليها الازدحام وكثرة الزوار في العادة؛ لمنع الاحتجاجات على ما يبدو.
في حين قال المصدر إن قوات الأمن فرضت حراسة مشددة على مناطق وسط العاصمة يوم الخميس 29 سبتمبر/أيلول 2022، فتعذَّر الوصول إليها، ما ألجأ المتظاهرين إلى إقامة احتجاجات أصغر في حي الصادقية غربي المدينة، وفي مواقع أخرى.
في المقابل لا يشي ذلك التغير في هيئة التظاهرات بتراجعٍ في الغضب السائد بين الشباب الإيرانيين والنساء الذين تزعموا الاحتجاجات، وإنما يشير إلى أن الاحتجاجات التي افتقرت إلى قيادة واضحة ما انفكت تتطور إلى حركة طويلة المدى، على خلاف مثيلاتها في مرات سابقة. وقال مراقبون إن هذه الاحتجاجات سيكون من الصعب على السلطات القضاء عليها.
من جانبه يرى أمين سبيتي، الناشط الإيراني وخبير الأمن السيبراني المقيم في لندن، أنّ "تراجع المظاهرات في الوقت الحالي ليس أمراً يعتد به، فما حدث لا رجعة عنه".
في سياق ذي صلة فقد لجأ المتظاهرون إلى ترديد هتاف "الموت للمستبد" ومهاجمة المرشد الأعلى علي خامنئي من قلب المباني السكنية وسط طهران ليلاً. وقالت مصادر إن الهتافات سُمعت أيضاً في أحياء الأثرياء بطهران، والتي قلَّما شهدت مظاهرات في موجة الاحتجاجات الحالية، وأكثرها لم يشهد أي احتجاجات.
الدعوة لاضرابات في البلاد
قالت مصادر من العاصمة إن المجموعات الطلابية والنقابات العمالية واصلت التصريح بدعمها للمتظاهرين، والدعوة إلى إضرابات في جميع أنحاء البلاد، وإن لم تشهد البلاد إضرابات واسعة النطاق حتى الآن، لأن البلاد كانت في أيام العطلة.
من جانبها أصدرت اتحادات طلاب الكليات العلمية بجامعة طهران بياناً الخميس 29 سبتمبر/أيلول 2022 حثَّت فيه الطلاب على الانضمام إلى إضراب عام في جميع أنحاء البلاد، احتجاجاً على قمع السلطات للتظاهرات. وقال البيان: "إن حضورنا إلى الفصول في ظل ما تشهده البلاد يعني التغاضي عن طمس الحقيقة وقمع الوعي وانتهاك حقوق الإنسان".
كذلك وعلى أمل الحدِّ من الإضرابات الطلابية، أعلنت وزارة العلوم أن جميع الفصول الدراسية الجامعية ستُعقد في قاعات المحاضرات ابتداء من يوم السبت 1 أكتوبر/تشرين الأول. وكانت بعض جامعات طهران قررت الأسبوع الماضي تنظيم الفصول الدراسية عبر الإنترنت عندما بدأت الاحتجاجات.
في السياق نفسه، واصلت السلطات اعتقال الصحفيين والناشطين ومعارضي النظام، ومنهم الصحفية إلاهي محمدي، التي قدمت تقريراً عن جنازة مهسا أميني في 17 سبتمبر/أيلول 2022 من مسقط رأسها في بلدة سقز شمالي البلاد.