كشف باحثون أمنيون أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية استخدمت مئات المواقع الإلكترونية للاتصالات السرية التي كانت معيبة للغاية، ويمكن حتى لـ"محقق هاوٍ" التعرف عليها، حسبما ذكرت صحيفة The Guardian البريطانية، الخميس 29 سبتمبر/أيلول 2022.
بحسب التقارير، فقد أدت العيوب إلى مقتل أكثر من 20 مصدراً استخباراتياً أمريكياً في الصين في عامي 2011 و2012، كما قادت إيران إلى إعدام أو سجن أصول أخرى لوكالة المخابرات المركزية.
البحث الجديد أجراه خبراء أمنيون في مختبر "سيتيزن لاب" (Citizen Lab) الكندي المختص بالأمن الإلكتروني بجامعة تورنتو الكندية، وبدأوا التحقيق في الأمر بعد تلقي معلومة من المراسل جويل شيكتمان في رويترز.
وقالت المجموعة إنها لم تنشر تقريراً تقنياً مفصلاً كاملاً لنتائجها لتجنب تعريض أصول وكالة المخابرات المركزية أو موظفيها للخطر. لكن النتائج المحدودة التي توصلت إليها تثير شكوكاً جدية بشأن طريقة تعامل وكالة المخابرات مع إجراءات السلامة.
شبكة ضخمة لمئات المواقع الإلكترونية
باستخدام موقع إلكتروني واحد ومواد متاحة للجمهور فقط، قال "سيتيزن لاب" إنه حدد شبكة من 885 موقعاً على شبكة الإنترنت التي لديه "ثقة عالية" أن وكالة المخابرات المركزية استخدمتها. ووجد أنَّ هذه المواقع يُزعَم أنها معنية بالأخبار والطقس والرعاية الصحية وغيرها من المواقع المشابهة.
وقالت شركة "سيتيزن لاب" في بيان: "بمعرفة موقع إلكتروني واحد فقط، من المحتمل أن أحد المحققين الهواة المتحمسين استطاع رسم خريطة لشبكة المخابرات الأمريكية ونسبها إلى الإدارة الأمريكية، بينما كانت هذه المواقع الإلكترونية نشطة".
كانت المواقع نشطة بين عامي 2004 و2013 وربما لم تستخدمها وكالة المخابرات المركزية مؤخراً، لكن "سيتيزن لاب" قال إنَّ مجموعة فرعية من المواقع كانت مرتبطة بموظفين أو أصول استخباراتية نشطة، بما في ذلك متعاقد أجنبي وموظف حالي في وزارة الخارجية.
ويرى "سيتيزن لاب" أنَّ "البناء المتهور لهذه البنية التحتية من وكالة المخابرات المركزية أدى بشكل مباشر إلى تحديد الأصول وإعدامها، وخاطر بلا شك بحياة عدد لا يحصى من الأفراد الآخرين. نأمل أن يؤدي هذا البحث وعملية الكشف المحدودة لدينا إلى المساءلة عن هذا السلوك المتهور".
الاستخبارات الأمريكية ترفض التشكيك بها
من جانبها، قالت المتحدثة باسم وكالة المخابرات المركزية، تامي كوبرمان ثورب: "تأخذ وكالة المخابرات المركزية التزاماتها لحماية الأشخاص الذين يعملون معنا على محمل الجد، ونعلم أن العديد منهم يفعلون ذلك بشجاعة، وفي مواجهة مخاطر شخصية كبيرة. فكرة أن وكالة المخابرات المركزية لن تعمل بجدية قدر الإمكان لحمايتهم هي فكرة خاطئة".
يعود أصل القصة إلى عام 2018، عندما أفاد المراسلان جينا ماكلولين وزاك دورفمان من موقع "ياهو نيوز" لأول مرة بأن النظام الذي تستخدمه وكالة المخابرات المركزية للتواصل مع الأصول قد تعرض للاختراق من إيران والصين؛ مما أدى إلى مقتل أكثر من 20 مصدراً استخباراتياً في الصين في عامي 2011 و2012.
ونقل ياهو نيوز عن مخاوف بين الأشخاص المطلعين على هذا الفشل أن المسؤولين لم يخضعوا مطلقاً للمساءلة.
على صعيد آخر، بدأ مختبر "سيتيزن لاب" التحقيق في الأمر عندما حصل على معلومات من المراسل شيكتمان بشأن أحد أصول المخابرات المركزية الأمريكية في إيران الذي ألقي القبض عليه وقضى 7 سنوات في السجن، ليقرر "سيتيزن لاب" لاحقاً أنها "شبكة غير آمنة وقاتلة".
ونشرت وكالة رويترز تقريرها الكامل بعنوان "جواسيس أمريكا المنبوذون: كيف خذلت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية المخبرين الإيرانيين في حربها السرية مع طهران"، الخميس 29 سبتمبر/أيلول.