أعلنت السلطات الإيرانية، الأربعاء 21 سبتمبر/أيلول 2022، عن مقتل ثلاثة أشخاص بينهم أحد أفراد قوات الأمن، خلال الاضطرابات التي تجتاح البلاد، على أثر وفاة شابة في أثناء احتجاز الشرطة لها، ما فجَّر موجة احتجاجات لا تزال تتواصل لليوم الخامس.
وكالة الأنباء الفرنسية نقلت عن مصادر رسمية- لم تسمها- قولها إن ما يصل إلى سبعة أشخاص قُتلوا منذ اندلاع الاحتجاجات يوم السبت 17 سبتمبر/أيلول 2022، بسبب وفاة مهسا أميني، وهي شابة تبلغ من العمر 22 عاماً من إقليم كردستان الإيراني، توفيت الأسبوع الماضي بعد اعتقالها في طهران بسبب "ملابسها غير اللائقة".
خرج المتظاهرون إلى الشوارع في نحو 15 مدينة إيرانية فعطلوا حركة المرور وأشعلوا النار بمستوعبات النفايات ومركبات الشرطة، ورشقوا قوات الأمن بالحجارة، وردّدوا شعارات مناهضة للنظام.
في حين استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع وأجرت عمليات توقيف لتفريق المتظاهرين، وفق وكالة الأنباء "إرنا".
كما تجمَّع رجال ونساء خلعت كثيرات منهن حجابهن، في طهران وفي مدن رئيسية أخرى بالبلاد، لاسيما في مشهد (شمال شرق) وتبريز (شمال غرب) ورشت (شمال) وأصفهان (وسط) وكيش (جنوب)، بحسب "إرنا".
أظهرت مقاطع مصورة تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، متظاهرين وهم يسيئون إلى رموز الجمهورية الإسلامية ويخوضون مواجهات مع قوات الأمن.
في أحد المقاطع قام شخص بتسلق واجهة مبنى البلدية في مدينة ساري بشمال إيران ومزق صورة "آية الله الخميني" الذي أسس النظام الإسلامي الإيراني بعد ثورة 1979، كما أظهرت فيديوهات أخرى تمزيق صور للزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي.
في مقابل الاحتجاجات، نظمت عناصر من "الباسيج"، وهي ميليشيا تابعة للحرس الثوري الإيراني، مسيرات خاصة بها في طهران الأربعاء 22 سبتمبر/أيلول 2022، وأظهر مقطع مصوَّرٌ المشاركين وهو يرددون هتافات تقول: "شرطة الأخلاق مجرد ذريعة، ما يستهدفونه هو النظام نفسه".
أشارت وكالة "إرنا" إلى أن "معاون شرطة" توفي متأثراً بجروح أصيب بها الثلاثاء 20 سبتمبر/أيلول 2022، في مدينة شيراز بجنوب البلاد، ونقلت الوكالة عن مسؤول، قوله إنه جرى إلقاء القبض على 15 متظاهراً في شيراز.
بدوره، أكد قائد شرطة محافظة كردستان، في تصريحات لوكالة أنباء "تسنيم" شبه الرسمية، الأربعاء 21 سبتمبر/أيلول 2022، مقتل أربعة أشخاص في وقت سابق من هذا الأسبوع بإقليم كردستان، وقال إنهم أصيبوا برصاص لا تستخدمه قوات الأمن، مضيفاً أن "عصابات" أرادت إلقاء اللوم على مسؤولي الشرطة والأمن، بحسب قوله.
في موازاة ذلك، قالت منظمة هنجاو إن 450 شخصا أصيبوا بالإضافة إلى مقتل سبعة محتجين أكراد نتيجة "النيران المباشرة" التي أطلقتها القوات الحكومية في الأيام الأربعة الماضية.
تقارير من منظمة "هينجاو" الكردية الحقوقية أفادت بمقتل سبعة محتجين على أيدي قوات الأمن، ثلاثة منهم الثلاثاء 20 سبتمبر/أيلول 2022، في المناطق الكردية بشمال غربي البلاد أو بالقرب منها حيث كانت الاضطرابات شديدة ودموية على وجه الخصوص.
لم يصدر تأكيد رسمي لهذه الوفيات، ونفى مسؤولون أن تكون قوات الأمن قد قتلت المتظاهرين، بحسب قولهم.
"هنجاو" أفادت أيضاً بانقطاع الإنترنت في إقليم كردستان، وهي خطوة من شأنها أن تعرقل مشاركة مقاطع الفيديو من المنطقة التي قمعت فيها السلطات سابقاً اضطرابات للأقلية الكردية.
في هذا الصدد، قال مرصد "نتبلوكس" الذي يتابع انقطاع خدمات الإنترنت، إن إيران حجبت موقع "إنستغرام"، منصة التواصل الاجتماعي الرئيسية الوحيدة التي لا تحظرها إيران في العموم.
قدَّر مسؤول كبير في الآونة الأخيرة، أن عدد مستخدمي التطبيق نحو 48 مليوناً في البلاد، بحسب الوكالة الفرنسية، فيما قال وزير الاتصالات الإيراني، عيسى زارع إن وسائل الإعلام نقلت عنه بالخطأ في وقت سابق، تصريحاً جاء فيه أن السلطات قد تعطل خدمات الإنترنت لأسباب أمنية.
أميني تشعل إيران
أثارت وفاة الشابة أميني غضباً عارماً بشأن قضايا، من بينها الحريات في الجمهورية الإسلامية والاقتصاد الذي يعاني تحت وطأة العقوبات، ولوَّحت النساء بحجابهن وقمن بحرقه في أثناء الاحتجاجات، وقص بعضهن شعرهن في الأماكن العامة.
انطلقت الاحتجاجات يوم السبت 17 سبتمبر/أيلول 2022، خلال تشييع جنازة أميني في المنطقة الكردية، ولا تزال متواصلة في معظم أنحاء البلاد، مما أثار مواجهات في ظل سعي قوات الأمن لقمع المظاهرات.
لم خامنئي إلى الاحتجاجات -التي تعد من بين أسوأ الاضطرابات التي تشهدها إيران منذ الاشتباكات التي شهدتها شوارعها العام الماضي بسبب شح المياه- خلال خطاب ألقاه الأربعاء 21 سبتمبر/أيلول 2022، في ذكرى الحرب العراقية الإيرانية من 1980 إلى 1988.
قدَّم أحد كبار مساعدي خامنئي التعازي لأسرة أميني هذا الأسبوع، ووعد بمتابعة القضية. وقال إن الزعيم الأعلى تأثر وشعر بالألم لوفاتها.
كانت أميني قد دخلت في غيبوبة وتوفيت في أثناء انتظارها مع محتجزات أخريات لدى شرطة الأخلاق، التي تعنى بتطبيق قواعد صارمة في إيران تطالب النساء بتغطية شعرهن وارتداء ملابس فضفاضة في الأماكن العامة.
أوضح والدها أنها لم تكن تعاني من مشاكل صحية وأنها أصيبت بكدمات في ساقيها بالحجز، وحمّل الشرطة المسؤولية عن وفاتها. ونفت الشرطة إيذاءها، في حين دعا مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى إجراء تحقيق محايد في وفاتها ومزاعم التعذيب وسوء المعاملة.