بعد عودة الشائعات من جديد حول وفاة المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، على خلفية أخبار مروره بأزمة صحية شديدة، وأنه قد خضع لعملية جراحية في الأمعاء، وأنه غير قادر على الحركة، ظهر الرجل بشكل علني ليدحض تلك الشائعات.
لكن هذا لم يمنع عودة الحديث عمن يمكن أن يخلفه في منصبه، خصوصاً مع تقدم المرشد الأعلى في العمر (83 عاماً).
"عربي بوست" يرصد هنا أبرز المرشحين الحاليين لخلافة خامنئي، خصوصاً مع صعود نجم نجله، وإمكانية حدوث ما يشبه "توريثاً" للحكم.
كيف سيتم اختيار القائد القادم؟
سواء كان المرشد الأعلى الإيراني خامنئي يمر بوعكة صحية أم لا، فمع تقدمه في العمر تصبح قضية اختيار القائد القادم لإيران أكثر أهمية؛ لذلك كان من الضروري معرفة كيف سيتم اختيار القائد المستقبلي للجمهورية الإسلامية، وفقاً لما نص عليه الدستور، وما تم التجهيز له.
بحسب المادة 107 والمادة 110 من الدستور الإيراني، يجب أن يتمتع القائد الجديد لإيران بالآتي:
أولاً: المؤهل العلمي الديني المطلوب لإصدار الفتاوى في جميع أنواع القضايا.
ثانياً: العدل والتقوى والسمعة الطيبة.
ثالثاً: امتلاك الرؤية السياسية والاجتماعية والخبرة الإدارية والشجاعة والحيلة الواسعة لإدارة الجمهورية الإسلامية.
هنا، يوضح مسؤول إيراني بارز لـ"عربي بوست" أنه قبل تولي خامنئي القيادة، كان شرط الحصول على درجة مجتهد شرطاً أساسياً فى بنود اختيار القائد الأعلى للبلاد، ولكن تم التغاضي عن هذا الشرط في التفسير الجديد للدستور عام 1990 بعد تولى خامنئي منصبه.
جدير بالذكر هنا أنه من ضمن الاعتراضات القوية من قِبل رجال الدين وقت اختيار علي خامنئي لخلافة آية الله الخميني، أنه كان لا يتمتع بالحصول على درجة مجتهد، وهي درجة علمية في الفقه الشيعي تؤهله للحصول على لقب "آية الله"، اللازمة لتقلد منصب القيادة. لكن خامنئي حصل على توصية من الراحل هاشمي رفسنجاني أحد أهم رجالات الثورة الإسلامية في إيران.
من المفترض بعد وفاة آية الله خامنئي، أن يقوم مجلس خبراء القيادة باختيار رجل دين من ضمن عشرات الأسماء التي يتم تجديدها والإضافة والحذف منها طوال السنين الماضية، وفقاً لبنود الدستور لاختيار المرشد الأعلى القادم.
في هذا الصدد، يقول رجل دين رفيع المستوى، وكان عضواً سابقاً في مجلس خبراء القيادة لـ"عربي بوست": "هناك ثلاثة أعضاء فقط داخل مجلس خبراء القيادة هم من يمتلكون أسماء المرشحين لخلافة خامنئي. عبارة عن لجنة سرية للغاية، وخامنئي نفسه مطلع على الأسماء التى بحوزتهم، لكن لا يمكن لأي أحد خارج هذه اللجنة السرية وخامنئي معرفة الأسماء المطروحة لخلافته".
شهد مجلس خبراء القيادة العديد من التغييرات بعد وفاة الخميني، فقد عمل خامنئي لسنوات على ترسيخ سلطته على المجلس، من خلال إقصاء رجال الدين الداعمين للإصلاح، على حساب توطيد غيرهم من رجال الدين المتشددين.
في هذا السياق، يقول رجل دين بارز ومؤيد للإصلاح كما أنه عمل لمدة أربع سنوات في مجلس خبراء القيادة، لـ"عربي بوست": "تغيير مجلس خبراء القيادة عما كان في وقت الخميني، حينها كان هناك تنوع في الآراء والتوجهات داخل المجلس، لكن بمرور الوقت بعد تولي خامنئي منصبه، تم التخلص تدريجياً من أصحاب أي رؤية مخالفة لرؤيته، مع الإبقاء على الأعضاء المقربين منه والداعمين لحكمه فقط، حتى تم التخلص نهائياً من أنصار هاشمي رفسنجاني من المجلس".
تجدر الإشارة هنا إلى أن آية الله علي أكبر هاشمي رفسنجاني، رفيق الخميني في رحلته وتأسيس الجمهورية الإسلامية، هو من دعم آية الله خامنئي لخلافة الخميني، بمرور السنين، تحول هاشمي رفسنجاني من موقفه الأصولي إلى موقف أكثر مرونة، ودعم مطالب الإصلاحيين في إيران، ما زاد من اتساع الفجوة بينه وبين خامنئي، ليصبحوا في السنوات الأخيرة قبل رحيل هاشمي رفسنجاني، أقرب إلى العداوة من الصداقة.
من هم المرشحون لخلافة خامنئي؟
في السنوات الماضية، كان من أبرز المرشحين لخلافة آية الله علي خامنئي، هو آية الله محمود هاشمي شاهرودي، رئيس السلطة القضائية السابق، وأحد المقربين من خامنئي.
لكن آية الله شاهرودي توفي عام 2018، واتجهت حينها الأنظار إلى خليفته في رئاسة القضاء، آية الله صادق لاريجاني، لكن تم استبعاده من قِبَل خامنئي، بحسب مصدر مقرب من مكتب المرشد الأعلى.
يقول المصدر لـ"عربي بوست": "شهدت الفترة الأخيرة حالة من شبه العداء بين عائلة لاريجاني والدائرة المقربة من خامنئي، خاصة بعد تورط صادق لاريجاني في قضايا فساد أثناء توليه رئاسة القضاء، واستبعاد أخيه علي لاريجاني من الانتخابات الرئاسية".
استبعد مجلس صيانة الدستور علي لاريجاني، الأخ الأكبر لصادق لاريجاني، والرئيس السابق للبرلمان الإيراني، من سباق الانتخابات الرئاسية لعام 2021، في محاولة لتمهيد الطريق أمام إبراهيم رئيسي.
يقول المصدر السابق لـ"عربي بوست": "هناك من أشار على خامنئي برغبة عائلة لاريجاني في الاستحواذ على السلطة بعد وفاته، وهو ما أزعجه، كما أن مجتبى خامنئي لا يريد أن يتولى صادق لاريجاني منصب والده بعد وفاته، وهذا سبب قوي لاستبعاده من الحياة السياسية والقضاء على العائلة من العمل السياسي".
حكم آية الله علي خامنئي إيران لمدة تزيد على 30 عاماً وما زال مستمراً في الحكم، وطوال تلك الفترة الطويلة من الحكم، توفي العديد من رجال الدين المؤثرين في إيران والذين كانوا من الممكن أن يكونوا خلفاء لخامنئي، هذا بالإضافة إلى دأب خامنئي طوال السنوات الماضية، على تقليل دائرته المحيطة به، والتخلص من أي منافسين محتملين.
يقول مسؤول إيراني سابق كان على علاقة جيدة بدوائر صنع القرار في إيران، لـ"عربي بوست": "على عكس الخميني الذي كان لديه العديد من الخلفاء المحتملين، باستثناء آية الله منتظري الذي تم التخلص منه، اتسمت فترة حكم خامنئي بإقصاء الكثيرين من رجال الدين المؤثرين والمؤهلين لخلافته، ما يزيد الأمور تعقيداً بعد وفاته".
تجدر الإشارة هنا إلى أن آية الله علي منتظري كان المرشح الأول لخلافة آية الله الخميني، لكن تمت إزالته بعد معارضته للخميني في الكثير من الأمور. في هذا الصدد يقول المسؤول الإيراني السابق لـ"عربي بوست": "آية الله منتظري كان على خلاف مع هاشمي رفسنجاني وأحمد الخميني، لذلك تمت إزاحته وتدبير المكائد بينه وبين الخميني".
وفيما يتعلق بباقي المرشحين لخلافة خامنئي، أشار المصدر المقرب من مكتب المرشد الأعلى لإيران، إلى آية الله غلام حسين محسني اجئي، الرئيس الحالي للسلطة القضائية والمقرب من خامنئي.
في هذا الصدد، يقول المصدر ذاته لـ"عربي بوست": "اسم غلام حسين محسني اجئي مطروح أيضاً، لكن هناك جدل حوله، نعم الرجل يتمتع بعلاقة طيبة مع خامنئي والدوائر المقربة منه، لكنه يفتقر إلى العديد من الصفات اللازمة لقيادة الجمهورية الإسلامية".
ويضيف المصدر ذاته قائلاً: "غلام حسين اجئي لديه دراية بالإدارة، ويتمتع بدرجة علمية دينية كبيرة، لكنه يفتقر إلى الكاريزما المطلوبة لقيادة الجمهورية، كما يفتقر إلى الحيلة الواسعة، لكن ما زال اسمه مطروحاً بجانب آخرين".
ماذا عن إبراهيم رئيسي؟
في السنوات التي سبقت تولي رجل الدين إبراهيم رئيسي لمنصب رئاسة الجمهورية، زادت الأحاديث والتكهنات داخل الدوائر السياسية الإيرانية، عن محاولات خامنئي لتقريب إبراهيم رئيسي لتحضريه لخلافته، خاصة بعد أن عينه رئيساً للقضاء عام 2019، بعد أن فشل فى الفوز بالانتخابات الرئاسية عام 2017 ضد حسن روحاني.
لكن بعد مرور عام على وجود إبراهيم رئيسي في منصب الرئيس، تغيرت الأمور كثيراً، وبدأت الكثير من الشخصيات الهامة في إيران في استبعاد احتمالية خلافته لخامنئي.
في هذا الصدد، يقول مسؤول إيراني رفيع المستوى ومقرب من دائرة صنع القرار في طهران، لـ"عربي بوست": "كان اختيار إبراهيم رئيسي لمنصب الرئاسة اختباراً لقدرته على إدارة البلاد، وفي حقيقة الأمر يبدو أنه فشل، صحيح أنه ما زال يحظى بدعم خامنئي، لكنه دعم فيما يخص منصبه الحالي فقط".
منذ الأشهر الأولى لتولي إبراهيم رئيسي منصب رئاسة الجمهورية، وبعد أن مكث في الظل لسنوات، بدأ في الظهور الإعلامي كثيراً، ما كشف عما أطلق عليه المسؤول الإيراني "ضعف شخصيته"، قائلاً لـ"عربي بوست": "إبراهيم رئيسي لا يعرف كيف يتحدث، ولا يعرف كيف يدير البلاد، إنه يتعثر في الكلام كأنه تلميذ صغير السن".
كان تعثر إبراهيم رئيسي خلال أحاديثه ولقاءاته الإعلامية مصدر السخرية الأشهر على مواقع التواصل الاجتماعي الناطقة بالفارسية، كما أنه تعرض لموجة انتقاد شديدة من قِبَل أنصاره من المعكسر الأصولي لفشله في إدارة الملف الاقتصادي لإيران.
مجتبى خامنئي يبحث عن خلافة والده
وبحسب العديد من المسؤولين والسياسيين الإيرانيين الذين تحدثوا لـ"عربي بوست"، فإن الدفع بإبراهيم رئيسي لرئاسة إيران كان أكثر من مجرد اختبار له. يقول رجل دين إيراني رفيع المستوى، وعلى قرب من علي خامنئي، لـ"عربي بوست": "أراد بعض المقربين من خامنئي حرق بطاقة رئيسي، من خلال تمهيد الطريق له لتولي منصب الرئيس".
كما أن خامنئي نفسه كان يريد اختبار إبراهيم رئيسي، لكنه يعلم أنه فشل في الاختبار، لكنه ما زال مؤثراً في توطيد سلطة الدائرة المقربة من خامنئي للإمساك بكافة مقاليد السلطة.
أشار رجل الدين الإيراني بطريقة غير مباشرة إلى أن من أرادوا حرق بطاقة إبراهيم رئيسي، بحسب تعبيره، كان من ضمنهم نجل المرشد الأعلى الإيراني، مجتبى خامنئي الذي تدور حوله الكثير من الشائعات التى تفيد برغبته فى خلافة أبيه. لكنه رفض الإفصاح بشكل مباشر وقاطع.
هناك أيضاً لاعب قوي في الحياة السياسية الإيرانية، وهو الحرس الثوري الإيراني، والذي -بحسب بعض المصادر الإيرانية المطلعة- لا يرغب في أن يصبح إبراهيم رئيسي القائد المقبل لإيران.
في هذا الصدد، يقول مصدر مقرب من الحرس الثوري الإيراني، لـ"عربي بوست": "إلى الآن يتمتع إبراهيم رئيسي بعلاقة جيدة مع الحرس الثوري، لكن هناك بعض الآراء بين النخبة في الحرس، لا ترى أن إبراهيم رئيسي قد ينجح في خلافة خامنئي، كما أن بعض قادة الحرس يرون أن إبراهيم رئيسي لا يتمتع بالقوة اللازمة لتولي مثل هذا المنصب".
أثناء الانتخابات الرئاسية الإيرانية لعام 2021، والتي تمت هندستها بشكل كبير لإزاحة جميع المنافسين المحتملين لإبراهيم رئيسي، لتقديم المنصب له على طبق من فضة، كانت وسائل الإعلام الإيرانية أحياناً تشير إلى إبراهيم رئيسي بلقب "آية الله"، لكن هذه الإشارة تغيرت في الأشهر الأولى من حكمه، وبدأت الكثير من الصحف تلقبه بـ"حجة الإسلام"، وهي درجة علمية دينية أقل من "آية الله".
يقول المحلل السياسي المقيم بطهران علي رضا عزيزي لـ"عربي بوست": "الإشارة إلى إبراهيم رئيسي بلقب حجة الإسلام بدلاً من آية الله دليل قوي على استبعاده من ضمن المرشحين لخلافة خامنئي، لكن كل شيء جائز في اللحظات الأخيرة".
هل من الممكن تشكيل مجلس قيادة بدلاً من القائد الواحد؟
قبل وفاة الرئيس السابق لإيران، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، في عام 2017، كان قد تحدث مراراً وتكراراً عن تشكيل مجلس القيادة بعد وفاة خامنئي، بدلاً من تعيين قائد واحد.
لكن هذا الكلام غير صحيح من الناحية الدستورية، ففي التعديل الجديد على الدستور الذي أدخله آية الله علي خامنئي في عام 1990، تمت إزالة مسألة إنشاء مجلس مشترك للقيادة.
وعلى ضوء هذه الخلفية، يقول المصدر المقرب من مكتب آية الله خامنئي لـ"عربي بوست": "إنه وفقاً لبنود الدستور الخاصة بتعيين القائد المقبل لإيران، هناك شرط قوي يمنع تشكيل مجلس لقيادة، وهو إذا كان هناك عدد من الأشخاص تتوفر فيهم الشروط اللازمة لتولي منصب القيادة العليا، يجب على مجلس الخبراء اختيار صاحب الرؤية السياسية والفقهية الأقوى"، وبحسب المصدر ذاته، فإن بذلك الشرط لا يمكن تشكيل مجلس القيادة بعد وفاة خامنئي.
ماذا عن دور الحرس الثوري الإيراني؟
يعتقد البعض خطأً أنه بعد وفاة آية الله علي خامنئي، من الممكن أن يتولى الحرس الثوري الإيراني السلطة فى البلاد. يقول المحلل السياسي علي رضا عزيزي لـ"عربي بوست": "النظام الإسلامي للجمهورية الإيرانية نظام راسخ، ولا بدَّ من الحفاظ عليه، لذلك يحظر على العسكريين تولي السلطة، كما أن هذا الأمر مخالف لمبدأ ولاية الفقيه".
لكن هل سيرفض الحرس الثوري لعب أي دور فى اختيار المرشد الإيراني القادم؟ يقول المصدر المقرب من الحرس الثوري لـ"عربي بوست": "بالطبع لا، الحرس له دور كبير في اختيار القائد المقبل، لن يتدخل بشكل علني ومباشر، لكن لا بدَّ أن يوافق قادة الحرس على القائد المقبل، بل من الممكن أن يساهموا في عملية اختياره من وراء الكواليس".
كل الأنظار تتجه نحو مجتبى خامنئي؟
منذ عام 2009، بعد الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل والتي انتهت بحصول محمود أحمدي نجاد على فترة ولاية ثانية، تزداد التكهنات حول رغبة آية الله علي خامنئي في توريث السلطة لنجله مجتبى خامنئي، خاصة بعد أن لعب الأخير دوراً كبيراً في وصول أحمدي نجاد إلى الحكم، وقمع المظاهرات التي تُعرف باسم الحركة الخضراء في ذلك الوقت.
علم "عربي بوست" من مصادر مطلعة في إيران، أن مجتبى خامنئي سجل في المدرسة الدينية بمدينة قم، لتدريس علوم الفقه للحصول على رتبة دينية أعلى من حجة الإسلام.
يقول عضو مجلس خبراء القيادة السابق والمؤيد للإصلاحيين، لـ"عربي بوست"، تعليقاً على هذه المسالة: "على ما يبدو أنها إشارة لتجهيز مجتبى خامنئي لتولي منصب القيادة".
مسألة تولي مجتبى خامنئي للقيادة بعد وفاة والده خامنئي، مسألة شائكة، وبقدر الشائعات التي تفيد باحتمالية حدوث مثل هذا الأمر، خاصة مع عدم نفي أي من المسؤولين المقربين من خامنئي لهذا الأمر، إلا أنها مازالت خطوة غير موثوق بها.
وُلد مجتبى خامنئي، وهو الابن الثاني لأبناء خامنئي الستة، عام 1969 في مدينة مشهد شمال إيران، أثناء معارضة خامنئي لحكم الشاه قبل ثورة 1979، عاش مجتبى خامنئي فترة من حياته في العراق، ولكن بعد انتصار الثورة الاسلامية عاد مرة أخرى إلى طهران، وتم إلحاقه بمدرسة "علوي الثانوية"، وهي مدرسة دينية خاصة لديها برنامج تعليمي صارم، وتخرج منها عدد كبير من المسؤولين الإيرانيين الحاليين.
تخرج مجتبى خامنئي في المدرسة الثانوية عام 1987، والتحق بقوات الحرس الثوري في العامين الآخرين للحرب العراقية الإيرانية، بعدها التحق بإحدى المدارس الدينية الكبرى في مدينة قم الإيرانية.
حتى الآن لم يشغل مجتبى خامنئي أي منصب رسمي في إيران، على عكس أحمد الخميني نجل الخميني، الذي كان الذراع اليمنى لوالده في إدارة الجمهورية الإسلامية.
لكن هذا لم يمنعه من التمتع بلعب دور قوي وراء الكواليس. يقول المصدر المقرب من مكتب خامنئي لـ"عربي بوست"، "لا يمكن إنكار تورط مجتبى خامنئي في السلطة من خلال مكتب والده، في حقيقة الأمر، شارك مجتبى خامنئي والده في اتخاذ الكثير من القرارات المهمة، وليس فقط دعم أحمدي نجاد في الانتخابات".
كما أشار المصدر ذاته إلى وجود قوي لمجتبى خامنئي في المؤسسات الاقتصادية التي تقع تحت سلطة خامنئي مباشرة، قائلاً لـ"عربي بوست": "في السابق كان مجتبى خامنئي يهتم بالشؤون السياسية فقط والتى أعان والده بها كثير، لكن في السنوات القليلة الماضية، بدا حضوره قوياً فى المسائل الاقتصادية أيضاً".
لا يعرف الإيرانيون الكثير عن مجتبى خامنئي، النادر الظهور في وسائل الإعلام، لكن مجتبى على علاقة قوية للغاية بأقوى الجماعات اليمينية في البلاد، بحسب مسؤول إيراني سابق عمل لسنوات في مكتب خامنئي، فإن مجتبى خامنئي هو المسؤول الأول عن الباسيج والجماعات الدينية المتطرفة مثل "ثأر الله" و"أنصار الله".
يقول المسؤول السابق في مكتب خامنئي لـ"عربي بوست"، "تتلمذ مجتبى خامنئي على يد أكبر رجال الدين اليمنيين في إيران أمثال مصباح يزدي، وهاشمي شاهرودي، كما أن لمجتبى خامنئي علاقة قوية مع آية الله عزيز خوشوقت".
يبدو أن اسم آية الله عزيز خوشوقت، لم يسمع به الكثيرون من قبل، ويعتبر شخصية غامضة إلى حد كبير، وهو إمام أحد المساجد الكبرى في طهران، وتربطه علاقة قوية بشخصيات أمنية مهمة في الجمهورية الإسلامية.
وبحسب المسؤول السابق في مكتب خامنئي، فإن مجتبى خامنئي يقف وراء جميع الجماعات شبه العسكرية التي تقوم بمواجهة المظاهرات والمعارضين داخل إيران.
وفي حديثه لـ"عربي بوست"، يقول المصدر السابق: "لا أستطيع الجزم بأن هناك نية لدى السيد خامنئي لتوريث الحكم لمجتبي، لكني أعلم جيداً أن المسألة مطروحة منذ سنوات".
بحسب المصادر الإيرانية التي تحدثت لـ"عربي بوست"، فإن فرص مجتبى خامنئي في تولي منصب القيادة العليا تزايدت في الآونة الأخيرة، فيقول مسؤول إيراني مقرب من دوائر صنع القرار في البلاد، لـ"عربي بوست": "لا يمكن لأحد داخل إيران أن يقول صراحة إن مجتبى خامنئي مرشح لخلافة أبيه، ولكن الرجل لديه العديد من المزايا؛ أولاً هو يعلم أمور وخبايا الحكم من خلال والده. ثانياً صغر سنه يؤهله ليحكم الجمهورية لفترة طويلة، مقارنة برجال الدين الكبار في السن. ثالثاً أنه يحظى بعلاقة قوية مع أهم التيارات الأصولية، والتي ستعمل بجهد كبير للحفاظ على مصالحها من خلاله".
بعد وفاة آية الله الخميني، ومع الوجود القوي لنجله أحمد الخميني في الحكم، تم طرح مسألة تولي أحمد الخميني لمنصب القائد الأعلى لإيران، لكن حينها كانت الأمور معقدة إلى حد ما، فكان توريث الحكم لأحمد الخميني ضد المبادئ التي قامت عليها الثورة التي قادها والده، وهي محاربة الحكم الملكي في إيران.
كما أن تولى أحمد الخميني للحكم، في وجود عدد كبير من رجال الدين الكبار والمؤثرين، والذين كانوا مازالوا يتمتعون بالصحة وفي عمر أصغر من المرشحين المحتملين الحالين لخامنئي، يزيد من صعوبة الأمر.
لكن في حالة احتمالية تولى مجتبى خامنئي الحكم، فقد اختلفت الحسابات والظروف في الجمهورية الإسلامية. يقول المسؤول السابق في مكتب خامنئي لـ"عربي بوست": "مسألة توريث السلطة لمجتبى خامنئي، ليست بقدر صعوبة حدوثها في عهد الخميني ونجله. الآن جميع الأطراف المؤثرة في الحكم، ضمن الدائرة المقربة من خامنئي ونجله، وبالتأكيد يرحبون بتولي مجتبى الحكم، على الأقل ستضمن المسار السياسي لإيران الذي أسسه والده".
ويضيف المصدر ذاته قائلاً: "كما أن مجتبى خامنئي يتمتع بعلاقة قوية مع الحرس الثوري، من المتوقع ألا يمانع قادة الحرس هذه المسألة. لكن مازال مجرد توقع، وليس بالأمر الأكيد".
على الرغم من التكهنات والإشارات التي تحدثت عنها المصادر الإيرانية، حول زيادة فرص مجتبى خامنئي في خلافة والده، إلا أن هذه المسألة غير مؤكدة، ومن الممكن عدم حدوثها.
الأكيد الآن، أنه عاجلاً أم آجلاً ستواجه الجمهورية الإسلامية الإيرانية وفاة آية الله علي خامنئي، الزعيم الثاني للبلاد، وسيكون أمام إيران تحدٍّ كبير لاختيار زعيم ثالث توافق عليه الشبكة الهائلة والمعقدة التي بناها خامنئي طوال أكثر من ثلاثين عاماً.