في 2020 قرر الطالب حمزة الرفاعي أن يستأنف دراسته الجامعية بعد انقطاع طويل، فتوجَّه لكلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة الحسن الثاني في مدينة الدار البيضاء للتسجيل في شعبة الدراسات الفرنسية، لكنه اصطدم بواقع مختلف.
يقول حمزة في حديث مع "عربي بوست"، حصلت على الباكالوريا سنة 2009، درست بعدها في الجامعة واشتغلت، وبعد مرور 11 سنة أحسست برغبة لديّ للعودة مرة أخرى لمدرجات الجامعات، فاخترت شعبة الدراسات الفرنسية لأنمي أكثر مهاراتي اللغوية.
وأضاف المتحدث: "أحضرت كل الأوراق الإدارية اللازمة للتسجيل، وعندما زرت الجامعة لإيداع ملفي رفضت الموظفة تسلُّمه بدعوى أن الباكالوريا قديمة ولا يحق لي التسجيل في الجامعة، والأولوية لحاملي شهادة النجاح في الثانوية الجديدة".
وليست جامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء فقط، بل أغلب جامعات المغرب، إن لم نقل جُلها، ترفض تسجيل الطلبة الحاملين لشهادة الباكالوريا القديمة، وتُعطي الأولوية للذين يدرسون في الجامعة لأول مرة.
قصص تتكرر
قصة حمزة رفاعي ليست الأولى ولا الأخيرة في المغرب، فالقصص كثيرة وتتشابه، لكن الفرق أن هناك طلبة يُغادرون الجامعة بعد رفض تسجيلهم دون عودة، وطلبة آخرين تشبثوا بحقهم في التعليم فحاولوا مرة وأخرى حتى تم الأمر.
يقول حمزة رفاعي لـ"عربي بوست": "في الأول غادرت بمعلومة أن لا حق لي في التسجيل في الجامعة لأنني أحمل باكالوريا قديمة، لكن بعد تواصلي بأحد الأصدقاء الذي يُدرّس في السلك العالي أخبرني أن القانون لا يمنعني من التسجيل".
وينص الفصل 31 من الدستور المغربي على أن الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، تعمل على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في ولوج التعليم.
ويلتجئ عدد من المواطنين المغاربة الحاصلين على شهادة باكالوريا قديمة إلى إعادة التسجيل في الجامعة، سواء رغبة في الدراسة لتحسين المستوى الثقافي والتعليمي، أو للمساعدة على الترقي داخل المؤسسات والإدارات التي يشتغلون فيها.
وزير التعليم العالي: لا قرار بالمنع
بعد الجدل الذي صاحب الدخول الجامعي في المغرب ومنع الطلبة حاملي الشهادات الثانوية القديمة من التسجيل مرة أخرى، خرج وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ليقول إن "الأمر لا علاقة له بالمنع من التسجيل، ولكن هي مسألة نظام".
الميراوي قال في تصريح لموقع "زنقة 20" المغربي إن "الوزارة أعطت أوامرها للتعامل مع موضوع تسجيل حاملي الباكالوريا القديمة بليونة، والأمر مُتعلق فقط بالضغط الذي تشهده عملية التسجيل في بداية السنة".
وأضاف الوزير أن "عملية التسجيل قُسمت في الجامعات المغربية على مرحلتين: الأولى للطلبة الحاملين لشهادة الباكالوريا الجديدة، بعدها يتم الانتقال للطلبة الحاملين للشهادة القديمة، والتي تُدرس ملفاتهم قبل الموافقة على التحاقهم بالشعب المتوفرة".
وأشار المتحدث إلى أن "عملية تسجيل الطلبة من حاملي الباكالوريا القديمة في الجامعات المغربية مرتبطة بالطاقة الاستيعابية لهذه الجامعات والكليات التي أصبحت غير كافية لاستقبال هذا العدد".
حملة رقمية
مع بداية الدخول الجامعي في المغرب انتشر هاشتاغ على مواقع التواصل الاجتماعي #الباكالوريا_لا_تموت، يُطالَب فيه بالحق في التسجيل في الجامعات المغربية دون الرجوع إلى تاريخ الحصول على شهادة الباكالوريا.
ويُواجه آلاف المغاربة الحاصلين على شهادة "الباكالوريا القديمة" مشاكل أثناء التقدم للتسجيل في الجامعات والكليات والمعاهد المغربية، حيث يتم رفض طلبهم بمبرر امتلاء المقاعد المخصصة لاستقبال الطلبة الجدد نتيجة الاكتظاظ الحاصل.
المحلل السياسي والأستاذ الجامعي عمر الشرقاوي، الذي كان سباقاً لإطلاق الحملة الرقمية على مواقع التواصل الاجتماعي، قال إن "مُبرر الطاقة الاستيعابية لا علاقة له بالأسباب الحقيقية وراء رفض تسجيل الطلبة حاملي شهادة الباكالوريا القديمة".
وكتب عمر الشرقاوي على حسابه في فيسبوك "إن مشكلة الاكتظاظ مبرر فقط؛ لأن أزمة كورونا أوضحت للمنظومة التعليمية في المغرب أنه يمكن الدراسة عن بعد، وهذا ما يمكن استخدامه مع الطلبة الحاملين للباكالوريا القديمة".