على ارتفاع 90 متراً فوق مستوى سطح البحر إلى الشرق من مدينة غزة، يرتفع "تل المنطار" منذ آلاف السنين بعد أن أنشأه الكنعانيون، ليكون نقطة دفاعية صلبة تنذر بقدوم الغزاة من جهة الشرق من المدينة الفلسطينية.
ويقع تل المنطار إلى الشرق من مركز مدينة غزة، وذلك على بعد حوالي 2.5 كيلومتر تقريباً، والمنطقة المحيطة بالتل عبارة عن أراضٍ سهلية منخفضة متميزة بخصوبتها وكثرة بساتينها الخضراء.
ويحتل التل المرتبة الأولى من حيث الارتفاع على سلسلة التلال التي تحف قطاع غزة من جهة الشرق ممتدة من شماله حتى أقصى جنوبه.
تل المنطار.. برج مراقبة طبيعي
وكان الكنعانيون يهدفون من بناء هذا التل أن يكون برج مراقبة طبيعياً ينذر بقدوم أي غزاة قادمين من جهة الشرق لمدن القطاع عامة، ومدينة غزة على وجه الخصوص.
وهناك من المستشرقين من يرى أن اسم "المنطار" مشتق من كلمة (مونيتور) الملك الخرافي لجزيرة (كريت) اليونانية، التي قدم منها بعض الفلسطينيين القدماء للبلاد.
وشبيه هذا الاشتقاق ما قيل بأن المنطار مشتق من لقب "المطران"، نسبة لأحد "المطارنة" الذي يقال بأنه كان يعيش فوق التل، وبعضهم نسبه إلى رجل دين مسيحي اسمه "منطوبوس".
ومع مجيء الفتح الإسلامي مع بداية القرن السابع الميلادي اتخذ الخلفاء الراشدون من التلال والجبال المشرفة على المدن الفلسطينية نقاطاً للحراسة، من قبل المجاهدين.
التلال في التوزيع الجغرافي
وفي الفترة الأيوبية، ابتدع صلاح الدين الأيوبي لأول مرة في تاريخ فلسطين ظاهرة "المواسم الدينية"، موزعاً إياها توزيعاً جغرافياً، جاعلاً لكل مدينة رئيسية موسماً خاصاً بها يجمع أبناءها وأبناء من حولها من القرى؛ بحيث تُغطي هذه المواسم أرض فلسطين بكاملها في زمن محدد يقع بين أواخر شهر مارس/آذار وحتى نهاية شهر أبريل/نيسان من كل عام، وهي فترة قدوم الفرنجة المسيحيين من خارج فلسطين لزيارة الأماكن المقدسة، حتى إذا فكر الفرنجة في العدوان على المدن هب المحتفلون ضدهم، وتلك كانت الغاية العسكرية في فكرة صلاح الدين من هذه "المواسم".
وفي الفترة المملوكية زادت مكانة "تل المنطار" في الوجدان الشعبي، ليضم مزاراً دينياً ومسجداً يؤمه رجال الطرق الصوفية، الذين ازدادت فرقهم كرد فعل على الاحتلال الصليبي لفلسطين.
ويبدو أن هذه الاستراتيجية "لتل المنطار" قد استغلتها الدولة العثمانية للتصدي للهجوم البريطاني في الحرب العالمية الأولى، وتم اتخاذ منطقة تل المنطار من طرف بريطانيا كنقطة لاحتلال مدينة غزة.