أعلنت صحيفة "لوموند" الفرنسية، الجمعة 2 سبتمبر/أيلول 2022، أنها سحبت من موقعها الإلكتروني عموداً عن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر، لأنه "تضمن خطأ أدى إلى تفسير خاطئ سيئ"، وذلك في تبرير من الصحيفة لهذه الخطوة التي أثارت جدلاً.
كان ماكرون قد زار الجزائر، في نهاية أغسطس/آب 2022، بعد أزمة دبلوماسية استمرت أشهراً، ومرتبطة بالنزاع حول "مسألة الذاكرة" بين البلدين، المرتبطة بفترة الاحتلال الفرنسي للجزائر.
خلال الزيارة وقّع ماكرون ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون رسمياً وثيقة "تجدد التزامهما بتسجيل علاقاتهما في دينامية تقدم لا رجوع فيه"، وذلك بعد ستين عاماً على استقلال الجزائر من الاستعمار.
على إثر هذه الزيارة نُشر عمود صباح الخميس، 1 سبتمبر/أيلول 2022، قبل سحبه بعد الظهر، كتبه الباحث بول ماكس موران وعنوانه: "اختزال الاستعمار في الجزائر (بقصة حب) يكمل تبني ماكرون موقف اليمين بشأن مسألة الذاكرة".
كتبت النسخة المسائية للصحيفة في توضيح أول أن "جملة (قصة حب لم تخل من مأساة) التي قالها ماكرون في المؤتمر الصحفي، وإن كان يمكن أن تخضع لتفسيرات مختلفة، لم تكن تتحدث عن الاستعمار بالتحديد كما ورد في العمود، بل عن العلاقات الفرنسية الجزائرية الطويلة".
أضافت "لوموند" أنها "تعتذر لقرائها وكذلك لرئيس الجمهورية"، وتلت هذا التوضيح بسرعة انتقادات، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
كان ماكرون قد دعا خلال زيارته للجزائر إلى "شراكة جديدة مبنية على الشباب من أجل إحياء قصة الحب التي تربط فرنسا بالجزائر".
زعيم "فرنسا الأبية" (يسار راديكالي)، جان لوك ميلينشون، كتب في تغريدة "سحبوا عموداً بسبب اقتباس عن ماكرون لا يعجبه! مرحلة جديدة في انهيار الصحافة التي كانت مرجعاً في السابق".
من جهته، رأى الصحفي إدوي بلينيل، مؤسس مجموعة "ميديابارت" في تغريدة، أن لوموند "تقدم "اعتذاراتها" لرئيس الجمهورية"، واصفاً ذلك بـ"الرقابة المذهلة".
أما كاتب العمود بول ماكس موران، فقد علق على ذلك في تصريحات لصحيفة "ليبيراسيون" أن "سحب نصٍّ ما هو عمل غير طبيعي وغير مفهوم".
بعد هذه الانتقادات نشرت "لوموند" شرحاً أكثر تفصيلاً على موقعها، بعد ظهر الجمعة 2 سبتمبر/أيلول 2022، وقالت إن "صفحات (زاوية) "ديبا وموند" تهدف إلى جمع تحليلات ووجهات نظر، بما في ذلك تلك المثيرة للجدل. لا يمكننا السماح لأنفسنا بنشر النصوص التي تحتوي على أخطاء في الوقائع.
رداً على سؤال عن الاعتذارات التي وردت في التوضيح الأول، قال مدير صحيفة "لوموند"، جيروم فينوليو، في تصريح للوكالة الفرنسية: "عندما نرتكب أخطاء هي من فعلنا، من الطبيعي أن نعتذر للأشخاص الذين قد يكون سبب ذلك ضرراً لهم بدءاً بقرائنا".
كانت تصريحات لماكرون نشرتها الصحيفة، في أكتوبر/تشرين الأول 2021، واتهم فيها النظام "السياسي العسكري" الجزائري بالحفاظ على "إيجار تذكاري"، قد أدت إلى أزمة بين الجزائر وباريس.