تسابق باكستان الزمن من أجل إنقاذ آلاف العالقين في مناطق معزولة بسبب الفيضانات المهولة التي ضربت البلاد بشكل لم يسبق له مثيل منذ عقود، حيث أضرّت بأكثر من 33 مليون شخص، وأغرقت ثلث مساحة البلاد، بينما تناشد باكستان دول العالم إنقاذها.
وكثفت إسلام آباد، الأربعاء 31 أغسطس/آب 2022، جهودها من أجل إنقاذ ملايين المتضررين من الفيضانات الأسوأ على الإطلاق، واستخدمت مروحيات لإجلاء العالقين في الجبال شمالاً، أو قوارب تعبر السهول المغمورة بالمياه جنوباً، حسبما ذكرته فرانس 24.
مئات القتلى وآلاف المصابين
وحسب حصيلة نُشرت في وقت سابق الأربعاء، فإن الأمطار الغزيرة المستمرة في باكستان منذ يونيو/حزيران أغرقت ثلث مساحة البلاد وأودت بحياة 1191 شخصاً.
كما تسببت بإصابة أكثر من 3552 شحصاً، بينما جرفت مساحات من المحاصيل الزراعية الأساسية، ودمرت أو ألحقت أضراراً بأكثر من مليون منزل.
بدوره، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء 30 أغسطس/آب، عند إطلاقه نداء للحصول على تبرعات قيمتها 160 مليون دولار لتمويل مساعدات طارئة، إن "باكستان غارقة في المعاناة، الشعب الباكستاني يواجه أمطاراً موسمية هائلة".
بينما أعلنت منظمة الصحة العالمية، الأربعاء 31 أغسطس/آب، أنها تضع باكستان في أعلى مستويات التأهب لديها، مخصصة 10 ملايين دولار من صندوق الطوارئ لمساعدتها.
وطالت هذه الفيضانات أكثر من 33 مليون شخص، أي باكستاني من كل سبعة، ووصفها رئيس الحكومة شهباز شريف بأنها "أسوأ فيضانات في تاريخ باكستان".
وتقدر الحكومة الباكستانية أن البلاد بحاجة إلى أكثر من عشرة مليارات دولار لاصلاح وإعادة بناء البنى التحتية، وخصوصاً الاتصالات والطرقات والزراعة. لكن الأولوية الآن تكمن في الوصول إلى آلاف العالقين في الجبال والوديان في الشمال وفي القرى المعزولة في الجنوب والغرب.
شلل في القطاع الصحي
من جانب آخر، تضررت 888 منشأة صحية في عموم باكستان بسبب تلك الفيضانات، بينما قالت منظمة الصحة العالمية، الأربعاء 31 أغسطس/آب 2022، إن الفيضانات أدت إلى انهيار 180 منشأة صحية بالكامل وخروجها عن الخدمة.
وأشار البيان إلى حرمان الملايين من الوصول إلى الخدمات الصحية جراء الأضرار التي لحقت بالمستشفيات والمراكز الطبية بسبب الفيضانات. وحذرت من المخاطر العالية لانتشار الأوبئة في المناطق التي تضررت فيها مصادر تحلية المياه.
ونقل البيان عن أحمد المنظري، مسؤول منطقة شرق المتوسط بالمنظمة، قوله إن آثار فيضانات هذا العام تعد "مخيفة" أكثر من نظيراتها في الأعوام السابقة، مضيفاً أن "الصحة العالمية" بدأت في تقديم المساعدات عبر تقديم الخدمات الصحية الطارئة في المناطق التي انقطعت عنها هذه الخدمات.
الفيضانات تهدد الإرث التاريخي لباكستان
في سياق متصل، أفادت وكالة الأناضول بأن الإرث التاريخي في باكستان يتعرض لتهديد بسبب الفيضانات التي اجتاحت أجزاء واسعة من البلاد، وأن أبرز المعالم الأثرية التي طالتها الفيضانات هي القلاع والأضرحة والمدن القديمة.
وبحسب الصحافة الباكستانية، فإن الدمار الذي خلفته الفيضانات طال المعالم الأثرية في مختلف مناطق ولاية السند، حيث بات أغلبها بحاجة إلى ترميم.
وفي ولاية لاركانا، ألحقت الفيضانات أضراراً كبيرة بمدينة موهينجو دارو الأثرية التي يعود تاريخها إلى ما قبل 5 آلاف عام. بينما تسببت الفيضانات في ميلان جدران "موهينجو دارو" التي تعد من أبرز مدن حضارة السند.
ومن بين المعالم الأثرية التي طالتها أضرار الفيضانات "آثار ماكلي" المدرجة على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو".