بعد مرور نحو ٨ أشهر على إصدار جيش الاحتلال الإسرائيلي تعليمات جديدة أحدثت تغييراً على سياسة إطلاق النار على الفلسطينيين، سهلت على الجنود استهدافهم، تظهر إحصائيات أن المواطنين العزل والمتظاهرين قد وقعوا ضحية هذه التعليمات، إذ باتت المظاهرات التي ينظمها الفلسطينيون ضد الاحتلال تكاد لا تمر دون عمليات قتل ممنهج بحق المتظاهرين.
اليد الخفيفة على الزناد
اليد الخفيفة على الزناد، هكذا يمكن وصف استسهال جيش الاحتلال قتل المتظاهرين السلميين في الضفة الغربية المحتلة، بعد صدور التحديث الجديد على سياسة إطلاق النار.
ورغم استهداف الاحتلال الأفراد العزل، سواء أطفال أو نساء، أو شبان وشيوخ، على مدار احتلاله لفلسطين، فإن عدد الشهداء الذين ارتقوا خلال تظاهرات سلمية نظمها الفلسطينيون في الضفة الغربية احتجاجاً على الاستيطان وأحداث أخرى، قد شهد زيادة ملحوظة خلال النصف الأول من عام 2022.
ووفق رصد لعدد الشهداء الذين ارتقوا في الضفة الغربية خلال النصف الثاني من عام ٢٠٢١، أي قبل صدور التعليمات، وخلال النصف الأول من عام ٢٠٢٢، أي بعد صدور التعليمات، فإن عدد الشهداء الذين ارتقوا خلال الفترة الثانية بلغ أكثر من ٧٠ شهيداً، أي ما يعادل عدد الشهداء الذين سقطوا في الضفة الغربية خلال عام ٢٠٢١ بأكمله، مما يشير إلى أن عمليات القتل والإعدام التي استهدفت الفلسطينيين في الضفة قد تضاعفت.
تعليمات بإطلاق النار حتى بعد انتهاء الاشتباكات
التعليمات التي صدرت في ديسمبر/كانون الأول 2021 نصت على إتاحة إطلاق النار على الفلسطينيين ملقي الحجارة والزجاجات الحارقة (مولوتوف)، حتى بعد الانتهاء من عملية إلقاء الحجارة، وأثناء انسحاب الشبان من المكان.
وقد تم تعميم هذه التعليمات في حينه، في وثيقة مكتوبة وزعت على عناصر جيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، في خطوة لاقت ترحيب رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، نفتالي بينيت.
ويقول مدير البحث الميداني في منظمة "بيتسيلم" كريم جبران إن معظم الحالات التي تم فيها إطلاق النار على متظاهرين لم يكن هناك أي مبرر لإطلاق النار، مضيفاً أن التحديث الجديد لسياسة إطلاق النار كان بمثابة تصريح واضح لجنود الاحتلال باستخدام السلاح القاتل ضد المتظاهرين السلميين حتى وإن لم يلقوا الحجارة على الجيش.
وأوضح جبران في حديث لـ"عربي بوست" أن كثيراً من الحالات التي وثقتها منظمة "بيتسيلم" تم فيها إطلاق النار وقتل شبان مشاركين في تظاهرات احتجاجية سلمية، لكنه أشار في ذات الوقت إلى أنه حتى قبل هذا التحديث لم يكن الجيش الإسرائيلي يتوانى عن عمليات قتل ممنهجة للفلسطينيين والمشاركين في تظاهرات سلمية.
كيف كانت سياسة إطلاق النار القديمة
ورغم كشف الإعلام الإسرائيلي عن الوثيقة التي تضمنت التحديث الجديد، فإن مثل هذه التعليمات تبقى طي السرية، وتشير تقارير إسرائيلية إلى أن تعليمات إطلاق النار في الأراضي المحتلة استندت قبل اندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر/أيلول 2000 على قانون العقوبات الإسرائيلي الذي أباح إطلاق الرصاص في حالتين فقط.
الأولى: عندما يشعر الجندي بخطر داهم فوري.
والثانية: أثناء تنفيذ "إجراءات القبض على مشبوه لا ينصاع للأوامر".
لكن وفق تقارير حقوقية، جرى مع مرور السنوات توسيع صلاحيات إطلاق النار تحت بند "خطر يتهدد الحياة"، وهو حجة استخدمت لتبرير آلاف عمليات القتل بدم بارد، إلى أن أصبح قتل الفلسطيني يخضع لمزاج الجندي الإسرائيلي، ولعل حادثة استشهاد الصحفية شيرين أبو عاقلة علامة فارقة وبارزة على عمليات القتل التي تستهدف الفلسطينيين دون مبرر.