أعلن مجلس القضاء الأعلى في العراق، مساء الثلاثاء،23 أغسطس/آب 2022، استئناف العمل في كافة المحاكم؛ اعتباراً من الأربعاء 24 أغسطس/آب 2022 إثر انسحاب أنصار التيار الصدري من أمام مقر المجلس في العاصمة بغداد.
حيث قال المجلس (أعلى هيئة قضائية)، في بيان "بالنظر لانسحاب المتظاهرين وفك الحصار عن مبنى مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية العليا، تقرر استئناف العمل بشكل طبيعي في كافة المحاكم اعتباراً من صباح (الأربعاء)"، بحسب وكالة الأنباء العراقية الرسمية. وأكد المجلس "المضي باتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من يخالف القانون ويعطل المؤسسات العامة".
اعتصام أنصار التيار الصدري
كان مجلس القضاء قرر، في وقت سابق من الثلاثاء، تعليق أعماله والمحاكم التابعة له والمحكمة الاتحادية، احتجاجاً على اعتصام أنصار التيار الصدري أمام مقره للمطالبة بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة.
حيث اتهم المجلس حينها، في بيان، التيار الصدري "بالضغط على المحكمة الاتحادية العليا لإصدار القرار بالأمر الولائي بحل مجلس النواب وإرسال رسائل تهديد للضغط على المحكمة".
في حين أعلنت المحكمة الاتحادية، في وقت سابق من الثلاثاء، عقد جلسة للنظر في دعوى مرفوعة أمامها من مواطنين للبتّ في قضية حل مجلس النواب، قبل أن تقرر تأجيل الحكم حتى 30 أغسطس/آب 2022.
كذلك وفي 14 أغسطس/آب 2022 أعلن مجلس القضاء عدم امتلاكه صلاحية حل مجلس النواب، رداً على طلب من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر. ومساء الثلاثاء نصح زعيم "الصدر" المتظاهرين بالانسحاب من أمام مبنى مجلس القضاء وإبقاء الخيم.
الاعتصام أمام القضاء
في حين نقل صالح محمد العراقي، المعروف بـ"وزير الصدر"، عن الأخير قوله: "لو ثنيت لي الوسادة لكنت مع استمرار الاعتصام أمام القضاء الأعلى لنشجعه على الإصلاح ومحاسبة الفاسـدين".
يذكر أنه ومنذ 30 يوليو/تموز 2022 يواصل أتباع التيار الصدري اعتصامهم داخل المنطقة الخضراء ببغداد؛ رفضاً لترشيح تحالف الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني لمنصب رئاسة الوزراء، وللمطالبة بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة.
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي – رويترز
كما حالت الخلافات بين القوى السياسية، لا سيما الشيعية منها، دون تشكيل حكومة جديدة منذ الانتخابات الأخيرة في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021.
الكاظمي يقطع زيارته لمصر ويحذر
بدوره، حث رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الذي قطع زيارة لمصر للتصدي للأزمة، جميع الأطراف على التزام الهدوء، وجدد الدعوة للحوار الوطني. وقال في بيان: إن "تعطيل عمل المؤسسة القضائية يعرّض البلد إلى مخاطر حقيقية".
قال مكتب الكاظمي في بيان، إن رئيس الوزراء "قطع زيارته إلى جمهورية مصر العربية، وعاد إلى بغداد إثر تطورات الأحداث الجارية في البلد، ولأجل المتابعة المباشرة لأداء واجبات القوات الأمنية في حماية مؤسسات القضاء والدولة".
كما حذر الكاظمي من أن "تعطيل عمل المؤسسة القضائية يعرض البلد إلى مخاطر حقيقية"، مؤكداً أن "حق التظاهر مكفول وفق الدستور، مع ضرورة احترام مؤسسات الدولة للاستمرار بأعمالها في خدمة الشعب".
وطالب "جميع القوى السياسية بالتهدئة، واستثمار فرصة الحوار الوطني للخروج بالبلد من أزمته الحالية"، داعياً إلى "اجتماع فوري لقيادات القوى السياسية من أجل تفعيل إجراءات الحوار الوطني، ونزع فتيل الأزمة".
الإطار التنسيقي يرفض الحوار
في المقابل رفض خصوم الصدر السياسيون، ومعظمهم من الشيعة المدعومين من إيران، الاستجابة لمطالبه، ما أثار مخاوف من تجدد الاضطرابات والعنف في العراق المنهك من الصراعات.
تعقيباً على اعتصام أنصار التيار الصدري أمام المجلس الأعلى للقضاء، أعلن الإطار التنسيقي، وهو الخصم المنافس للصدر، في بيان، رفضه أي حوار مع التيار إلا بعد تراجعه عما سماه "احتلال" مؤسسات الدولة الدستورية.
قادة الإطار التنسيقي في العراق (مواقع التواصل الاجتماعي)
قال إنه "يعلن رفضه استقبال أي رسالة من التيار الصدري أو أية دعوة للحوار المباشر إلا بعد أن يعلن عن تراجعه عن احتلال مؤسسات الدولة الدستورية، والعودة إلى صف القوى التي تؤمن بالحلول السلمية الديمقراطية".
حمل الإطار التنسيقي "الحكومة كامل المسؤولية للحفاظ على ممتلكات الدولة وأرواح الموظفين والمسؤولين، خصوصاً السلطة القضائية التي تعتبر الصمام الوحيد الذي بقي للعراق، نتيجة تسلط قوى خارجة عن الدولة على المؤسسات، وفرض إرادتها خارج سلطان الدولة".
كما دعا "الشعب العراقي بكامل شرائحه إلى الاستعداد العالي والجهوزية التامة للخطوة المقبلة التي يجب أن يقول الشعب فيها قوله ضد مختطفي الدولة لاستعادة هيبتها وسلطانها".
مطالب مقتدى الصدر وأنصاره
من جانب آخر، نقلت "رويترز" عن أحد المحتجين المتشحين بالعلم العراقي قوله إن "الناس يطالبون بحل البرلمان والتشكيل الفوري لحكومة مؤقتة". بينما قال محتج لآخر: "ساعدونا، ساندونا، لا تخافوا من أحد".
تعدُّ فترة المواجهة المستمرة منذ 10 أشهر في العراق منذ الانتخابات هي أطول فترة للعراق دون حكومة تمارس مهامها بالكامل خلال ما يقرب من عقدين، منذ الإطاحة بصدام حسين في حملة بقيادة الولايات المتحدة في عام 2003.
مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري الشيعي في العراق – Getty images
وكان الصدر هو الفائز الأكبر في انتخابات العام الماضي، لكنه لم يتمكن من تشكيل حكومة مع الأحزاب الكردية والعربية السنية دون مشاركة منافسيه الشيعة المدعومين من إيران.
ويستطيع الزعيم الشاب، الذي يملك نفوذاً لا مثيل له في العراق، حشد مئات الآلاف من أنصاره لتنظيم احتجاجات وشل المشهد السياسي في البلاد.