اتهم النظام السوري، الإثنين 15 أغسطس/آب 2022، الحكومة الفرنسية بـ"ترويج الأكاذيب"، وذلك في أول رد له على التحقيق الذي كشف عن فيديوهات مروعة لـ"مجزرة التضامن" التي ارتكبتها عناصر النظام عام 2013 في العاصمة السورية دمشق.
رد النظام السوري على الاتهامات الفرنسية جاء من خلال وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا"، التي قالت: "أكدت سوريا أن الحكومة الفرنسية دأبت في سياق شراكتها الكاملة في دعم الإرهاب على ترويج الأكاذيب وتضليل الرأي العام في ما يخص الأوضاع في سوريا".
يأتي ذلك بعد أن أعلنت السلطات الفرنسية، الجمعة 12 أغسطس/آب، تحركها بشأن قضية مجزرة التضامن في العاصمة السورية دمشق، التي قُتل فيها عشرات السوريين الأبرياء.
انتقاد سوري لفرنسا
قال مصدر رسمي مسؤول في وزارة الخارجية والمغتربين، في تصريح لوكالة الأنباء السورية: "إنه لم يكن مستغرباً البيان الصادر عن وزارة الخارجية الفرنسية مؤخراً بخصوص مقاطع فيديو مفبركة مجهولة المصدر وتفتقد بالتالي لأدنى درجات الصدقية، وهي بالتأكيد تكرار للكثير من المواد التي انتشرت والتي تعتبر من أكثر الأدوات تضليلاً، والتي استخدمت في العدوان على سوريا".
كما أضاف المصدر في تصريحاته للوكالة: "إن الحكومة الفرنسية من خلال انخراطها الكامل في دعمها اللامحدود للإرهاب في الحرب على سوريا تتحمل مسؤولية أساسية في سفك الدم السوري والجرائم التي ارتكبت بحق السوريين، والتي تصل إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وتستوجب المساءلة السياسية والقانونية".
المسؤول السوري تابع قائلاً: "إنه لمن السخرية بمكان أن تقوم الحكومة الفرنسية بالدفاع عن حقوق الإنسان وتاريخها زاخر بالجرائم التي ارتكبت في أماكن كثيرة من العالم، والتي لن تستطيع اعترافات واعتذارات الدولة الفرنسية محو هذا العار في تاريخها الأسود أو إعفاءها من المسؤولية، وهي بالتالي غير مؤهلة، وآخر من يحق له الحديث عن قيم العدل والقانون الدولي".
أضاف المصدر: "إن فرنسا التي ارتضت لنفسها أن تكون تابعاً ذليلاً للسياسات الأمريكية وتفتقد لأدنى درجات الاستقلالية في سياساتها عليها أن تدرك جيداً أن عهد الانتداب والوصاية على الآخرين أصبح في مزابل التاريخ".
كما قال المسؤول في النظام السوري: "إن العالم لم يعد يخدع بالقيم الكاذبة للديمقراطيات الزائفة التي تترنح وتتهاوى، وهي تشهد بداية نشوء نظام عالمي جديد يعري كذب ونفاق وجرائم الغرب الاستعماري؛ للإبقاء على هيمنته على مقدرات الشعوب ومصادرة خياراتها الوطنية".
فرنسا تحقق في "مجزرة التضامن"
وزارة الخارجية الفرنسية أكدت، الأسبوع الماضي، أنها قدمت للنيابة العامة وثائق تتعلق بما بات يُعرف بـ"مجزرة التضامن"، من أجل التحقيق في هذه القضية، واصفة تلك الوثائق بأنها "مهمة"، وعددها كبير، لجرائم يقف وراءها النظام السوري.
تتضمن الوثائق عدداً كبيراً من الصور والفيديوهات التي تعود لعام 2013، وتشير لارتكاب قوات موالية للنظام السوري جرائم وحشية في مجزرة التضامن جنوبي العاصمة دمشق.
في أبريل/نيسان الماضي، نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية مقاطع فيديو مروعة تعود لعام 2013، تُظهر تصفية عشرات الأشخاص على أيدي عناصر من القوات الحكومية في مجزرة التضامن في دمشق.
في السياق ذاته، أوضحت الخارجية الفرنسية أنها أبلغت رسمياً النيابة العامة لمكافحة الإرهاب "PNAT"، وقدمت لها كافة الوثائق.
كما أكدت في بيانها أن "مسألة النضال ضد الإفلات من العقاب هي من أجل العدالة للضحايا"، وأن هذا الأمر يعد "شرطاً أساسياً" لإنشاء سلام دائم.
كذلك شددت على مواصلتها العمل من أجل محاسبة المجرمين في سوريا أمام العدالة، مذكرة في الوقت نفسه بالجرائم الوحشية التي تعرض لها الشعب السوري في العقد الأخير.
تصفية العشرات بجرائم قتل جماعية
يشار إلى أن تقرير "الغارديان" الذي نُشر قبل شهور قليلة، أعده الباحثان أنصار شحود وأوغور أوميت أونجور، العاملان في "مركز الهولوكوست والإبادة الجماعية" في جامعة أمستردام، ووثّق الجريمة بالفيديو وباسم مرتكبها وصورته.
الصحيفة قالت إن "هذه قصة جريمة حرب قام بها أحد أشهر الأفرع التابعة للنظام السوري، الفرع 227، يعرف بفرع المنطقة من جهاز المخابرات العسكرية"، حيث تم إلقاء القبض على مجموعات من المدنيين، وكانوا معصوبي الأعين، ومقيدي الأيدي، وساروا نحو حفرة الإعدام، غير مدركين أنهم على وشك أن يقتلوا بالرصاص.
كما أشار التحقيق إلى أنه "عندما انتهت عمليات القتل، لقي ما لا يقل عن 41 رجلاً مصرعهم في المقبرة الجماعية بالتضامن، وسكب قتلتهم الوقود على رفاتهم وأشعلوه ضاحكين وهم يتسترون على جريمة حرب".
يقع حي التضامن خارج البوابة الجنوبية لمدينة دمشق القديمة، على أطراف حي الميدان الدمشقي، وإلى الجنوب الغربي من حي باب شرقي، الذي يعتبر قلب الحياة الليلية الصاخبة لمدينة دمشق.
حيث شهد حي التضامن في العام 2011 احتجاجات سلمية؛ ليردّ النظام السوري على ذلك عبر إنشاء "مجموعات الشبيحة"، وهي ميليشيات قامت بقمع الاحتجاجات بطريقة شديدة العنف.