تأكَّد قرار قطع الجزائر علاقاتها التجارية مع جارتها الشمالية إسبانيا من خلال مراسلة جديدة لجمعية البنوك الجزائرية تخبر المستوردين والمصدرين والجمارك بأن السلع التي تم توطينها أو شحنها قبل 9 يوليو/حزيران، سيسمح بدخولها أو خروجها من البلاد.
وكانت مدريد تعتقد أن القرار الجزائري تم التراجع عنه وأن الإعلان عنه كان مجرد تخويف، خاصةً أن الرئيس الجزائري أقال وزير ماليته عبد الرحمان راوية، بعد صدور قرار منع التجارة مع مدريد مباشرة.
واستنجدت إسبانيا بالاتحاد الأوروبي للضغط على الجزائر للتراجع عن قرارها لكنها لم تجد آذاناً صاغية.
وحاولت مدريد إقناع إيطاليا وفرنسا لاتخاذ قرارات موحدة ضد الجزائر؛ لإجبارها على التراجع عن قرارها، لكنها لم تجد استجابة منهما، بسبب حصولهما على مزيد من الغاز، في ظل الأزمة الطاقوية العالمية الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية.
الرابح والخاسر
تعتبر إسبانيا أحد أبرز الشركاء الأوروبيين بالنسبة للجزائر فهي رابع مصدر للسلع بعد كل من الصين وفرنسا وتركيا، لذلك فإن قرار قطع العلاقات التجارية معها يصيب الاقتصاد الإسباني في مقتل.
وتمثل الصادرات الإسبانية 6.3% من إجمالي الواردات الجزائرية المقدرة بـ25 مليار دولار، بينما يبلغ حجم المبادلات التجارية بين البلدين 8 مليارات دولار.
أما حجم التجارة المتبادلة بين الجزائر ومدريد، فبلغت واردات البلد الإفريقي للبلد الأوروبي نهاية العام الماضي 5.64 مليار دولار، تنقسم إلى 3.47 مليار دولار واردات غاز ومواد طاقوية أخرى، و1.42 مليار دولار "نفط خام".
أما صادرات إسبانيا للجزائر نهاية 2021، فقد وصلت إلى 2.16 مليار دولار، تنقسم إلى 109 ملايين دولار "مواد حديدية"، و95.3 مليون دولار "أصباغ محضرة".
وتستورد الجزائر من إسبانيا السيراميك واللحوم وبعض المواد الغذائية ومنتجات التجهيز الصناعي ومواد نصف مصنعة ومواد استهلاكية غير غذائية.
كما يزور إسبانيا أكثر من 100 ألف سائح جزائري سنوياً، لا يبدو أنهم سيتمكنون هذه السنة من زيارتها، بسبب انعدام النقل المباشر تقريباً، فضلاً عن العراقيل البيروقراطية التي تفرضها الجزائر.
ورقة الغاز
تعلم الجزائر جيداً أن الأزمة الطاقوية العالمية الناجمة عن حرب روسيا على أوكرانيا تصب في مصلحتها، حيث جعلت مطاراتها تعج بالرؤساء والمسؤولين الأوروبيين؛ علَّهم يحصلون على بضعة مليارات مكعبة من الغاز، في حين لا تستطيع إسبانيا المطالبة بأي قطرة إضافية، فضلاً عن أنها ستدفع مبالغ مالية أكثر مما كانت تدفعه من قبل، بعد أن قررت الجزائر مراجعة الأسعار حصرياً لها.
وتستعمل الجزائر ورقة الغاز للضغط على إسبانيا من أجل إرغامها على التراجع عن قرارها بخصوص نزاع الصحراء.
وقبل أيام قليلة أعلنت الجزائر توقف تدفق الغاز باتجاه إسبانيا بسبب عطل فني قبل أن تتم عملية الضخ مجدداً.
وبالمقابل نفت وزيرة البيئة والطاقة الإسبانيةُ، تيريزا ريبيرا، وقف التدفق، مؤكدةً أنه انخفض فقط ثم عاد إلى مستواه.
وعلق موقع "ألكفيدنسيال" الإسباني على الحادث بالقول إن شركة سوناطراك الجزائرية تحدثت عمداً عن توقف الإمدادات؛ لتذكِّر الحكومة الإسبانية بأنها بحاجة إليها ويمكن قطع الغاز عنها في أي لحظة.
ورغم أن الجزائر تعهدت بعدم الضغط بورقة الغاز على إسبانيا فإن الواقع مختلف تماماً، بحيث قللت تدفق الغاز وأصبحت ثالث مورد لإسبانيا بعد الولايات المتحدة وروسيا، كما قررت رفع الأسعار لتقترب من الأسعار العالمية المرتفعة.
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”