قام الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مؤخراً، بتغيير في أهم مديريتين بجهاز المخابرات، حيث نقل مدير الأمن الخارجي اللواء جمال كحال مجدوب (معين قبل شهرين) إلى منصب مدير الأمن الداخلي، ونقل اللواء عبد الغني راشدي، الذي كان يشغل منصب مدير الأمن الداخلي إلى منصب مدير الأمن الخارجي.
ونَصّب قائد أركان الجيش الفريق أول سعيد شنقريحة الرجلين في منصبيهما الجديدين نهاية الأسبوع الماضي.
وتولى اللواء راشدي منصب مدير الأمن الداخلي شهر أبريل/نيسان 2020 خلفاً للواء واسيني بوعزة (محكوم بـ16 سنة سجناً نافذاً)، كما عُيّن مجدوب على رأس مديرية الأمن الخارجي شهر مايو/أيار الماضي.
ثلاثة ملفات رفعت أسهم راشدي
كشفت مصادر مطلعة لـ"عربي بوست" أن تبادل المناصب بين مجدوب وراشدي جاء لاستغلال نجاح الأخير على مستوى ثلاثة ملفات مهمة بالنسبة لتبون.
ووفق المصدر ذاته، فإن مدير الأمن الداخلي السابق كان وراء تسليم دولة الإمارات العربية المتحدة المدير الأسبق لعملاق النفط الجزائري سوناطراك عبد المؤمن ولد قدور، الذي فر من البلاد بعد اندلاع الحراك الشعبي في 22 فبراير/شباط 2019.
وشكل فرار ولد قدور من البلاد هاجساً بالنسبة للسلطات الجزائرية بالنظر إلى منصبه الحساس الذي تولاه لسنتين كاملتين.
الملف الثاني الذي جعل تبون يفكر في الاعتماد على راشدي في منصب مدير الأمن الخارجي، هو اقتراحه دعوة رئيسة إثيوبيا ساهلي وورك زودي لحضور احتفالات ستينية الاستقلال بدل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي اعتذر عن عدم المشاركة.
كانت دعوة رئيسة إثيوبيا بمثابة رسالة للقاهرة التي تعرف علاقاتها بأديس أبابا توتراً شديداً بسبب أزمة سد النهضة.
أما الملف الذي زاد من اقتناع تبون بالاعتماد على راشدي في مديرية الأمن الخارجي، فهو ملف المصالحة الفلسطينية الذي تم على هامش الاحتفال بستينية الاستقلال، إذ كان راشدي وراء التحضير للقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس إسماعيل هنية.
ويُعد جهاز الأمن الخارجي أحد أبرز الأفرع الثلاثة للمخابرات الجزائرية، الذي أعيدت هيكلته عام 2016 من قبل الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة.
ويختص الأمن الخارجي بالملفات الأمنية الخارجية، ويدير مكاتب له في عدد من الدول، ويتولى التنسيق مع أجهزة الاستخبارات للدول التي تتعاون مع الجزائر، إضافة إلى متابعة المعارضين الجزائريين في الخارج، وكذلك القضايا والسياسات الدولية والإقليمية ذات الصلة بالجزائر وتحليلها.
تحدٍّ كبير
يواجه مدير الأمن الخارجي الجديد تحديات كبيرة في ظل الأزمة المتصاعدة مع المغرب وإسبانيا بسبب نزاع الصحراء، فضلاً عن الصراع مع مصر والإمارات في ليبيا وفرنسا في مالي.
واضطر تبون لإجراء أربعة تغييرات على رأس الجهاز خلال 3 سنوات من حكمه وهو رقم غير مسبوق في الجهاز.
وفي أبريل/نيسان 2020، أقال الرئيس تبون مدير الأمن الخارجي كمال الدين رميلي، في سياق إعادة هيكلة جديدة للجهاز الأمني والجيش، وعيّن اللواء محمد بوزيت في منصبه.
وفي 20 يناير/كانون الثاني 2021، أقيل يوسف بوزيت، بعد سبعة أشهر فقط من تعيينه، وعين نور الدين مقري خلفاً له، وفي 16 مايو/أيار تولى اللواء جمال مجدوب كحال المنصب خلفاً لمقري.
ماذا عن مجدوب؟
اضطر الرئيس الجزائري للتفتيش في الدفاتر القديمة من أجل الاستعانة بأحد أكثر العسكريين خبرة لقيادة مديرية الأمن الخارجي، التي عين فيها تبون 3 ألوية لقيادتها خلال 3 سنوات دون الحصول على النتائج المرجوة.
واستقر تبون على تعيين مجدوب صاحب الخبرة الطويلة في المؤسسة العسكرية، حيث التحق بها في سبعينات القرن الماضي.
وعمل اللواء مجدوب في جهاز الأمن العسكري ثم جهاز الأمن الرئاسي، وتولى مهام إدارة هذا الجهاز حتى عام 2015، وتخرج مجدوب من معاهد ومدارس عسكرية دولية في الاستخبارات، على غرار المدرسة العليا لجهاز كا جي بي (لجنة أمن الدولة) في روسيا، والمدرسة العسكرية العليا سان سير في فرنسا، كما عمل في المدرسة الاستخباراتية بالعاصمة الجزائرية.
وكان بادياً من الوهلة الأولى لتعيين مجدوب على رأس الفرع الخارجي للمخابرات الجزائرية أنه تعيين مؤقت إلى غاية إيجاد الرجل المناسب، وهو ما حدث فعلاً نهاية الأسبوع الماضي.
ليعود مجدوب ليشغل منصباً في المخابرات الداخلية التي تعد من صلب اختصاصه.
وعلى عكس سلفه، لن يجد مجدوب تحديات كبيرة على مستوى مديرية الأمن الداخلي، لا سيما بعد انتهاء الحراك الشعبي وإغلاق العديد من الملفات المرتبطة به، فضلاً عن تجاوز مرحلة إعادة بناء المؤسسات (دستور، برلمان، مجالس محلية).
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”