أثار صاحب مقولة "لقد هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية" التي رافقت نجاح "ثورة الياسمين" في تونس عام 2011 بالإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي، وذلك بعد أن ظهر مؤيداً للدستور الذي يطرحه الرئيس قيس سعيّد الأسبوع المقبل، للاستفتاء، والذي نال انتقادات حقوقية واسعة.
ومن جديد أطلَّ أحمد الحفناوي، صاحب العبارة التي ظلت محفورة في الأذهان عبر برومو تداولته بشكل مكثفٍ قناة الجزيرة الفضائية أيام الثورة التونسية، قال فيه: "هذه فرصتكم يا شباب تونس، تستطيعون أن تقدموا ما لم نقدمه نحن، لأننا هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية".
رواد مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا الخميس 21 يوليو/تموز 2022، صوراً للحفناوي قالوا فيها إن الأخير ظهر للترويج للاستفتاء على الدستور الذي طرحه الرئيس قيس سعيد.
هذه الخطوة نالت انتقادات؛ لما تشكله من تعارض مع مبادئ الثورة والحرية التي نادت بها "ثورة الياسمين"، فيما يندد منتقدون بالدستور الجديد الذي يعيد الصلاحيات إلى يد الرئيس وحده.
وبطرح الرئيس قيس سعيّد مشروع الدستور الجديد للاستفتاء، يعود التونسيون إلى نقطة البداية، في البلد الذي كان مهد الثورات العربية التي نادت بالحرية ونددت بالديكتاتورية، بحسب ما قالته وكالة الأنباء الفرنسية في وقت سابق.
الرئيس قيس سعيّد أزاح في الجريدة الرسمية، الخميس، الستار عن مشروع الدستور الجديد المثير للجدل والذي ينص على أن "رئيس الجمهورية يمارس الوظيفة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة" يعينه الرئيس، حسب ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية.
هذه الحكومة "مسؤولة عن تصرفاتها أمام رئيس الجمهورية" وليست بحاجة لأن تحصل على ثقة البرلمان لتزاول مهامها، كما يمكن للرئيس أن ينهي مهام الحكومة أو مهام أي عضو منها تلقائياً، ما يعني أن البلاد ستنتقل إذا ما أُقِرَّ هذا المشروع من النظام البرلماني الحالي إلى نظام رئاسي.
كما يمنح مشروع الدستور الجديد، الذي أثار حالة واسعة من الجدل، رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة في ميادين شتى؛ إذ إنه "القائد الأعلى للقوات المسلحة" و"يضبط السياسة العامة للدولة ويحدد اختياراتها الأساسية" و"يسهر على تنفيذ القوانين ويمارس السلطة الترتيبية العامة" و"يُسند، باقتراح من رئيس الحكومة، الوظائف العليا المدنية والعسكرية"، ويتمتع بحق "عرض مشاريع القوانين" على البرلمان الذي يتعين عليه أن يوليها "أولوية النظر" فيها على سائر مشاريع القوانين.
بالمقابل يقلص مشروع الدستور الجديد إلى حد بعيد، صلاحيات البرلمان الذي ستُستحدث فيه غرفة ثانية هي "المجلس الوطني للجهات والأقاليم".
وجاء في الدستور أن رئيس الجمهورية "لا يُسأل عن الأعمال التي قام بها في إطار أدائه لمهامه"، كما تنص مسودة الدستور على أن صلاحيات البرلمان الجديد لا تشمل مراقبة قرارات الرئيس التي قام بها في إطار أدائه مهامه أو أعمال الحكومة، على أن تكون الحكومة مسؤولة أمام الرئيس وليس أمام البرلمان، ما يعني تغيير النظام السياسي إلى نظام رئاسي يتمتع فيه الرئيس بصلاحيات أكبر.
ويمنح مشروع الدستور الجديد الرئيس صلاحية تسمية القضاة بمقتضى ترشيح من مجلس القضاء الأعلى، على أن يتم تشكيل مجلسين تشريعيين هما مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم.
تأتي مسودة الدستور في وقت مدَّد فيه القضاة إضرابهم بعموم البلاد أسبوعاً ثالثاً؛ للاحتجاج على عزل سعيّد 57 قاضياً، واتهامهم بالفساد و"حماية الإرهابيين".
كما كانت معارضة قيس سعيد الشعبية أخذت بعداً جديداً، الأسبوع الماضي، فقد نظَّم الاتحاد العام التونسي للشغل إضراباً عن العمل لمدة 24 ساعة، للمطالبة برفع أجور عماله، وأدى ذلك إلى توقف الرحلات الجوية الدولية والمحلية، وتعطيل النقل البري والبحري في عموم البلاد.