أجرى رئيس الوزراء الليبي، عبد الحميد الدبيبة، تحالفاً غير متوقع مع عدوه السابق، خليفة حفتر، في محاولة لترسيخ وقف إطلاق النار الهش، وإنهاء الحصار النفطي المستمر منذ أشهر، حسب ما نشرته صحيفة The Guardian البريطانية.
قبل أقل من 3 سنوات، حاصر الجيش الوطني الليبي التابع لحفتر طرابلس، في محاولة فاشلة للاستيلاء على العاصمة، ويوم الإثنين 18 يوليو/تموز 2022، في بادرة رمزية للغاية، دُعِي رئيس أركان الجيش الوطني الليبي، عبد الرزاق النادوري، لزيارة المدينة لإجراء محادثات.
وقد ترحب الأمم المتحدة باحتمالية دفن الدبيبة وحفتر لخلافاتهما في الوقت الذي تكافح فيه للحفاظ على وقف إطلاق النار، الذي أنهى حرباً استمرت 6 سنوات.
وكان الدبيبة قد وجه بادرة قوية لأنصار حفتر؛ حين أقال مصطفى صنع الله، مدير المؤسسة الوطنية للنفط، المملوكة للدولة، في الأسبوع الماضي، فيما كان صنع الله على خلاف مع المتظاهرين المؤيدين لحفتر الذين كانوا يحاصرون موانئ النفط الشرقية منذ شهور؛ ما أدى إلى تدهور الصادرات النفطية. وانتهت تلك الاحتجاجات في غضون ساعات من تنحية صنع الله؛ ما أثار احتمال عودة ليبيا إلى الإنتاج الكامل للنفط.
وستكون الحكومات الغربية سعيدة بعودة النفط الليبي إلى سوق عالمية متعثرة، لكن البعض سيرفض الدور المُعزَّز لحفتر.
ويشار إلى أن الجنرال الليبي حفتر، البالغ من العمر 78 عاماً، هو شخصية مُستَقطِبَة؛ إذ يحظى بشعبية في الشرق، لكن أعداءه يتهمونه بارتكاب جرائم حرب أثناء حصار طرابلس.
وتشعر لندن وواشنطن بالقلق من قرب حفتر من روسيا، التي تسانده بمرتزقة من مجموعة فاغنر المدعومة من الكرملين.
وقال محمد الجرح، مدير شركة Libya Desk لاستشارات المخاطر: "كان الأمريكيون والبريطانيون يتبعون سياسة وجوب احتواء حفتر بسبب صلاته بروسيا. وقد دعموا الدبيبة ليكون درعاً ضد حفتر، لكنه الآن أبرم صفقة معه".
في غضون ذلك، يثير استيلاء الدبيبة على المؤسسة الوطنية للنفط الجدل. عندما رفض رئيس مجلس الإدارة الحالي إقالته، أرسل الدبيبة قوات للسيطرة على المبنى، يوم الخميس 14 يوليو/تموز، وإجباره على الخروج. ويرفض الكثيرون تعيين فرحات بن قدارة، وهو رئيس سابق للبنك المركزي خلال ديكتاتورية معمر القذافي، محل صنع الله.
من جانبه، تعهد بن قدارة بالشفافية فيما يتعلق بالمؤسسة الوطنية للنفط، إلى جانب زيادة كبيرة في رواتب عمال النفط.
إضافة إلى ذلك، أثار استخدام القوات للسيطرة على مقر المؤسسة الوطنية للنفط قلق محللي النفط. قال مارك روسانو، الرئيس التنفيذي لشركة Capital Holdings لاستشارات الاستثمار: "أسواق النفط الخام سترحب بالاستقرار مع إعادة فتح موانئ النفط الليبية. ومع ذلك، لا يزال هناك قلق بشأن المدة التي سيستمر فيها هذا التوقف في الاحتجاجات والقتال الداخلي".
قبضة الدبيبة على السلطة محفوفة بالمخاطر. في وقت سابق من هذا الشهر، اندلعت احتجاجات في 9 مدن ضد الفساد وانقطاع التيار الكهربائي. وعُيِّن الدبيبة في الأصل رئيس وزراء مؤقت لإدارة البلاد حتى الانتخابات، التي كان مقرراً إجراؤها في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وعندما أُلغِيَت تلك الانتخابات وسط جدل دستوري، قرر البقاء في منصبه رغم مطالبة البرلمان الليبي بتنحيه.