أصبحت قناة "i24News" الإسرائيلية أول شبكة إخبارية إسرائيلية تعمل في المغرب، بعد إعلان افتتاح مكتبين لها في الرباط والدار البيضاء.
أثار هذا الإعلان غضباً واسع النطاق بين العاملين المغاربة في مجال الإعلام، إذ يرون أنَّها خطوة أخرى نحو تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمغرب وجزء من حملة أوسع لمساعي التقارب الجارية على قدمٍ وساق بين إسرائيل والدول العربية منذ عام 2020، وذلك وفق ما نشر موقع Middle East Eye البريطاني في تقرير له يوم السبت 16 يوليو/تموز2022.
قناة إسرائيلية في المغرب
ينحدر كل من الرئيس التنفيذي الفرنسي للقناة، فرانك ملول، ومالك القناة، باتريك دراحي، من أصول مغربية، حيث يحمل والد ملول الجنسية المغربية بينما وُلد دراحي في مدينة الدار البيضاء، قبل أن ينتقل إلى فرنسا في الخامسة عشرة من عمره.
أُعلن عن افتتاح القناة، التي توفر تغطية إخبارية على مدار 24 ساعة باللغات الفرنسية والإنجليزية والعربية، في 30 مايو/أيَّار 2022، وذلك في حفلٍ كبير حضره دراحي وحوالي 500 صحفي وفنان ودبلوماسي ورجل أعمال من البلدين إسرائيل والمغرب.
نُظّم الحفل في موقع "شالة" الأثري، وهو أحد أكثر الأماكن شهرة في العاصمة المغربية. حضر الحفل شخصيات عامة من البلدين، من ضمنهم أندري أزولاي، وهو أحد مستشاري الملك المغربي محمد السادس، ووزير الشباب والثقافة المغربي، مهدي بن سعيد، ووزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان، فاطمة الزهراء المنصوري.
وفقاً لمصدرين مغربيين مُطّلعين تحدثا إلى موقع "Middle East Eye" البريطاني شريطة عدم الكشف عن هويتهما، حظيت إقامة مراسم هذا الحفل بالدعم والتسهيلات إلى حدٍّ كبير بفضل وزير الشباب والثقافة المغربي، الذي ساعد القناة أيضاً في استئجار موقع "شالة" للاحتفال بإطلاق القناة.
خطوات جديدة للتطبيع بين المغرب وإسرائيل
بُثّت قناة "i24News" لأول مرة في 17 يوليو/تموز 2013 من مقرها في مدينة يافا داخل إسرائيل ونجحت في التوسع بفتح مكاتب لها في فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، ومؤخراً في دولة الإمارات العربية المتحدة.
"لمّ الشمل" بين إسرائيل والمغرب
يتجنَّب الرئيس التنفيذي للقناة فرانك ملول، وصف الصفقة الموقعة بين المغرب وإسرائيل في عام 2020 بـ"التطبيع"، مفضلاً تسميتها بـ"لمّ الشمل".
قال في مقابلة إعلامية بمناسبة افتتاح مكتب القناة في المغرب: "نحتفل بهذا الحدث لسبب بسيط وجيه وهو معرفتنا بالمغرب والثقافة المغربية، التي هي بالفعل مهمة جداً في المجتمع الإسرائيلي".
وفقاً للاتحاد العالمي لليهود المغاربة، فإنَّ ما يقرب من مليون يهودي إسرائيلي هم مغاربة أو ينحدرون من أصل مغربي، ما يجعلهم ثاني أكبر جالية في إسرائيل.
قال المصدران لموقع "Middle East Eye" إنَّه بعد النجاح في استكمال تشكيل الفريق الإداري والتحريري للقناة، يسعى مديرو "i24News" إلى عقد شراكات مع قنوات مغربية محلية خاصة ومملوكة للدولة.
مضيفاً: "هذا نموذج عمل شهدناه بالفعل في دولة الإمارات، حيث أنشأت القناة الإسرائيلية شراكات مع المجموعتين الإعلاميتين المملوكتين للدولة، (أبوظبي للإعلام) و(دبي للإعلام)، قبل توسيع نطاق تعاونها مع وسائل الإعلام الخاصة".
نقاش حول القضايا المشتركة
وفقاً للمصدرين المُطّلعين، لا تزال المناقشات جارية مع العديد من الشركاء المحتملين حول المواضيع التي تهم وسائل الإعلام الإسرائيلية في المغرب، من ضمنها الدبلوماسية والجيوستراتيجية والتاريخ والثقافة.
تجدر الإشارة إلى أنَّ هذه ليست أول شراكة إعلامية بين المغرب وإسرائيل. في 22 ديسمبر/كانون الأول عام 2020، أعلنت مجلة "L'Observateur" المغربية في بيان صحفي عن "اتفاقية شراكة استراتيجية" مع صحيفة "The Jerusalem Post" الإسرائيلية ينجم عنها عمليات تبادل للمحتوى.
في السياق ذاته، جاء الإعلان عن افتتاح مكتب لقناة "i24News" في المغرب بعد أقل من شهر من مقتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، التي اغتيلت في 11 مايو/أيَّار 2022 على يد جندي إسرائيلي أثناء تغطيتها لعملية عسكرية إسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
بالنسبة للعديد من الصحفيين المغاربة، جاء هذا الإعلان في التوقيت الأسوأ. قال 80 صحفياً مغربياً في بيان مشترك صدر في 13 يونيو/حزيران 2022 إنَّ "إعلان افتتاح القناة جاء في وقت لا يزال الجرح ينزف جراء عملية اغتيال زميلتنا الصحفية شيرين أبو عاقلة بدمٍ بارد وأمام أعين العالم على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي".
قال الصحفيون في بيان انتشر على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، إنَّهم تابعوا "بقلقٍ بالغ المسار الخطير للتطبيع الذي تنتهجه الدولة المغربية منذ ديسمبر/كانون الأول 2020 من خلال عدة اتفاقيات وقرارات من شأنها السماح لمؤسسات الاحتلال الصهيوني بتدنيس بلدنا".
كان المغرب رابع بلد عربي يوقع اتفاقية تطبيع مع إسرائيل عام 2020، بعد الإمارات والبحرين والسودان.
منذ ذلك الحين، عزّز البلدان التعاون في مختلف المجالات، حتى إنهما ذهبا في مسار التطبيع إلى حد توقيع اتفاقية تعاون أمني غير مسبوقة خلال زيارة لوزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، إلى المغرب في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، وصفها بأنَّها زيارة "تاريخية".