قررت حكومة الوحدة الوطنية الليبية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، تغيير رئيس ومجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، المؤسسة التي تعتبر العصب الرئيسي لضخ الأموال وسط مواجهة سياسية بين الفصائل المتناحرة بشأن السيطرة على المؤسسة المسؤولة عن إنتاج الطاقة في البلاد، تمثل القرار في إعادة تشكيل مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط برئاسة فرحات عمر بن قدارة، خلفاً لمصطفى صنع الله.
لم تعلن حكومة الوحدة القرار بشكل رسمي، في وقت نقلت فيه وكالة الأناضول على لسان المتحدث باسم وزارة النفط القرار والذي تم تداوله على نطاق واسع في وسائل الإعلام المحلية ووسائل التواصل الاجتماعي، حتى رحبت الوزارة لاحقاً بالخطوة في بيان نشرته.
من جهة أخرى، نفى النائب الأول لرئيس حكومة الوحدة الوطنية حسين القطراني تغيير رئيس المؤسسة الوطنية للنفط معللاً أن أي تغييرات على المؤسسة سيؤدي إلى انهيارها نتيجة الانقسام المتوقع من التغيير.
إذ إن القرار له تأثير وتبعات أكبر من مجرد تغيير اسم رئيس مؤسسة النفط، فالمؤسسة هي الجهة الوحيدة الفاعلة في ليبيا التي لم تتعرض لانقسام بين الأطراف المتنازعة منذ تأسيسها رغم محاولات الاستقطاب الشديدة التي تعرض لها مسؤولوها، ومحاولات فرض أشخاص محسوبين على جهات أجنبية لقياداتها.
أثر التغيير في المشهد الحالي..
بالرغم من كل الضغوط التي مورست على صنع الله، لكنه ووفق المحلل السياسي عبد السلام الراجحي الذي صرح لـ"عربي بوست" بأنه شخصية توافقية وقوية، كان بمثابة العصب الجامع لكل الأطراف المتنازعة سواء حفتر، أو باشاغا، أو الدبيبة، وحتى أبناء القبائل الليبية وتمكن من النأي بالمؤسسة بعيداً عن الصراع السياسي والعسكري. وان استبداله قد يكون تم بصفقة سياسية بين الدبيبة وحفتر.
من أين أتت فكرة تغيير صنع الله؟
صرحت مصادر لـ"عربي بوست" بأن فكرة التغيير أتت في إطار صفقة غير معلنة بين الدبيبة وحفتر، في لقاء جمع صدام خليفة حفتر ممثلاً للرجمة وإبراهيم علي الدبيبة ممثلاً لحكومة عائلته بالعاصمة الإماراتية أبوظبي.
اللقاء الذي رعته المخابرات الإماراتية وحضره السفير الليبي بأبوظبي سفيان سالم الشيباني، انتهى باتفاق الطرفين على استمرار حكومة الدبيبة بشروط.
أولها كان فك الارتباط بين الرجمة ورئيس الحكومة الموازية فتحي باشاغا، واستبدال رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله بمحافظ مصرف ليبيا المركزي الأسبق فرحات عمر بن قدارة المقرب من حفتر والمقرب من الإمارات.
وتعهد الدبيبة بمنح حفتر الميزانية المطلوبة لقواته والمقدرة بنحو 7 مليارات دينار ليبي، كما تضمن اللقاء اتفاقاً ضمنياً على إعادة فتح الحقول والموانئ النفطية واستئناف إنتاج النفط بمجرد تنفيذ الشروط.
تقول المصادر ذاتها إن فتحي باشاغا يعتبر هو الخاسر الأكبر من الاتفاق، والذي سيكون بمثابة كبش فداء؛ إذ تعارض أبوظبي تعارض تولي باشاغا لرئاسة الحكومة، وتتهمه بقتل 7 من أبنائها العسكريين في قاعدة الجفرة الجوية.
أثر التغيير
تشير مصادر إلى أن التغيير في قيادة المؤسسة سيسبب انقسام المؤسسة؛ إذ إن خلف صنع الله محسوب على الإمارات وعلى النظام السابق، ومن ثم سيخلق صراعاً على عائدات النفط بين الأطراف المتنازعة.
ويعاني عبد الحميد الدبيبة وحكومته من أزمة مالية خانقة نتيجة تجميد حسابات المؤسسة الوطنية للنفط في الخارج وعدم توريد واردات النفط لمصرف ليبيا المركزي.
ومنذ 17 أبريل/نيسان الماضي، يشهد قطاع النفط الليبي موجة إغلاقات للحقول والموانئ، من جانب جماعات قبلية في الجنوب والوسط والجنوب الغربي والشرقي.
وتطالب هذه الجماعات بتسليم السلطة لحكومة فتحي باشاغا المكلفة من مجلس النواب في طبرق، فيما يرفض الدبيبة التسليم إلا لحكومة تكلف من برلمان جديد منتخب.
وشغل بن قدارة منصب محافظ مصرف ليبيا المركزي في فترة حكم الزعيم الراحل معمر القذافي بين عامي 2006 و2011.
وقاد صنع الله مؤسسة النفط بشكل مباشر منذ عام 2015، في ظل إلغاء وزارة النفط حتى عودتها مع حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة.
ومؤخراً تراجع إنتاج البلاد من النفط الخام إلى ما بين 100 و200 ألف برميل يومياً، بسبب إقفال محتجّين لموانئ وحقول التصدير.
وقبل أزمة الإغلاقات كان إنتاج البلاد من النفط الخام يبلغ 1.2 مليون برميل يومياً، ووصل في بعض الأيام إلى 1.4 مليون برميل.