أعلنت حكومة الوحدة الوطنية الليبية، الثلاثاء 13 يوليو/تموز 2022، إعادة تشكيل مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط برئاسة فرحات عمر بن قدارة، خلفاً لمصطفى صنع الله.
جاء ذلك في تصريح أدلى به لمراسل الأناضول، مصدر رسمي بوزارة النفط في حكومة الوحدة التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة.
قال المصدر، الذي طلب عدم كشف هويته كونه غير مخول بالتصريح للإعلام، إن "مجلس الوزراء بحكومة الوحدة الوطنية أعاد تشكيل مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط برئيس وأربعة أعضاء".
أضاف كذلك أن رئيس المؤسسة هو "فرحات عمر بن قدارة، وبعضوية كل من خليفة عبد الصادق وكيل وزارة النفط، وحسين عبد الله صافار، ومسعود موسى، وأحمد عمار".
وشغل بن قدارة منصب محافظ مصرف ليبيا المركزي في فترة حكم الزعيم الراحل معمر القذافي بين العامين 2006 و2011.
أزمة إنتاج النفط
وقاد صنع الله مؤسسة النفط بشكل مباشر منذ عام 2015، في ظل إلغاء وزارة النفط حتى عودتها مع حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة.
في 23 يونيو/حزيران 2022، أعلن الدبيبة موافقته لوزير النفط محمد عون، بشأن تغيير صنع الله واقتراح أسماء جديدة لاعتماد الأنسب.
واتهم عون، في أكثر من مناسبة، صنع الله بحجب معلومات الإيرادات والإنتاج، ومخاطبة مديري الشركات بعدم الاعتداد بمراسلات وزارة النفط.
مؤخراً تراجع إنتاج البلاد من النفط الخام إلى ما بين 100 ألف و200 ألف برميل يومياً، بسبب إقفال محتجّين لموانئ وحقول التصدير.
ومنذ 17 أبريل/نيسان الماضي، يشهد قطاع النفط الليبي موجة إغلاقات للحقول والموانئ، من جانب جماعات قبلية في الجنوب والوسط والجنوب الغربي والشرقي.
تطالب هذه الجماعات بتسليم السلطة لحكومة فتحي باشاغا، المكلفة من مجلس النواب في طبرق، فيما يرفض الدبيبة التسليم إلا لحكومة تكلف من برلمان جديد منتخب.
وقبل أزمة الإغلاقات، كان إنتاج البلاد من النفط الخام يبلغ 1.2 مليون برميل يومياً، ووصل في بعض الأيام 1.4 مليون برميل، مقارنة مع أقل من 700 ألف حالياً.
مفاوضات سرية
بحسب تقارير سابقة، فقد اجتمع ممثلون عن عبد الحميد الدبيبة وخليفة حفتر في مفاوضات "سرية"، تدور حول اختيار مرشح موالٍ للجنرال المتقاعد قائد الميليشيا المسلحة في الشرق لرئاسة الهيئة المذكورة.
حيث قال موقع Africa Intelligence الاستخباراتي الفرنسي إن المحادثات كانت تجري منذ عدة أسابيع ويقودها رئيس الوزراء ومبعوثون خاصون للجنرال المتقاعد، حيث يمثل الدبيبة ابن أخيه ومستشاره الخاص إبراهيم الدبيبة وسفيره في أبوظبي سفيان الشيباني، أما حفتر، فيمثِّله أحد أبنائه، صدام حفتر، وفرحات عمر بن قدارة، آخر محافظ لمصرف ليبيا المركزي في عهد القذافي.
يستقر الآن بن قدارة في دبي، ويحظى بإنصات حفتر له، ورُشِّح كرئيس للبنك المركزي "المعاد توحيده" عام 2019، وهو المرشَّح لرئاسة المؤسسة الوطنية للنفط.
من الواضح أن عرض الدبيبة لحفتر يهدف إلى تفكيك "التحالف الشرقي" الذي شُكِّلَ لجعل فتحي باشاغا رئيساً جديداً للوزراء، وحفتر هو أحد الداعمين الرئيسيين للتحالف، إلى جانب رئيس مجلس النواب عقيلة صالح.
كان صنع الله في البداية مع التحالف، من خلال تعطيش الحكومة في طرابلس للأموال. بعد ذلك، غير مساره وأرسل عدة مليارات من الدولارات إلى مصرف ليبيا المركزي. تسبب تسلسل الأحداث هذا في تغيير دائم في العلاقات بين صنع الله والتحالف الشرقي، وخاصة حفتر.
يشار إلى أن صنع الله، الذي كان رئيس المؤسسة الوطنية للنفط منذ 2014 نجا بالفعل من جميع الأزمات السياسية المختلفة التي عصفت بالبلاد.
فعلى الصعيد الداخلي، يحظى صنع الله بدعم قوي من عقيلة صالح وشخصيات مثل الرجل الثاني في المجلس الرئاسي السابق أحمد معيتيق، حيث رعى الأخير الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين صنع الله وحفتر عام 2020، والذي سمح بإعادة فتح الهلال النفطي، ويدعم الآن التحالف الموالي لباشاغا.
كما يتمتع صنع الله في المقام الأول بدعم غير مشروط من معظم شركات النفط الكبرى العاملة حالياً في ليبيا، فضلاً عن دعم الدبلوماسيين الغربيين الذين يريدون حماية وحدة المؤسسة الوطنية للنفط، إلى جانب إنتاجها النفطي، خاصة الآن في أثناء محاولة الاتحاد الأوروبي فطم نفسها عن النفط والغاز الروسيين.