هوى اليورو لأدنى مستوى في 20 عاماً، واقترب من مستوى التعادل مع الدولار، اليوم الإثنين، بفعل مخاوف من أن أزمة طاقة ستدفع المنطقة إلى ركود، في حين تلقت العملة الأمريكية دعماً من توقعات بأن مجلس الاحتياطي الاتحادي سيرفع أسعار الفائدة بوتيرة أسرع وأقوى من أقرانه.
وهبط اليورو 1.29% إلى 1.0056 مقابل الدولار، وهو أضعف مستوى له منذ ديسمبر/كانون الأول 2002.
وارتفع الدولار 1% أمام سلة من العملات الرئيسية ليصل مؤشره إلى 108.14، وهو أقوى مستوى له منذ أكتوبر/تشرين الأول 2002.
ما أسباب انهيار اليورو؟
يقول الخبراء الاقتصاديون إن اضطراب صناعة الطاقة والحرب في أوكرانيا، كانا من الأسباب الرئيسية لهذا الانخفاض، حيث ألقيا بثقلهما على المنطقة واقتصادها، في حين سجلت ألمانيا أول عجز تجاري شهري لها منذ عام 1991.
كما أن ضغوط سلاسل التوريد أدت إلى إبطاء أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، والذي يعتمد بشكل كبير على الصادرات، وقد يتسبب في حدوث ركود. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن دانييلا أوردونيز من شركة أكسفورد إيكونوميكس، قولها في مذكرة لها الأسبوع الماضي حول اقتصاد منطقة اليورو: "بشكل عام، نعتقد أن التوقعات حول اليورو تتدهور بشكل حاد".
وأثّرت المخاوف بشأن النمو العالمي على أسعار النفط والطاقة، حيث هبط خام برنت، المعيار الدولي، أكثر من 9% إلى ما دون 103 دولارات للبرميل، وهو أكبر انخفاض يومي له منذ مارس/آذار، كما انخفض خام غرب تكساس الوسيط، وهو المعيار الأمريكي، بنفس القدر تقريباً، حيث انخفض إلى ما دون 100 دولار للبرميل للمرة الأولى منذ مايو/أيار.
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي جو كوينلان، رئيس استراتيجية السوق في بنك ميريل وبنك أوف أمريكا: "أوروبا هي الحلقة الأضعف في الاقتصاد العالمي، إنهم في مرمى نيران الحرب وأزمة الطاقة".
في الوقت ذاته، قال العديد من المحللين إنها مسألة وقت فقط قبل أن يصل اليورو إلى سعر صرف واحد إلى واحد مع الدولار، حيث تكافح الاقتصادات الأوروبية مع ارتفاع معدلات التضخم والاضطرابات العمالية والاضطرابات في أسواق الطاقة.
ما تداعيات هذا الانخفاض؟
يتم تحرير فواتير ما يقارب نصف المنتجات الواردة إلى منطقة اليورو بالدولار مقابل أقل من 40% باليورو، وفق بيانات مكتب الإحصاءات الأوروبي "يوروستات". ويتعلق ذلك على سبيل المثال بالعديد من المواد الأولية، مثل النفط والغاز، والتي ارتفعت أسعارها بالفعل في الأشهر الأخيرة على خلفية الحرب في أوكرانيا. لكن ستكون هناك حاجة لمزيد من اليورو لشراء السلع المستوردة بالدولار.
تقول إيزابيل ميغان، الأستاذة في جامعة "سيانس بو" في باريس، لوكالة الأنباء الفرنسية: "تفقد المنتجات المستوردة قدرتها التنافسية، وستواجه منافسة، وبالتالي ستكون أكثر تكلفة، مما يسهم في تسريع التضخم، ويهدد القدرة الشرائية للعائلات".
وبالتالي، فإن انخفاض قيمة اليورو مقابل الدولار "سيعطل السياحة الأوروبية بشكل واضح، وخاصة في الولايات المتحدة"، حسب ما حذر وليام دو فيجدر، الخبير الاقتصادي في مصرف "بي إن بي باريبا". وبما أن السياح يحتاجون إلى المزيد من اليورو لتسديد نفس المبلغ بالدولار، سترتفع فاتورة إقامتهم في الولايات المتحدة، وكذلك في البلدان التي ربطت عملتها بالدولار (قطر، الأردن، إلخ…).
وفي المقابل، يستفيد السياح الأمريكيون، وكذلك القطريون، والأردنيون من تبديل العملة، حين إقامتهم في منطقة اليورو، إذ يمكنهم أن يستهلكوا أكثر بنفس المبلغ بالدولار.
كما أن تأثير انخفاض اليورو، حسب اعتماد الشركات على التجارة الخارجية والطاقة، سيكون كبيراً، إذ يرى فيليب موتريسي، مدير الدراسات في مصرف "Bpifrance"، أن التكاليف سترتفع بشكل حاد بالنسبة للشركات التي تعتمد على المواد الخام والطاقة، والتي تصدر القليل، مثل شركات الحرفيين.
أما الرابح الأكبر من انخفاض اليورو فهو الصناعة التحويلية التي تصدر منتجاتها إلى الخارج، وخاصة صناعة الطائرات والسيارات والسلع الفاخرة والكيميائية.