نشر أكثر من 500 جندي روسي، ممن استولوا على محطة زابوريزهزهيا للطاقة النووية في جنوب أوكرانيا في مارس/آذار الماضي، بطاريات مدفعية ثقيلة وزرعوا ألغاماً مضادة للأفراد على طول شواطئ الخزان الذي تبرد مياهه المفاعلات النووية الستة في المجمع، وتحويله إلى قاعدة عسكرية.
صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، قالت الثلاثاء 5 يوليو/تموز، إن الجيش الأوكراني، الذي يسيطر على البلدات المنتشرة على الشاطئ المقابل، على بعد حوالي 3 أميال (4.8 كلم)، لا يريد طريقة سهلة لمهاجمة المحطة، نظراً للخطر الكامن في معارك المدفعية حول المفاعلات النووية النشطة.
مخاطر السلامة
الصحيفة الأمريكية قالت إن تحويل "أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا" إلى قاعدة عسكرية تطل على جبهة نشطة، يزيد من حدة أزمة السلامة المستمرة منذ أشهر للمنشأة الشاسعة والآلاف من موظفيها.
ووفقاً للصحيفة، فإن القوات الروسية نشرت مركبة مدفعية من طراز سميرتش، الشهر الماضي، قرب المجمع الذي تبلغ طاقة إنتاجه الكهربائية 5.7 غيغاواط، بالإضافة إلى قاذفات صواريخ غراد والدبابات وناقلات الجنود.
كما نقلت الصحيفة عن مسؤول أوروبي قوله إن "الروس يحتفظون بالمجمع النووي "كقاعدة لمدفعيتهم"؛ لأنهم يعرفون أن "أوكرانيا لن ترد على الهجمات التي تنطلق من المحطة النووية".
من جانبهم، قال مسؤولو الدفاع الأوكرانيون: "إنه حتى لو تمكنت قواتهم من شن جهد عسكري تقليدي لاستعادة المصنع، فإنهم يركزون حالياً على شن هجوم مضاد في مدينتي خاركيف وخيرسون في شمال شرق وجنوب البلاد".
الصحيفة نقلت أيضاً عن وزير الدفاع الأوكراني السابق، أندريه زاغورودنيوك، قوله: "يبدو أن هذا هو أحد التكتيكات الروسية، لاتخاذ البنية التحتية الحيوية واستخدامها كدرع"، مضيفاً: "لن نقتحم المصنع… الطريقة الوحيدة للقيام بذلك هي محاصرته، وأخذ المناطق المحيطة، ومطالبتهم بالمغادرة".
لا توجد "طريقة سهلة" لاستعادة المجمع
في السياق، يخشى موظفو زابوريزهزهيا وعائلاتهم من أن تؤدي عسكرة المحطة المتزايدة إلى حادث آخر على بعد 300 ميل فقط (482 كلم) من تشيرنوبل، التي شهدت أسوأ كارثة نووية في العالم.
وفي الأسبوع الماضي، اشتكت الهيئة التنظيمية النووية التابعة للأمم المتحدة من توقف الاتصال بالمحطة لثلاثة أيام.
وهذه هي المرة الثانية منذ الغزو الروسي التي يفقد فيها مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا الاطلاع على الكاميرات والأدوات التي تنقل عادة لقطات أمنية وقراءات السلامة من المجمع الضخم.
إلى ذلك، قالت شركة الطاقة الحكومية الأوكرانية "إنرغواتوم" التي لا تزال تدير المحطة، الأربعاء، إن القوات الروسية تهدد بتجفيف برك التبريد للعثور على أي أسلحة تشتبه في أن مقاتلي المقاومة الأوكرانية أخفوها تحت الماء.
ويمكن أن يشكل ذلك تحدياً خطيراً للمحطة التي تعتمد على التدفق المستمر للمياه المصفاة لتبريد مفاعلاتها وقضبان الوقود المستهلك.
اختطاف عدد من عمال المحطة
ومنذ بداية مارس/آذار، حينما احتلت القوات الروسية المحطة، اختطف الجنود عدداً من عمال المحطة للحصول على فدية، وفقاً للصحيفة، ويقول زملاؤهم إن أكثر من 40 شخصاً محتجزون حالياً.
وتستخدم العائلات الدردشات الجماعية على تطبيق المراسلة "فايبر" لمشاركة صور الأفراد المختطفين وتمويل فديتهم بشكل جماعي.
وفي المصنع، يشكو زملاؤهم من أنهم يضطرون إلى العمل لساعات إضافية لتغطية ساعات ضحايا الاختطاف.
ضحايا الاختطاف
فيما نشر أحد المختطفين على مجموعة فايبر كلمات "الرجاء مساعدتي"، وشارك صوراً لوجهه وساقه اليمنى المصابتين بكدمات شديدة، ودماء في عينه اليمنى.
وأضاف أن الروس لن يطلقوا سراحه إلا إذا جمع 50 ألف هريفنا، أي ما يعادل 1681 دولاراً، في غضون ثلاثة أيام.
ويقول متخصصون في السلامة النووية إنه بدون خبراء مستقلين يزورون الموقع، من الصعب تقييم المخاطر المختلفة التي تشكلها الألغام الأرضية الروسية والمدفعية والجنود على المفاعلين النشطين في المحطة.
تفتيش المجمع
من جهتها قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي حاولت منذ أشهر، دون جدوى، التفاوض على اتفاق وممر آمن لإجراء تفتيش للموقع، إن جميع ما تسميه الركائز السبع للسلامة النووية تقريباً قد تعرضت للخطر في زابوريزهزهيا.
ويشمل ذلك السلامة المادية للمبنى، والرصد المنتظم للإشعاع خارج الموقع، والتدفق المستمر لقطع الغيار والوقود والإمدادات.
فيما قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، إنه يريد أيضاً أن يؤكد أن أياً من إمدادات المحطة من اليورانيوم المخصب والبلوتونيوم المخصب لم تختف، لأنه يمكن، وإن كان ذلك بصعوبة بالغة، تخصيبه إلى مستوى أعلى بكثير واستخدامه في صنع الأسلحة.
وفي هذه الأثناء، تقصف المدفعية الروسية سلافيانسك أحد آخر خطوط الدفاع الأوكرانية لحماية المعاقل المتبقية التي تسيطر عليها كييف في شرق أوكرانيا بكامله.