أصدرت محكمة تونسية، الأربعاء 6 يوليو/تموز 2022، حكماً أولياً بإسقاط قوائم حزبي حركة "النهضة" و"قلب تونس" في الانتخابات التشريعية لعام 2019 في 5 محافظات، مع حرمان أعضائهما من المشاركة في الانتخابات لمدة 5 سنوات.
حيث قال رئيس محكمة المحاسبات في مدينة قفصة جنوب غربي تونس، نجيب القطاري، لوكالة الأنباء الرسمية، إن القضية تتعلق بمسألة "اللوبيينغ" وتلقي الحزبين تمويلاً أجنبياً في تلك الانتخابات.
وأوضح أن الحكم قابل للطعن عليه ويخص قوائم الحزبين في محافظات قفصة وتوزر وقبلي (جنوب غرب) والقصرين وسيدي بوزيد (وسط غرب).
سبق أن نفت "النهضة" و"قلب تونس" صحة الاتهامات الموجهة إليهما، واعتبرا أنها "مُسيسة" ضمن أزمة سياسية تشهدها تونس منذ أن بدأ رئيسها قيس سعيد فرض إجراءات استثنائية في 25 يوليو/تموز 2021.
قضية "اللوبيينغ"
في أغسطس/آب 2021، نفت "النهضة"، صاحبة أكبر كتلة في البرلمان المنحل، صحة تقارير إعلامية عن توقيعها عقداً بقيمة 30 ألف دولار مع شركة دعاية أمريكية لـ"تجميل" صورتها في الخارج، وهو ما يمنعه القانون التونسي.
وقال المكتب الإعلامي للحركة، في بيان آنذاك، إن الحركة "تخضع لإجراءات القانون التونسي، وحساباتها وعقودها يتم مراقبتها من قبل محكمة المحاسبات (رسمية)".
ينص الفصل 163 من القانون الأساسي لسنة 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء، على أنه "إذا ثبت لمحكمة المحاسبات أن المترشّح أو القائمة تحصّلت على تمويل أجنبي لحملتها الانتخابية، فإنها تحكم بإلزامها بدفع خطية (غرامة) ماليّة تتراوح بين عشرة أضعاف وخمسين ضعفاً لمقدار قيمة التمويل الأجنبي".
كما يفقد أعضاء القائمة الحاصلة على تمويل أجنبي عضويتهم في المجلس المنتخب، ويُعاقب المترشّح لرئاسة الجمهورية المتمتع بتمويل أجنبي بالسجن لمدة خمس سنوات.
وكذلك يُحرم كل من تمّت إدانته بالحصول على تمويل أجنبي لحملته الانتخابية من الترشّح في الانتخابات لمدة خمس سنوات من تاريخ صدور الحكم بالإدانة.
إجراءات ضد الغنوشي
يأتي ذلك في الوقت الذي أحال القضاء التونسي، الأربعاء رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، إلى التحقيق بتهمة تبييض أموال، فيما يعرف بقضية جمعية "نماء تونس" الخيرية.
كما نقلت وكالة رويترز عن مسؤول في الحركة، أن قاضياً استدعى الغنوشي لإجراء تحقيق معه يوم 19 يوليو/تموز المقبل بشبهة تبييض أموال.
وقالت حركة النهضة في بيان إن الغنوشي، رئيس البرلمان المنحل، ليس لديه أية تمويلات خارجية أو داخلية غير قانونية، وإن القضية تهدف لتصفية الخصوم السياسيين وتخويف الناس من مغبة فشل الاستفتاء على دستور جديد دعا إليه سعيد.
حسب راديو "موزاييك" (خاص) فإن "قاضي التحقيق الأول بالمكتب 23 بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، قرر استنطاق الغنوشي بصفته متّهماً في القضية التحقيقية المتعلقة بجمعية نماء تونس الخيرية".
وأضاف: "تولى أعوان الوحدة المركزية لمكافحة الإرهاب والجرائم الماسة بسلامة التراب الوطني، الثلاثاء، إعلام الغنوشي بالاستدعاء الموجّه إليه من طرف قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الاٍرهاب".
والثلاثاء أعلنت لجنة التحاليل المالية التابعة للبنك المركزي التونسي، تجميد حسابات بنكية وأرصدة مالية للغنوشي (رئيس البرلمان المحلول) و9 أشخاص آخرين.
جاء ذلك بموجب إعلان من البنك المركزي وقعه المحافظ مروان العباسي، موجه للبنوك والبريد التونسي.
وأوضح الإعلان أن القرار صدر بعد طلب من قاضي التحقيق الأول بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة.
إلى جانب الغنوشي وأحد أبنائه، ضم الإعلان أسماء رئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي وبنتيه، ووزير الخارجية الأسبق رفيق بن عبد السلام وآخرين، ولم يصدر على الفور تعليق من الشخصيات الواردة أسماؤهم بالإعلان.
يُشار إلى أنه في 23 يونيو/حزيران الماضي، أوقفت السلطات التونسية الجبالي في مدينة سوسة (شرق)، لتطلق سراحه بعد 3 أيام دون إصدار بيان رسمي في الأمر.
إجراءات سعيّد
يشار إلى أن الرئيس سعيد حل البرلمان المنتخب عام 2019 ضمن إجراءات استثنائية تضمنت أيضاً إقالة الحكومة وتعيين أخرى وحل مجلس القضاء وإصدار تشريعات بمراسيم قضائية.
كما شملت الإجراءات تنظيم استفتاء شعبي على مشروع دستور جديد في 25 يوليو/تموز الجاري، وتبكير الانتخابات البرلمانية إلى 17 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات الاستثنائية "انقلاباً على الدستور"، بينما ترى فيها قوى أخرى "تصحيحاً لمسار ثورة 2011" التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987-2011).