اجتمع ممثلون عن عبد الحميد الدبيبة وخليفة حفتر في مفاوضات "سرية"، تدور حول دعم لرئيس وزراء حكومة الوحدة الليبية، مقابل اختيار مرشح موالٍ للجنرال المتقاعد قائد الميليشيا المسلحة في الشرق، حسب موقع Africa Intelligence الاستخباراتي الفرنسي 1 يوليو/تموز 2022.
أضاف الموقع الاستخباراتي أن المحادثات تجري منذ عدة أسابيع ويقودها رئيس الوزراء ومبعوثون خاصون للجنرال المتقاعد، حيث يمثل الدبيبة ابن أخيه ومستشاره الخاص إبراهيم الدبيبة وسفيره في أبوظبي سفيان الشيباني، أما حفتر، فيمثِّله أحد أبنائه، صدام حفتر، وفرحات عمر بنقدارة، آخر محافظ لمصرف ليبيا المركزي في عهد القذافي.
ويستقر الآن بنقدارة في دبي، ويحظى بإنصات حفتر له، ورُشِّح كرئيس للبنك المركزي "المعاد توحيده" عام 2019، ويُرشَّح الآن بقوة لرئاسة المؤسسة الوطنية للنفط، إذا توصل الدبيبة وحفتر إلى اتفاق.
تفاصيل المفاوضات
بعد أن اتهم وزير النفط، محمد عون، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط بمنع دفع مبلغ 10.9 مليار دولار للخزانة، أصدر الدبيبة دعوة سابقة إلى صنع الله ومجلس إدارة المؤسسة بالكامل للاستقالة.
بعد ذلك، التقى ممثلو الدبيبة وحفتر في العاصمة الإماراتية في 27 يونيو/حزيران 2022، في محاولة لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق.
بالإضافة إلى تعيين عمر بن دارة رئيساً لمجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط ورئيساً تنفيذياً لها، سيختار حفتر ثلاثة مديرين في مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، بينما سيعين عون (أي الدبيبة) الاثنين الآخرين.
لكن مصير رئيس الوزراء لا يزال موضوع مفاوضات صعبة. إنه يريد البقاء في منصبه، لكن حفتر لا يبدو مستعداً لقبول ذلك. في الوقت الحالي، ذهب حفتر إلى حد القول إن الدبيبة ودائرته لن يواجهوا أي مشكلة عندما يترك رئيس الوزراء منصبه، وإن التعيينات التي قام بها، لا سيما السفراء، لن تكون موضع تساؤل.
خلاف في تحالف الشرق
من الواضح أن عرض الدبيبة لحفتر يهدف إلى تفكيك "التحالف الشرقي" الذي شُكِّلَ لجعل فتحي باشاغا رئيساً جديداً للوزراء، وحفتر هو أحد الداعمين الرئيسيين للتحالف، إلى جانب رئيس مجلس النواب عقيلة صالح.
كان صنع الله في البداية مع التحالف من خلال تعطيش الحكومة في طرابلس للأموال. بعد ذلك، غير مساره وأرسل عدة مليارات من الدولارات إلى مصرف ليبيا المركزي. تسبب تسلسل الأحداث هذا في تغيير دائم في العلاقات بين صنع الله والتحالف الشرقي، وخاصة حفتر.
رداً على ذلك، سمح الجنرال المتقاعد لحركات احتجاج مناسبة بوقف الإنتاج من بعض حقول النفط في المناطق التي يسيطر عليها، والذي لم يبذل أي محاولة للتدخل. تسبب هذا الحصار غير الرسمي في انخفاض إنتاج النفط الليبي من 1.2 مليون برميل يومياً إلى ما يزيد قليلاً على 700 ألف.
اهتمام حفتر بنفط البلاد ليس بجديد. حاولت عشيرته في عدة مناسبات بيع النفط الخام عبر موانئ الهلال النفطي الواقعة في برقة، وتحت سيطرة الجيش الوطني الليبي. لكن حتى الآن، يظل الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة والمجتمع الدولي سارياً على مبيعات النفط التي لا تجري عبر قنوات المؤسسة الوطنية للنفط.
رجل يحظى بدعم واسع
ما من ضماناتٍ لنجاح المفاوضات بين الدبيبة وحفتر، أو أنها ستؤدي إلى عزل صنع الله، الذي كان رئيس المؤسسة الوطنية للنفط منذ 2014 ونجا بالفعل من جميع الأزمات السياسية المختلفة التي عصفت بالبلاد.
فعلى الصعيد الداخلي، يحظى بدعم قوي من عقيلة صالح وشخصيات مثل الرجل الثاني في المجلس الرئاسي السابق أحمد معيتيق، حيث رعى الأخير الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين صنع الله وحفتر عام 2020، والذي سمح بإعادة فتح الهلال النفطي، ويدعم الآن التحالف الموالي لباشاغا.
كما يتمتع صنع الله في المقام الأول بدعم غير مشروط من معظم شركات النفط الكبرى العاملة حالياً في ليبيا، فضلاً عن دعم الدبلوماسيين الغربيين الذين يريدون حماية وحدة المؤسسة الوطنية للنفط إلى جانب إنتاجها النفطي، خاصة الآن في أثناء محاولة الاتحاد الأوروبي فطم نفسها عن النفط والغاز الروسيين.