روى لاجئون ناجون من العبور الجماعي المميت لجيب مليلية الإسباني، شهاداتهم حول الواقعة التي تسببت في مقتل 23 شخصاً؛ إذ وصفوها بالمذبحة المروعة، بحسب صحيفة The Guardian البريطانية، الخميس 30 يونيو/حزيران.
إذ قال الشاب السوداني محمد إنه، بعد ثوانٍ من دخوله إلى الأراضي الإسبانية، استدار ليرى إلى أين وصل أصدقاؤه على طول أسلاك السياج التي ترتفع لأمتار، والتي تفصل جيب مليلية الإسباني عن المغرب.
الشاب البالغ من العمر 20 عاماً قال: "كان الأمر مروعاً؛ كان حمام دم. بدا أنَّ العديد منهم ماتوا وأصيب الكثيرون".
وذكر التلفزيون المغربي الرسمي أنَّ 23 قتلوا أثناء محاولة نحو ألفي شخص، معظمهم من إفريقيا جنوب الصحراء، العبور إلى واحدة من اثنين من الحدود البرية التي تربط بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا، يوم الجمعة الماضي 24 يونيو/حزيران.
فيما تقول المنظمات غير الحكومية على الأرض إنَّ عدد الوفيات قد يكون أعلى. وصرحت هيلينا مالينو غارزون من منظمة Walking Borders في وقت سابق من هذا الأسبوع: "لقد تأكدنا من 37 حالة وفاة في مأساة مليلية".
وفي حديث للصحفيين، يوم السبت 25 يونيو/حزيران، وصف رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، العبور الجماعي بأنه "هجوم عنيف واعتداء على وحدة أراضي إسبانيا". وألقى باللوم على "المافيا التي تتاجر بالبشر".
لكن نفى الشاب السوداني، محمد، الذي كان من بين 133 تمكنوا من العبور إلى إسبانيا، ما قاله سانشيز. وأضاف لإذاعة RTVE: "لا توجد مافيا، وليس لدينا المال لندفع لهم. نحن ننظم أنفسنا".
وفي أعقاب المأساة، دعت أكثر من 50 مجموعة إلى إجراء تحقيق. وكان من بينها مجموعة من نحو 50 مهاجراً ولاجئاً عبروا الحدود إلى مليلية في الأشهر الأخيرة.
"لم ندفع أي شيء مقابل العبور"
بينما قال شاب يدعى حسين لـ El País: "لماذا يقول بيدرو سانشيز إننا مافيا؟ لم ندفع أي شيء… فقط استخدمنا أدمغتنا وتوصلنا إلى خطة جيدة لأننا كنا نعاني كثيراً".
وكانت اللجنة الإسبانية للاجئين قالت إنَّ عدداً كبيراً ممن حاولوا العبور الأسبوع الماضي، كانوا من طالبي اللجوء الفارين من الصراع في السودان؛ ما يشير إلى أنَّ العنف منع الأشخاص المؤهلين للحصول على الحماية الدولية من الوصول إلى الأراضي الإسبانية.
وأثارت صور من اليوم الأكثر دموية على الحدود في الذاكرة الحديثة ذعراً.
إذ قالت جوديث سندرلاند من منظمة Human Rights Watch: "تُظهر مقاطع الفيديو والصور جثثاً متناثرة على الأرض في برك من الدماء، وقوات الأمن المغربية تركل وتضرب الناس، والحرس المدني الإسباني يطلق الغاز المسيل للدموع على رجال متشبثين بالأسوار".
فتح تحقيق في الوفيات
وقال ممثلو الادعاء في إسبانيا، يوم الثلاثاء 28 يونيو/حزيران، إنهم فتحوا تحقيقاً في الوفيات.
عبر الحدود، بدأ المسؤولون المغاربة حملة قمع، حيث حاكموا 65 شخصاً شاركوا في العبور بتهم إشعال الحرائق ومهاجمة قوات الأمن وتسهيل عبور الحدود خلافاً للقانون، وفقاً لوكالة Reuters. كما نُقِل مئات المهاجرين بعيداً عن الحدود؛ حيث تُرِكوا في نقاط مختلفة داخل المغرب.
من جانبها، اتهمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان المسؤولين في المغرب بمحاولة التستر على الوفيات، مشيرة إلى أنه بعد 6 أيام من المأساة، لم يُجرَ تشريح واحد لجثة، ولم تُبذَل جهودٌ لتحديد هوية القتلى.
كان هذا العبور الجماعي الدموي هو الأول منذ إصلاح العلاقات بين إسبانيا والمغرب، بعد نزاع استمر لمدة عام، تركَّز على الصحراء الغربية، المستعمرة الإسبانية السابقة التي ضمها المغرب عام 1975.