إسرائيل تترقب.. خطة أمريكية لخفض التنسيق بينها وبين السلطة ومخاوف من فقدان السيطرة على الضفة

عربي بوست
تم النشر: 2022/06/30 الساعة 12:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/06/30 الساعة 12:27 بتوقيت غرينتش

شكّل التوتر الأمني في الضفة الغربية، وتحديداً في مدينة جنين، في الأشهر الأخيرة، تحدياً إسرائيلياً، دفع بأوساط سياسية وعسكرية إسرائيلية إلى البحث عن أسباب تنامي حالة المقاومة المسلحة في الضفة الغربية، وأسباب تراجع قدرة الأمن الفلسطيني على ضبط الحالة الأمنية في المناطق التابعة للسلطة الفلسطينية، ما دفع لخطة أمريكية لخفض التنسيق بين إسرائيل والسلطة اضطرت جيش الاحتلال إلى شن عملية عسكرية في الضفة الغربية منذ نحو 3 أشهر، عرفت بعملية "كاسر الأمواج"؛ لمحاولة ضرب الخلايا العسكرية للفصائل المسلحة في مدينة جنين، والعمل على تفكيكها.

هذه الحالة الأمنية التي تعيشها إسرائيل، دفعت بوزير الدفاع بيني غانتس، في كلمة له أمام مؤتمر هوروفيتس للاقتصاد، الأربعاء 22 يونيو/حزيران 2022، إلى وضع ساحة الضفة الغربية كأحد التهديدات المركزية التي تواجه الدولة، والتي تتطلب، وفق قوله، البدء بترتيبات أمنية تتبعها خطوات سياسية تبقي دولة الاحتلال مسيطرة على الحالة الأمنية بشكل كبير، رغم أن ساحة الضفة الغربية كانت حتى وقت قريب بعيدة عن سلم الأولويات للتحديات الأمنية الإسرائيلية، مقابل تنامي التهديدات من ساحة قطاع غزة.

القلق من خطط واشنطن لخفض التنسيق الأمني

أمام هذا الواقع كشف تقرير للمراسل السياسي في موقع "واللا"، باراك رافيد، أن الأوساط الأمنية والعسكرية في إسرائيل قلقة من التوجه الأمريكي بخفض مستوى التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، كجزء من قانون الدفاع الوطني، الذي يقضي بخفض رتبة 111 جنرالاً ولواءً أمريكياً في الجيش، بما فيهم مكتب المنسق الأمني ​​الأمريكي في القدس، على أن يتم نقل هؤلاء الجنرالات إلى مناطق يشوبها التوتر؛ حفاظاً على المصالح الأمريكية في قارة آسيا.

يشير رافيد إلى أن التعاون الأمني الأمريكي الإسرائيلي مع السلطة الفلسطينية معرض للخطر في حال صدّق وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن على القرار، لأن توقيت التلويح بهذا الإجراء سيلحق الضرر بالأمن القومي الإسرائيلي، لذلك يستوجب إعادة النظر في استثناء التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية من هذا الإجراء.

فيما تطرق تقرير لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى لهذه المسألة؛ حيث أشار إلى أن التنسيق الأمني بين قوات الأمن الفلسطينية والإسرائيلية بات روتينياً، وهو ما يفسر عودة التوتر إلى ساحة الضفة الغربية بعد سنوات طويلة من الهدوء، ويتطلب الوضع الجديد إعادة تنظيم قطاع الأمن الفلسطيني، ومنح الضباط الفلسطينيين ذوي الرتب العسكرية المتدنية صلاحيات أوسع للانخراط في مهامهم الأمنية بشكل فعال.

ينقل معدا التقرير، وهما شيرا عفرون وغيث العمري، الباحثان في منتدى السياسات الإسرائيلية في المنتدى، عن مسؤولين في وزارة الدفاع الإسرائيلية قولهم إن هنالك ضرورة ملحة لتوسيع عدد الكتائب التابعة للأمن الفلسطيني من 9 إلى 10 كتائب، ونقل الكتيبة العاشرة إلى مخيم جنين ومحيطها، لأن طابع المدينة الديني ووجود نسب بطالة عالية في صفوفها، يستدعي من إسرائيل أن تتحرك سريعاً لإعادة السلطة لبسط سيادتها على هذه المدينة قبل أن تتحول إلى منطقة تمرد لا يمكن احتواؤها بعد ذلك.

توظيف مئات العناصر التابعة للمخابرات العامة 

هذا الإجراء، وفقاً للتقرير، يتطلب توظيف ما بين 350-600 عنصر أمن جديد يكونون تابعين لجهاز المخابرات العامة، على أن يتم تدريبهم في معسكرات خاصة في الأردن والولايات المتحدة الأمريكية ضمن عقيدة أمنية مختلفة عن الحالة التي نشأت عليها قوات الأمن الحالية، وأن تكون مرجعية هذه القوات الجديدة هي الإدارة المدنية الإسرائيلية، أو ما يعرف بمكتب المنسق الإسرائيلي الذي يديره الجنرال غسان عليان.

إلا أن هذا الإجراء يستلزم تحركاً سياسياً أمريكياً في المنطقة، فالحالة السياسية وتراجع ثقة كل من مسؤولي السلطة بالحكومات الإسرائيلية الأخيرة، يتطلب دوراً جديداً من واشنطن لدفع عملية السلام، ومحاولة إعادة الثقة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.

إشكال آخر يواجه قوات الأمن الفلسطينية هو أن قطاعاً كبيراً من الضباط لا يزالون على رأس عملهم منذ 3 عقود، وجزء آخر تركوا وظائفهم وباتت شاغرة لأجل الكسب المضاعف من خلال العمل في الداخل الإسرائيلي الذي يمتاز بأجوره المرتفعة، وهذه حالة تعتبر مخالفة للعقيدة العسكرية، التي تستوجب ضخ دماء جديدة في قطاع الأمن، يتمتعون بمهارات استثنائية، نظراً لحجم التهديدات المحيطة بالوضع الفلسطيني والإسرائيلي على حد سواء.

أشكال التنسيق الأمني

يأخذ التنسيق الأمني بين أجهزة الأمن الفلسطينية والإسرائيلية عدة أشكال؛ أبرزها تسيير دوريات مشتركة من الشرطة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي للبحث عن مقاومين، وملاحقة سلاح المقاومة، واعتقال من يشتبه في محاولة تنفيذه عمليات داخل إسرائيل، وملاحقة التنظيمات التي تتبنى المقاومة وهدمها تماماً والقضاء على بنيتها التحتية، وإشاعة الذعر في صفوف المواطنين من خلال نشر المندوبين والمخبرين داخل المخيمات.

والتنسيق جزء من التزام السلطة الفلسطينية تجاه الاتفاقيات الأمنية الموقّعة مع إسرائيل، وأبرزها اتفاق طابا الموقع في عام 1995، الذي جاء كملحق أمني لاتفاق أوسلو بين منظمة التحرير وإسرائيل في عام 1993، الذي وضع أساساً لقيام ونشوء السلطة الفلسطينية.

وأثير ملف التنسيق الأمني في الساحة الفلسطينية، ففصائل المقاومة، وعلى رأسها حركة حماس، تعتبر تمسك السلطة بهذا التنسيق هدفاً مشتركاً يجمع المصلحة الإسرائيلية مع السلطة لاجتثاث الحركة، ولضرب منظومة العمل العسكري في الضفة الغربية.

بموازاة ذلك يستنزف قطاع الأمن خزينة السلطة الفلسطينية، فوفقاً لتقرير صادر عن الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة – أمان؛ فإن قطاع الأمن استحوذ على حصة الأسد من نفقات السلطة خلال عام 2021، بحوالي 22% من إجمالي النفقات العامة، بواقع 3.5 مليار شيكل (1 مليار دولار). مقابل 19% مخصصة لموازنة التعليم، و14% لوزارة الصحة، و6% للتنمية الاجتماعية.

تحميل المزيد