أمام المحكمة الاتحادية بالعراق، قدّم 7 سياسيين دعوى قضائية ضد الرئاسات الثلاث (الجمهورية والوزراء والبرلمان)، مطالبين المحكمة الاتحادية العليا، وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد، بحل مجلس النواب العراقي.
اللافت أن من بين السياسيين الـ7 البرلماني هادي حسن، والذي رأى بدوره أن البرلمان قام بعدد من الخروقات التي تدفع باتجاه حله، وأنه لم يمارس الدور المنوط به وفق ما جاء في البيان الموقع من المتقدمين بالدعوى.
يقول القاسم عبد الجبار، وهو أحد المتقدمين بالدعوى، لـ"عربي بوست"، إنه في ظل الانسداد السياسي والخروقات الأمنية وتفاقم الأزمة الاقتصادية واستمرار معاناة المواطنين، قرروا رفع هذه الدعوى استناداً إلى نصوص دستورية واضحة، خرقت بالدستور، مستندين بشكل رئيسي إلى المادة 72 من الدستور، والتي تنص على وجوب قيام مجلس النواب بانتخاب رئيس الجمهورية خلال مدة أقصاها 30 يوماً من تاريخ عقد أول جلسة لمجلس النواب، وكذلك المادة 50 من الدستور، التي تتضمن نص اليمين الدستورية، الذي على أعضاء مجلس النواب الالتزام به.
مجلس النواب العراقي لم يلتزم بدوره
لكن مجلس النواب -حسب القاسم- لم يلتزم بالنصوص الدستورية؛ ما أدى إلى حالة من الفوضى السياسية، وعليه فاتجهوا إلى المحكمة، والتي من المفترض أنها الجهة العليا المعنية بتطبيق الدستور وتنفيذه.
يشير القاسم "جمعتنا فكرة أن يكون هناك ضغط سياسي لنسير بالعملية السياسية لسبيل واضح، ودعوتنا أن هذا البرلمان حنث بالوعود البرلمانية التي حلف بها ومارس مجموعة من الخروقات الدستورية المنافية للقانون، وفكرة أن الدعوة تم قبولها شكلاً من قبل المحكمة الاتحادية، فهذا مؤشر على إمكانية تجاوب المحكمة مع الدعوى، إذ يتم مناقشة الدعاوى من هذا النوع على مرحلتين، قبولها شكلاً، ومن ثم موضوعاً، وأنه في حال قبلت المحكمة الاتحادية الدعوى مضموناً فإنها تصدر قرارها بحل البرلمان وإعادة إجراء انتخابات من جديد.
تخوفات تزداد بعد استقالة كتلة الصدر
التخوفات التي أشار إليها القاسم ازدادت وفق مراقبين، لاسيما بعد قرار رئيس التيار الصدريّ مقتدى الصدر باستقالة أعضائه، ويبدو أن القرار لا رجعة فيه خلافاً لقراراتٍ سابقة تراجع عنها، كان آخرها تراجعه عن إعلانه، في يوليو/تموز 2021، الانسحاب من العملية السياسية وإغلاق مكاتب التيار الصدريّ وعدم المشاركة في انتخابات أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويعتقد "الإطار التنسيقيّ" الذي يضمّ قوىً سياسية فاعلة في المشهدين الأمنيّ السياسي، أن استقالة نواب الكتلة الصدرية "ستخلق فجوةً كبيرة" في العملية السياسية.
في حين أن تمسّك قوى الإطار التنسيقي بخيار تشكيل "حكومة توافقية" مُتفق عليها داخل المكون الشيعي، يعدّ من أهم العقبات التي حالت دون تحقيق الكتلة الصدرية رغبتَها في تشكيل حكومة "غالبية وطنية"، من شأنها إنهاء المحاصصة السياسية.
المحكمة غير منوطة
من جانب آخر، يرى بهاء نوري، وهو نائب عن ائتلاف دولة القانون ضمن الإطار التنسيقي الشيعي أن المحكمة الاتحادية لن تنظر بجدية إلى الدعوى المقدمة، خاصة بعد التطورات الأخيرة، وأداء النواب البدلاء اليمين الدستورية يوم الخميس، والبدء في مفاوضات تشكيل الحكومة، ويضيف أن الدعوة كان من الممكن النظر فيها والحديث عنها في حال استمرار الانسداد السياسي قبل استقالة النواب الصدريين.
ويشير إلى أنه من الناحية القانونية فإن حل البرلمان من قبل المحكمة الاتحادية العليا عملية معقدة، لأن المحكمة ستحيل الأمر إلى البرلمان بحسب الدستور العراقي، الذي أحال عملية حل البرلمان إلى السلطة التنفيذية والتشريعية فقط.
لا تبدو القوى السياسية الفاعلة قادرة على إخراج العراق من حالة "الانسداد السياسي" والأزمة المتفاقمة، التي من المتوقع أن تُدخل العراق في أزماتٍ أعمق سياسية واقتصادية وأمنية.
ومنذ تصديق المحكمة الاتحادية العليا على نتائج انتخابات 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فشلت الكتلة الصدرية التي تحالفت مع "تحالف السيادة" و"الحزب الديمقراطي الكردستاني"، بتمرير انتخاب رئيس الجمهورية في ثلاث جلسات بسبب موقف نواب قوى "الإطار التنسيقي" ومقاطعتهم تلك الجلسات.
وأمام العراقيين خيار حلّ البرلمان عبر تقديم ثلث أعضاء المجلس (110 أعضاء) طلباً إلى رئيس المجلس، أو بطلب يتقدّم به رئيس الوزراء بموافقة رئيس الجمهورية يقدّم إلى مجلس النواب يصوّت عليه في كلتا الحالتين بموافقة الغالبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس (210 أعضاء).