واصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأربعاء 22 يونيو/حزيران 2022، مشاوراته الصعبة مع المعارضة وحلفائه لتشكيل أغلبية برلمانية، بعدما أرغمه الفرنسيون على السعي لتسويات، عبر نتيجة الانتخابات التشريعية الأخيرة، فيما باتت فكرة حكومة وحدة وطنية التي طُرحت لبعض الوقت، مستبعدة.
فبعد ثلاثة أيام على الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية التي أُجريت الأحد 19 يونيو/حزيران 2022، لا يزال الوضع السياسي في فرنسا معقداً لرئيس الدولة، الذي اضطر إلى إعادة النظر في خططه، بسبب عدم التمكن من الفوز بغالبية واضحة في الجمعية الوطنية.
ماكرون، الذي بقي صامتاً منذ الأحد ويدخل اعتباراً من الخميس في سلسلة التزامات دولية، من انعقاد المجلس الأوروبي ومجموعة السبع وصولاً إلى قمة حلف شمال الأطلسي، يُجري مشاورات في كل الاتجاهات.
ففي أول خطاب له عقب نتائج الانتخابات، قال ماكرون، الأربعاء 22 يونيو/حزيران 2022، إن "جميع قادة الأحزاب في البرلمان الفرنسي متفقون على ضرورة تجنب الجمود السياسي، عليهم الآن العمل للتوصل إلى حل وسط".
أضاف أنه "يجب إبرام اتفاقات جديدة بين الأحزاب"، وأنه "سيسعى خلال الأسابيع القادمة، لتشكيل أغلبية".
كذلك أشار ماكرون إلى أنه لا يمكنه تجاهل وجود انقسامات، وقال إن "الانقسامات التي تعم بلادنا عميقة"، وأضاف: "علينا أن نوضح خلال الأيام القليلة القادمة حجم المسؤولية والتعاون الذي يمكن أن تقبله التشكيلات المختلفة في الجمعية الوطنية".
لفت ماكرون إلى أنه بينما سيقضي اليومين المقبلين في قمة للاتحاد الأوروبي، فإن الأمر متروك لقادة الأحزاب السياسية ليقولوا "إلى أي مدى هم على استعداد للمضي قدماً".
كان ماكرون قد استقبل الثلاثاء واليوم الأربعاء، قادة من أحزاب أخرى من الغالبية والمعارضة.
من جانبه، رأى رئيس المجلس الأعلى في البرلمان جيرار لارشيه (يمين)، أن البلاد "قد يكون من الصعب حكمها"، داعياً إلى "تغيير عميق في موقف" الرئيس، وذلك في مقابلة مع صحيفة "لوباريزيان"، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
من جانبه، أشار زعيم الشيوعيين فابيان روسيل، أمس الثلاثاء، إلى أن الرئيس ماكرون "يفكر في" تشكيل "حكومة وحدة وطنية"؛ من أجل إيجاد "سبل للخروج من الوضع السياسي" في الجمعية الوطنية.
في هذا السياق، قالت النائبة اليمينية المتطرفة مارين لوبان التي هزمها ماكرون بالانتخابات الرئاسية في أبريل/نيسان 2022، إن الرئيس تطرق إلى هذه الفرضية، واعتبرت لوبان أن "الوضع لا يبرر ذلك".
من جهته، استبعد وزير العلاقات مع البرلمان، أوليفييه فيران، اليمين المتطرف وحزب "فرنسا الأبية" من هذه الغالبية، لأنهم حسب قوله، "ليسوا ضمن القوس الجمهورية".
عرض فيران عدة فرضيات مثل "توسيع" الغالبية، و"استمرار تجاوز الوسط اليسار والوسط اليمين"، و"توسيع بشكل أكبر"، أو "نظام غالبية مشروعاً بعد مشروع، تارة مع اليسار وطوراً مع اليمين".
يُشار إلى أن الانتخابات البرلمانية الأخيرة قسمت المشهد السياسي في فرنسا إلى ثلاث كتل: الوسط بقيادة إيمانويل ماكرون (245 نائباً، تحالف "معاً!")، واليمين المتطرف بقيادة مارين لوبان (89 نائباً، حزب التجمّع الوطني)، وتحالف اليسار بدءاً باليسار الراديكالي وصولاً إلى الاشتراكيين (135 نائباً) بقيادة جان لوك ميلانشون (الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد).