قالت أحزاب المعارضة الفرنسية، الثلاثاء 21 يونيو/حزيران 2022، إنه سيتعين على الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي وصفته بـ"المتغطرس"، أن يغيّر مساره ويستمع إليها، كي يحصل على دعمها على أساس كل قضية على حدة، وذلك بعدما فشل في السيطرة على البرلمان.
زعماء المعارضة الذين سيلتقي بهم ماكرون يومي الثلاثاء والأربعاء، أوضحوا أن الحصول على أي دعم منهم له ثمن؛ مما يفتح الباب أمام احتمال إجراء محادثات صعبة بشأن كل مقترح سياسي.
من جانبه، قال كريستيان جاكوب، رئيس حزب (الجمهوريون) المحافظ، لإذاعة "فرانس إنتر"، "إنه من كان متغطرساً الآن يطلب المساعدة".
أضاف جاكوب للصحفيين في وقت لاحق بعد اجتماعه مع ماكرون: "قمنا بحملتنا في المعارضة (…) وسنظل في المعارضة". وأضاف أنه أبلغ الرئيس بأن إبرام أي اتفاق لتشكيل ائتلاف سيعتبره الناخبون المؤيدون لحزب (الجمهوريون) "خيانة".
لكن جاكوب، الذي يتمتع حزبه بوضع جيد ويتفق إلى حد كبير مع برنامج ماكرون الاقتصادي، فتح الباب أمام إبرام اتفاقات بشأن كل قضية على حدة، قائلا إن الأمر في ذلك يرجع إلى ماكرون، كي يخطو خطوة صوبهم ويأخذ اقتراحاتهم محل الجد.
من جهته، قال قصر الإليزيه الرئاسي في بيان إن ماكرون الذي يريد تعميق التكامل بين دول الاتحاد الأوروبي، ورفع سن التقاعد، وتعظيم الاستفادة من الطاقة النووية، يريد أن تتمكن محادثات هذا الأسبوع مع المعارضة من "تحديد حلول بناءة ممكنة".
كان ماكرون قد خسر الأغلبية المطلقة في البرلمان خلال الانتخابات البرلمانية التي جرت يوم الأحد 19 يونيو/حزيران 2022، وذلك على الرغم من جاء في صدارة النتائج.
لم تمنح هذه الانتخابات الأغلبية لأي حزب، وقد اتّسمت بتحقيق اليمين المتطرّف تقدماً كبيراً وبتأكيد انقسام المشهد السياسي إلى ثلاث كتل: الوسط بقيادة إيمانويل ماكرون (245 نائبًا، تحالف "معاً!").
اليمين المتطرف بقيادة مارين لوبان (89 نائباً، حزب التجمّع الوطني)، وتحالف اليسار بدءاً باليسار الراديكالي وصولاً إلى الاشتراكيين (135 نائبًا) بقيادة جان لوك ميلانشون (الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد).
بين الوسط واليمين المتطرف، هناك اليمين التقليدي المتمثل بحزب "الجمهوريون" الذي ضعُف لأنه خسر مكانته كأكبر كتلة معارضة في المجلس، لكن يمكنه أن يلعب دوراً حاسماً في البرلمان بحصوله على 61 معقداً.
عملياً، أمام تحالف ماكرون خياران؛ وهما إما أن يبرم اتفاقاً مع أحزاب أخرى على غرار الاتفاقات الحكومية في ألمانيا، أو أن يتفاوض على كلّ نصّ يريد تمريره، لكن كلّما كان عدد النواب الناقصين لبلوغ الأغلبية أكبر، كانت المسألة أكثر صعوبة.
يضع هذا المشهد البرلمان في قلب اللعبة السياسية في فرنسا، ورأت صحيفة "لوفيغارو" أن فرنسا "تقوم بقفزة نحو المجهول السياسي"، وكتبت: "زلزال في الجمعية: فرق متناحرة تثير ضجيجاً ستستقر في المجلس وتحوله إلى قدر يغلي… إن نقاشنا الديموقراطي برمّته (…) سيتأثر بشكل عميق".
من جانبها، كتبت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية "الرئيس المنتخب مؤخراً بات يواجه الآن انعدام يقين بشأن التحالفات التي ينبغي تشكيلها لتبني إصلاحاته الرئيسية هذا الصيف".
يُشار إلى أن الانتخابات التشريعية الفرنسية تجري كل 5 سنوات لاختيار أعضاء الجمعية الوطنية، وهي الغرفة الثانية في البرلمان الفرنسي إلى جانب مجلس الشيوخ.