كشفت الجزائر، الأربعاء 15 يونيو/حزيران 2022، أنها تبحث إمداد الأردن، بالنفط الخام والغاز الطبيعي المسال وغاز البترول المسال، وتوزيع وتخزين المنتجات البترولية، في وقت يواجه فيه الأردن تحديات مرتبطة بارتفاع أسعار مشتقات الوقود والغاز الطبيعي عالمياً.
الجزائر والأردن.. البحث عن مصادر الطاقة
النائب في مجلس النواب الأردني موسى هنطش، كشف أن الموضوع قديم-جديد، وعُرض في المجلس النيابي السابق، كما أنه زار السفير الجزائري بالأردن، الذي أكدّ له استعداد بلاده تزويد المملكة التي تسعى لتطوير مصادرها بالمحروقات.
وقال المتحدث، الذي كان يدير ملف الطاقة والمياه في المجلس النيابي السابق في تصريح لـ"عربي بوست" إنّ الأردن تستورد كل المشتقات البترولية والبترول الخام والغاز من الخارج، وهي بحاجة إلى 340 مليون قدم مكعب يومياً من الغاز، أما البترول ومشتقاته فجميعها مستوردة خاصة وقود "الأوكتان 95".
واعتبر المتحدث أنّ الاستيراد من الجزائر يمكن أن يتم بكل سهولة، وهي تصدر للكثير من دول المنطقة، مشيراً إلى أنّه عندما طرحت فكرة الاستيراد من الجزائر كان الصراع قائماً بين الأردن وإسرائيل على مسألة الغاز.
وقال المتحدث: "نحن، كل شرفاء الأردن وكل مجلس النواب الأردني، كنا ضد استيراد الغاز من إسرائيل، لكن السطوة الأمريكية على الأردن أجبرته على توقيع اتفاقية لشراء الغاز الطبيعي مع إسرائيل منذ 2016 لمدة 15 عاماً".
ويتساءل النائب الأردني هنطش عن توقيع هذه الاتفاقية مع إسرائيل، على الرغم من أنّ الجزائر عرضته على الأردن بأسعار تفضيلية، سواء فيما يتعلق بالغاز أو البترول، مؤكداً دعمه استيراد الغاز والبترول من الجزائر أو قطر أو السعودية والعراق، ضمن أسعار ونوعيات مميزة.
ويشير النائب الأردني إلى أنّه بعد ظهوره في لقاء على قناة المملكة في عام 2019 للحديث آنذاك عن قرب توقيع الأردن اتفاقية الغاز مع الجزائر و انتهاء اللقاء، اتصل به مدير مكتب أمير قطر الأمير تميم بن حمد، وكان وقتها في زيارة إلى المغرب، وأكدّ له أنّ قطر جاهزة لتوريد الغاز كما تريد الأردن بأي شكل من الأشكال.
وأشار المتحدث إلى أنه في نفس الفترة وصله خبر مفاده أن السفير الجزائري عقد اجتماعات مع مسؤولين أردنيين حول استيراد الغاز من الجزائر، والتي انتهت بالتعبير عن الجاهزية لتزويد الأردن بالغاز في أي وقت.
وحول مدى تفاعل الحكومة الأردنية مع ملف استيراد الغاز من الجزائر يردّ هنطش قائلاً: "هذا الخيار متوقع بعد أن مدت إسرائيل خط غاز إلى أوروبا كبديل عن الغاز الروسي؛ لأنّ أوروبا تحتاج إلى كميات هائلة جداً من الغاز التي تستورده من إسرائيل، وبالتالي فإنّ إسرائيل لم تعد بحاجة إلى الأردن".
مشدداً على أنّه سيأتي وقت ترفض فيه إسرائيل التعامل مع الأردن لأنّ لديها سوقاً أهم، وهذا ما يدعو الأردن إلى التفكير في بدائل أخرى في المستقبل القريب والبعيد، معتبراً أنّ الغاز الجزائري والقطري هو البديل عن الغاز الإسرائيلي في حال ما حدثت أي تغيرات تجاه الأردن.
ليست المرة الأولى
مساعي الأردن لاستيراد النفط الخام والغاز الطبيعي من الجزائر ليست هي الأولى، هذا كشف عنه عضو لجنة الطاقة النيابية والنائب في مجلس النواب الأردني طلال النسور، والذي أكد أن الأردن حاولت استيراد الغاز الطبيعي المسال من الجزائر.
وقال المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست" إنه سبق التواصل مع الأشقاء في الجزائر سنة 2012، حين بدأت الانقطاعات المتكررة للغاز المصري، ولكن لم يتم التوصل لاتفاق؛ لأنّ الجزائر كانت متعاقدة مع عدة جهات ولا تستطيع توفير متطلبات الأردن بصورة مستدامة.
وأضاف المتحدث أن "الأردن لا يعاني اليوم من أزمة في ملف الطاقة والغاز، إلا أنّ الظروف العالمية تؤشر إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز، وتبدو الأسواق مضطربة، فعلى الأردن أن ينوع خياراته الطاقوية، كما يمكن للأردن في حال امتلاكه فائضاً من الغاز أن يتحول تدريجياً إلى مركز للطاقة في المنطقة".
وحول جدوى استيراد الغاز والنفط من الجزائر، خصوصاً أنّ البعض يرى أن الأمر صعب بحكم البعد الجغرافي، فلماذا لا يتم استيراده من قطر؟ يؤكدّ عضو لجنة الطاقة النيابية أنّ بداية المسافة البحرية بين الأردن وقطر أطول قليلاً من المسافة البحرية بين الأردن والجزائر.
وفسر المتحدث أن طول المسافة البحرية بين الأردن وقطر هي 4 آلاف كم، في حين أنّ المسافة البحرية بين الأردن والجزائر تقارب 3200 كم، وقطر تملك عقوداً طويلة المدى مع عدة دول لشراء غازها، وهو ما حد أصلاً من قدرة قطر على لعب دور مؤثر في تزويد أوروبا بالغاز لمواجهة مقاطعة الغاز الروسي.
وفي سياق متصل، يكشف رئيس لجنة الطاقة النيابية النائب في مجلس النواب فراس العجارمة، في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، أنّ الحكومة الأردنية قامت فعلياً بإجراء مباحثات مع الجانب الجزائري بخصوص تزويد الأردن بالغاز، وذلك عبر زيارة قام بها وزير الصناعة والتجارة والتموين الأردني يوسف الشمالي، إلى العاصمة الجزائرية.
وأشار المتحدث إلى أنّ مجلس النواب الأردني يؤيد تأييداً كاملاً السعي في جلب المحروقات من الجزائر، وإمداد الأردن بالنفط الخام والغاز الطبيعي المسال وغاز البترول المسال، وما يتعلق بالمنتجات البترولية، مؤكداً أنّ الاستيراد من الجزائر أولى من التعامل مع دولة الاحتلال.
ويكشف العجارمة عن أنّ هناك اجتماعاً مخصصاً في الأسبوع القادم بين وزير الطاقة والمجموعة المرافقة وبين رؤساء اللجان النيابية داخل مجلس النواب؛ وذلك لبحث إمكانية إمداد الجزائر الأردن بالغاز والبترول، ومدى جدوى وإمكانية هذه الخطوة، وطبيعة العروض التفضيلية التي قدمتها دولة الجزائر إلى الأردن لأجل استيراد الغاز أو البترول منها.
وأشار المتحدث إلى أن مجلس النواب الأردني سيدعم هذه الخطوة فعلياً إذا ما ساهمت في التخفيف من أسعار المحروقات والمشتقات البترولية في الأردن على المواطنين.
علاقات جديدة بين الأردن والجزائر
وفد صناعي أردني بحث مؤخراً تنمية العلاقات التكاملية الصناعية بين الأردن والجزائر، والتي تأتي بالتزامن مع زيارة الوفد إلى معرض الجزائر الدولي، وذلك لاعتبار أنّ حجم التبادل التجاري بين البلدين هو في خانة المستويات المتواضعة.
الوفد الصناعي الأردني اجتمع مع كافة جهات الصناعية والتجارية في الجزائر، بالإضافة للجهات الرسمية، بحضور وزير الصناعة والتجارة يوسف الشمالي، جنباً إلى جنب مع اللقاء مع رجال الأعمال والمستثمرين في الجزائر".
كما اجتمع الوفد الأردني الذي ضم وزير الصناعة الأردني بوزير التجارة وترقية الصادرات الجزائري، كمال رزيق، ورئيس وأعضاء الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة وعدد من رجال الأعمال الجزائريين، وذلك لتطوير التعاون الاقتصادي مع الجزائر في مختلف المجالات من خلال تنشيط التبادل التجاري وإقامة الاستثمارات.
وحول هذا الأمر يرى الخبير الاقتصادي الأردني د.باسل منصور، أنّ الوفد الأردني الذي يزور الجزائر يعمل على توسيع التعاون الاقتصادي والصناعي مع نظيره الجزائري، مشيراً إلى أنّ المباحثات بخصوص تزويد الجزائر الأردن بالغاز الطبيعي، تدخل ضمن إطار تأسيس الأردن لتحالفات جديدة.
ويستبعد باسل، في حديثه الخاص لـ"عربي بوست"، أن تقوم الأردن بالإخلال بالاتفاقية الموقعة مع الجانب الإسرائيلي لأنها ستضطر إلى دفع غرامات.
وأشار المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست" إلى أنه من المستبعد أن تزود قطر الأردن بالغاز على اعتبار أنّ سعرها سيبقى مرتفعاً مقارنة مع أسعار الغاز الجزائري، كما أنّ التوافق الأردني-القطري ليس كبيراً حفاظاً على العلاقات الأردنية مع السعودية والإمارات.