كشف تقرير تحليلي جديد أن شبكة مؤلَّفة من أكثر من عشرين جهة من مروِّجي "نظرية المؤامرة"، ومدعومة في معظم الأحيان بحملة روسية منسقة، نشرت آلاف التغريدات المضلِّلة لتشويه واقع الصراع السوري، وصرف المجتمع الدولي عن التدخل لحماية الشعب السوري.
حيث نُشرت نتائج التحليل في تقرير صادر عن منظمة The Syria Campaign المعنية بحقوق الإنسان، واستند إلى بيانات جمعها "معهد الحوار الإستراتيجي" (ISD) البريطاني، وقد تمكن الباحثون من تحديد شبكة من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي والأفراد والمنافذ الإخبارية والمنظمات، التي عمدت إلى نشر معلومات مضللة بشأن الصراع في سوريا، وتابعها نحو 1.5 مليون شخص، وذلك وفق تقرير نشرته صحيفة The Guardian البريطانية يوم الأحد 19 يونيو/حزيران 2022
ترويج روايات كاذبة عن الشعب السوري
عملت شبكة التضليل على تكذيب الحقائق وترويج ثلاث روايات كاذبة رئيسية، أولها: تشويه منظمة "الخوذ البيضاء"، وهي منظمة دفاع مدنية تطوعية تعمل على إجلاء المتضررين من الصراع في سوريا. والثانية: إنكار الحقائق حول استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية أو الطعن فيها. والثالثة: الطعن في النتائج التي توصلت إليها "منظمة حظر الأسلحة الكيماوية"، وهي الهيئة الدولية المسؤولة عن مراقبة استخدام الأسلحة الكيماوية.
كما وجد التقرير أن حسابات رسمية تابعة للحكومة الروسية شاركت مشاركة مباشرة في إنشاء المعلومات المضللة ونشرها، وأن سفارة روسيا في كل من بريطانيا وسوريا كان لها دور بارز في هذه الحملات.
نشر آلاف التغريدات الخاطئة
في السياق ذاته، كشف التقرير عن 47 ألف تغريدة مضللة نشرتها 28 جهة من جهات الترويج لنظرية المؤامرة على مدى سبع سنوات، من عام 2015 إلى عام 2021، وضمَّت تلك التغريدات 19 ألف منشور أصلي، وأعيد نشر هذه التغريدات أكثر من 671 ألف مرة.
في حين شملت قائمة مروِّجي المعلومات المضللة التي أوردها التقرير: فانيسا بيلي، وهي ناشطة بريطانية تصف نفسها بأنها صحفية مستقلة، وقد عُرف عنها نشرها لنظريات المؤامرة، واستشهدت روسيا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بمعلومات مضللة أوردتها.
أشار التقرير أيضاً إلى مجموعة من الأكاديميين البريطانيين المتهمين بنشر معلومات مضللة تخدم النظام السوري، وتروِّج نظريات المؤامرة الروسية. وزعم التقرير أن الصحفي آرون ماتي، مراسل موقع Grayzone الإلكتروني، أصبح منذ عام 2020 أكثر من ينشر معلومات مضللة بين 28 من مروجي نظرية المؤامرة الذين حددهم التقرير.
روايات أمام الأمم المتحدة
تضمنت القائمة أيضاً الصحفية الكندية المستقلة، إيفا بارتليت، وقد استشهدت بها لجنة حكومية سورية في الأمم المتحدة، للزعم بأن منظمة الخوذ البيضاء اختلقت عمليات إنقاذ في سوريا. وقد شوهدت نسخة واحدة من مقطع فيديو لشهادتها أكثر من 4.5 مليون مرة على موقع فيسبوك.
من جانبها، تقول منظمة The Syria Campaign إن هذا الوابل من المعلومات المضللة زرع الارتباك والشك بين كثير من صانعي السياسات الحكوميين، واستند إليه دعاة السياسات المناهضة للجوء، وراغبي التطبيع مع نظام الأسد في سوريا. وكان نجاح هذه الحملات في مواجهة الثورة السورية حافزاً لدفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للاستعانة بحملات التضليل ذاتها في أوكرانيا.
في حين نقل الباحثون في التقرير عن مسؤول سابق بوزارة الخارجية الأمريكية، قوله: "كانت سوريا ساحة تجارب لهذا النوع من حملات التضليل، لهذا فإن أخذ العبر من هذه الخبرات يمكن أن يساعدنا حالياً في الاحتياط لذلك، واتخاذ التدابير اللازمة في أوكرانيا وخارجها".