في أعقاب الإعلان عن استعداد القاهرة لاحتضان لقاء ثلاثي ليبي، يجمع كلاً من رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، تدور تساؤلات حول الهدف الحقيقي من هذه الدعوة، وتأثيرها على المشهد السياسي المعقد في ليبيا.
ما أعلنته وكالات الأنباء حتى الآن هو أن هذا الاجتماع يهدف لبحث الوضع الحكومي الليبي قبل أسبوع على نهاية صلاحية خريطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي، والتشاور حول التوصل لقاعدة دستورية ستجري وفقاً لها الانتخابات القادمة.
وأوضحت مصادر "عربي بوست" أن الاجتماع يأتي بهدف تقريب وجهات النظر بين المشري والمنفي من جهة مع عقيلة صالح من جهة أخرى حول ملف الانتخابات، وحول انتهاء فترة حكومة عبد الحميد الدبيبة وتمكين الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان بقيادة فتحي باشاغا من العمل من العاصمة.
مصر تتبنى دخول باشاغا طرابلس
قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن مصر تحاول الحفاظ على "حد أدنى" للأوضاع في ليبيا، وهو مرتبط بعدم حدوث تصعيد عسكري، نتيجة عدم رغبة عبد الحميد الدبيبة في تسليم السلطة التي تنتهي رسمياً يوم 21 يونيو/حزيران، وفق اتفاق خارطة الطريق في جنيف.
لهذا تبنت القاهرة مبادرة أطلقها رئيس مجلس النواب عقيلة صالح تتعلق بإتمام حوار بين المجالس الثلاثة (الدولة والنواب والرئاسي) لوضع تصور حول آلية تنفيذ خارطة الطريق التي تضعها لجنتان مشكلتان من مجلسي النواب والدولة لوضع قاعدة دستورية للانتخابات.
وبحسب مصادر خاصة لـ"عربي بوست" فإن عقيلة صالح يعرف أنه لن تتم انتخابات في ليبيا بوجود الدبيبة نتيجة دخوله في خصومة سياسية مع مجلس النواب وجزء من مجلس الدولة وعدم سيطرته على كافة التراب الليبي. لهذا، يرى أن حكومة باشاغا هي الحكومة الوحيدة القادرة على التجهيز لإتمام الانتخابات في مدة زمنية معروفة.
من هنا، يسعى عقيلة لتهيئة الطريق لدخول حكومة باشاغا للعاصمة بموافقة المجالس الثلاثة برعاية مصرية ومدعومة من بعثة الأمم المتحدة.
من هنا، يسعى عقيلة والقاهرة لإيجاد توافق بين المجالس الثلاثة لإيجاد أرضية سياسية مناسبة، بالإضافة إلى احتواء أكبر كم ممكن من ميليشيات طرابلس المسلحة من أجل دخول باشاغا بشكل سلس دون دماء، كما كان أعلن بداية توليه الحكومة المنبثقة عن البرلمان.
مصر وميليشيات طرابلس المسلحة
أوضح مصدر سياسي ليبي لـ"عربي بوست" أن الرؤية المصرية تجاه الملف الليبي أصبحت تنظر بجدية للميليشيات المسلحة المتواجدة في العاصمة طرابلس كونها المهيمن الحقيقي على المشهد هناك.
لذلك فإن القاهرة بدأت في التواصل بشكل مباشر مع قادة أغلب المجموعات المسلحة في طرابلس؛ إذ اجتمع السفير المصري في ليبيا مع قادة المجموعات في عدة مناسبات في البانام سيتي في منطقة جنزور بالعاصمة طرابلس، وهو مقر يضم العديد من البعثات الدبلوماسية.
وصرح مصدر مطلع لـ"عربي بوست" أن السفير المصري رفع تقرير للقيادات السياسية في مصر أوضح فيه أن من يحكم طرابلس على الأرض الآن هم 4 شخصيات.
هذه الشخصيات هم عبد الغني الككلي آمر جهاز قزة دعم الاستقرار، وأيوب بوراس آمر كتيبة ثوار طرابلس، وعماد الطرابلسي رئيس جهاز الأمن العام، وعمر بوغداده آمر غرفة العمليات المشتركة مصراتة.
مطالب المجموعات المسلحة
بعد تقرير السفير المصري، احتضنت القاهرة – حسب المصادر – يوم 2 يونيو/حزيران اجتماعاً لقادة المجموعات المسلحة البارزة في طرابلس مع عقيلة صالح ونائب رئيس الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان علي القطراني، بحضور رئيس المخابرات المصرية عباس كامل.
كان هذا الاجتماع يهدف لمعرفة السبب وراء اعتراض هؤلاء القادة على حكومة باشاغا. أبلغ القادة أنهم ليسوا داعمين لحكومة الدبيبة لكنهم رافضون للحرب في طرابلس. كما أعلن القادة بشكل قاطع دخول حفتر إلى طرابلس بعد تحالفه مع باشاغا.
كما قالوا إنه لا مانع لديهم من عقد جلسات البرلمان الليبي في طرابلس بقيادة عقيلة صالح، بل إنهم مستعدون لتأمين عقد هذه الجلسات.
واعترض قادة المجموعات المسلحة على بعض الوزارات في حكومة باشاغا وطلبوا بأن يسموا وزراء الداخلية والدفاع والمالية والتخطيط.
عقيلة رد عليهم بالقول إن موضوع تسمية الوزراء لا يرتبط به، وأن تغيير الأسماء يحتاج إلى جلسة برلمانية جديدة. وطلب منهم استمرار التواصل.
يذكر أن قادة المجموعات المسلحة كان من المفترض أن يجتمعوا في جنيف مع ابني حفتر، صدام وبلقاسم، لكنهم فوجئوا بوجود ممثلين عنهما وليس الشخصين بدلاً من حضورهما بشكل شخصي. وهذا ما تسبب في فشل الاجتماع.
عقيلة صالح يلتقي قادة المجموعات المسلحة
احتضن المغرب بعد ذلك اجتماعين لقادة المجموعات المسلحة. فقد قال موقع "أفريكا أنتليجنس" الاستخباراتي إن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح قاد جولتين مختلفتين للغاية من المحادثات أثناء وجوده في بوزنيقة المغربية من 9 إلى 10 يونيو/حزيران الجاري.
الاجتماع الأول كان امتداداً لاجتماع جنيف، والثاني كان امتداداً لاجتماع القاهرة. في الاجتماع الأول التقى عقيلة صالح قادة المجموعات بحضور بلقاسم حفتر. عرض في الاجتماع محمود بو رجب، قائد إحدى الميليشيات التابعة للدبيبة في الزاوية، بقاء الدبيبة رئيساً للوزراء وتوليه منصب وزير الدفاع مقابل منح باقي الوزارات لعقيلة وحفتر. لكن الطلب رُفض من جانب عقيلة وبلقاسم.
أما الاجتماع الثاني، حسب "أفريكا أنتليجنس"، فكان الهدف منه مواصلة المفاوضات مع قادة المجموعات المسلحة الذين يحافظون على موقع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة في طرابلس آمناً.
ولفت الموقع الاستخباراتي إلى أن صالح التقى رئيس جهاز دعم الاستقرار عبد الغني الككلي، مع قادة آخرين للمجموعات المسلحة، وأعادوا فيه التأكيد على نفس ما تم ذكره في القاهرة.