على الرغم من إعلان رئيس الجمهورية اللبنانية، ميشال عون، أن المشاورات تتقدم لاختيار رئيس حكومة لبنان يتولى تشكيل الحكومة، فإن الأمور ما زالت عالقة نتيجة إصرار عون ومن خلفه التيار الوطني الحر على تأمين الحصول على الثلث المعطل في الحكومة.
ويُجري عون مشاورات غير رسمية لاتفاق مبدئي حول شكل الحكومة وتركيبتها، قبل أن يدعو النواب إلى الإدلاء بأصواتهم أمامه.
ولهذا، لا يبدو أنّ الموعد المنتظر للاستحقاق الحكومي، قد حدّد بانتظار مزيد من التشاور والنقاش السياسي وتحديداً بين حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر، الذي يترأسه باسيل جبران، صهر الرئيس عون.
لكن مصدراً حكومياً يشير لـ"عربي بوست" إلى أن هذه المدة المفتوحة من الزمن ترفع من فرص رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لرئاسة آخر حكومات عهد الرئيس ميشال عون، في ظل تشتت القوى المعارضة من طرح اسم جديد.
الطائفة السنية تجتمع على ميقاتي
كشف مصدر مقرب من نادي رؤساء الحكومات السابقين لـ"عربي بوست" أن القوى السنية التقليدية (تيار المستقبل- الرؤساء فؤاد السنيورة وتمام سلام ودار الفتوى والجماعة الإسلامية وجمعية المشاريع) باتت تفضِّل إعادة تكليف نجيب ميقاتي.
وأضاف المصدر نفسه أن زعيم التيار السني، سعد الحريري، ومعه قيادة المستقبل يميلون لتسمية ميقاتي خوفاً من بروز أسماء تنافس الحريري في المستقبل القريب، أما ميقاتي فينسق كل خطواته مع الحريري، فيما السنيورة وسلام يفضلان ميقاتي كونه قادراً على اللعب بين الألغام ويقطع الطريق على أي شخصية سنية محسوبة على 8 آذار وحزب الله.
أيضاً، فإن الجماعة والأحباش يفضلون نجيب ميقاتي رئيساً للحكومة، انطلاقاً من تخوفهم من أجندة أي رئيس حكومة محسوب على قوى المعارضة، وتحديداً في الملفات الحساسة كالعلمانية والأحوال الشخصية.
في هذا الإطار، تعتقد الكاتبة والمحللة السياسية، كلير شكر، أن قرار رئيس تيار المستقبل، سعد الحريري، بتعليق العمل السياسي، فتح شهية الكثيرين من أبناء الطائفة السنيّة لوراثة لقب "دولة الرئيس".
وقالت المتحدثة في تصريح لـ"عربي بوست" إن "النتائج التي أفرزتها الانتخابات النيابية، حوّلت كلّ نائب سنيّ إلى مشروع رئيس حكومة، لأن زعيم الطائفة تراجع إلى الوراء وبات النواب المنتخبون سواسية مع نادي رؤساء الحكومات السابقين، بل يتفوقون عليهم".
وأشارت المتحدثة إلى أنه عملياً، يمكن لأي شخصية سنيّة أن تكون مشروع مرشح لرئاسة الحكومة، إذا ما نجحت في إقناع كتلة نيابية في تبني هذا الترشيح، خصوصاً بعدما انفرط عقد نادي رؤساء الحكومات السابقين، ومعه مرجعيته السياسية,
وكشفت المتحدثة أن "هناك من يدفع دار الفتوى لكي تؤدّي الدور البديل عن دور النادي، وتؤمّن الغطاء السياسي لرئيس الحكومة المقبل"، مضيفة أن "الصالونات السياسية تفيض بترشيحات تعتقد أنّ الحظّ سيضحك لها وسيدخلها نادي رؤساء الحكومات بسبب التشتت الذي يصيب الساحة بفعل توزّع نوابها بين الكتل النيابية".
المعارضة السنية تبحث عن أسماء أخرى
كشفت مصادر أن كتلة نواب التغيير الـ13 السنية المعارضة ترفض إعادة تسمية رئيس الحكومة الحالي نجيب ميقاتي لولاية حكومية جديدة، كونه مشاركاً في السلطة منذ عقدين ونصف، وهو جزء من الأزمة، لأنه تولى حكومات أدت لانهيار البلاد منذ 2005.
أما عن الاسم الذي جرى تداوله من طرف كتلة نواب التغيير الـ13 السنية المعارضة لمنصب رئاسة الحكومة، فهو السفير السابق للبنان لدى الأمم المتحدة، نواف السلام.
وكشف مصدر أن النواب الـ13 لقوى التغيير يجرون اتصالات مع نواب مستقلين لإعداد لائحة المعايير والمواصفات لعرضها على الشخصية التي ستتم تسميتها في الاستشارات النيابية في قصر بعبدا.
وهناك مجموعة أسماء تتجاوز الـ15 يجري مناقشة سيرهم الذاتية لاختيار واحد منهم لتسميته لرئاسة الحكومة، وهم المديرة في صندوق النقد الدولي حنين السيد، والنائب الحالي عبدالرحمن البزري، ووزير البيئة ناصر ياسين.
أيضاً تم اقتراح سفير لبنان السابق في جامعة الدول العربية ومدير المركز العربي في بيروت خالد زيادة، ورنا غندور عضو في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، بالإضافة للدكتور خلدون الشريف وصالح النصولي.
حزب الله ولعبة التوافق
يشير مصدر مقرب من حزب الله لـ"عربي بوست" إلى أنه لم يتواصل أحد مع الحزب من المعارضة أو الأغلبية في التيار السني بخصوص رئيس الحكومة، ولا مع أعضائها.
مصدر من الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل نفى أن إصرار الثنائي على الحصول على حقيبة وزارة المال، مؤكداً أن من يروج هذه الأخبار يسعى إلى فتح معركة مبكرة لوضع العراقيل أمام تشكيل الحكومة.
ويرى المصدر أن معايير الثنائي الشيعي تنطلق أولاً من تحديد موعد الاستشارات والأسماء المقترحة للتأليف، بعدها يطرح الرئيس المكلف شكل الحكومة والحقائب المعروضة بين الطوائف من عدمها.
بالمقابل يؤكد مصدر أن حزب الله يرى أن الأصل هو مشاركة الجميع، فلبنان يعيش أزمة كبيرة على كل المستويات من انهيارات الاقتصاد والنقد، وأزمة ترسيم الحدود واحتمالات الحرب، ولا يجب أن يضع كلّ طرف شروطه، ونحن نفضّل أن يكون جميع اللبنانيين متفقين ومتماسكين حول موقف وطني واحد لإخراج البلد من الأزمة.
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”