أثارت وفاة ضابط كبير بالحرس الثوري الإيراني في منزله بضاحية بطهران، قبل أسبوع، تساؤلات عديدة، في ظل تقارير محلية متضاربة، بحسب ما قالت صحيفة "New Yourk Times" الأمريكية، الأحد 5 يونيو/حزيران 2022.
يعد العقيد في الحرس الثوري الإيراني علي إسماعيل زادة ثاني ضابط رفيع المستوى من نفس الوحدة يفارق الحياة خلال أسبوع واحد، بعد زميله صياد خدائي، الذي أُطلقت عليه النار عليه قرب منزله بشرق طهران، في 22 مايو/أيار 2022.
كلا الضابطين كانا عضوين رفيعي المستوى في وحدة سرية داخل فيلق القدس، تعرف باسم "وحدة 840″، يقول مسؤولون إسرائيليون إنها مكلفة بتنفيذ عمليات اغتيال خارج إيران.
وحملت إيران مسؤولية مقتل خدائي لإسرائيل، التي أبلغت المسؤولين الأمريكيين بأنها بالفعل تقف خلف العملية، بحسب ما نقلت الصحيفة عن مسؤول استخباراتي مطلع.
معلومات متضاربة عن سبب موته
الصحيفة الأمريكية نقلت عن مسؤولَيْن دفاعيَّين إسرائيليين كبيرين، طلبا عدم الكشف عن هويتهما لأنهما غير مخولين بالحديث علناً، قولهما إن "إسرائيل لم تقتل إسماعيل زادة".
فيما تحدثت وسائل إعلام إيرانية معارضة أن مسؤولين في الحرس الثوري الإيراني رتّبوا عملية مقتل العقيد إسماعيل زادة لتظهر وكأنها عملية انتحار، بعد أن اشتبهوا بتورطه في التجسس لصالح إسرائيل.
وفيما من الصعب التمكن من التحقق من هذا الادعاء، فإن إحدى وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية قد قالت إن هذه المعلومات غير صحيحة.
الصحيفة نقلت عن وكالة "صابرين نيوز" التابعة لفيلق القدس تأكيدها على أن زادة توفي بعد سقوطه من شرفة منزله، في مدينة كرج الإيرانية، في ظروف مريبة، وأن التحقيقات جارية لمعرفة ما جرى.
بالمقابل، قالت وكالة أنباء "إرنا" الإيرانية الرسمية، إن العقيد إسماعيل زادة توفي إثر "حادث" في شقته، ونفت أن يكون قد قُتل.
فيما ذكرت منصة إخبارية تابعة للحرس الثوري الإيراني على تطبيق تليغرام، تدعى "عماريون" في البداية، أن العقيد قد اغتيل، ثم حذفت التقرير وقالت إنه انتحر بالقفز من شرفة منزله.
وقالت وكالة تسنيم للأنباء، التابعة للحرس الثوري الإيراني، إن زاده سقط من الشرفة لعدم وجود قضبان أمان، وإن مكتب الطب الشرعي أكد سبب الوفاة.
تقول "نيويورك تايمز" إن العديد من الإيرانيين شككوا بصحة الرواية الرسمية المتعلقة بسبب "ظروف أخرى غير عادية أحاطت بوفاة زادة".
كان العقيد إسماعيل زادة ضابطاً رفيع المستوى في وحدة النخبة السرية، لكن وسائل الإعلام الإخبارية الإيرانية لم تتناول خبر الوفاة لأكثر من أسبوع، وذلك بعد قيام موقع "إيران إنترناشيونال" المعارض بنشر الخبر، وفقاً للصحيفة.
كذلك لم يُصدر الحرس الثوري الإيراني بياناً عن الوفاة، ولم يقدم التعازي بشكل علني لأسرة زادة، على عكس ما كان يجري مع باقي حالات الوفيات أو مقتل قادته.
وأقيمت مراسم جنازة زادة في ظل تعتيم إعلامي، في قرية نائية في مسقط رأسه بمدينة همدان، وليس كما هو معتاد في مقبرة طهران الرئيسية، مع تغطية إخبارية وحضور مسؤولين.
ولمدة ثلاثة أيام بعد وفاته شهد الحي الذي يسكنه العقيد إسماعيل زادة في كرج انتشاراً واسعاً لأفراد الأمن، وفقاً لما نقلتة الصحيفة عن صحفي إيراني كان موجوداً في المنطقة وقتها، وطلب عدم الكشف عن هويته.
تقول الصحيفة إن هذا الارتباك دفع بعض الإيرانيين، بمن فيهم محافظون، إلى التشكيك في الروايات المتضاربة.
ولم تكن هاتان الحادثتان الغامضتان اللتان طالتا زادة وخدائي هما الوحيدتين في إيران خلال الأسبوعين الماضيين.
فبعد أيام من مقتل خدائي، أعلنت وزارة الدفاع الإيرانية مقتل مهندس وإصابة آخر، جراء "حادث" وقع في وحدة أبحاث تابعة لها في منطقة بارشين، جنوب شرق طهران، والتي تضم مجمعاً عسكرياً يشتبه بأنه سبق أن شهد اختبارات تفجير على صلة بالملف النووي.
يعد مقتل خدائي أبرز هجوم يستهدف شخصية إيرانية على أراضي الجمهورية الإسلامية، منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2020، حين قتل العالم النووي محسن فخري زادة بإطلاق نار استهدف موكبه قرب العاصمة، في عملية اتهمت طهران إسرائيل بالمسؤولية عنها.