وجّهت الولايات المتحدة الأمريكية الخميس 2 يونيو/حزيران 2022 تهماً للرئيس التونسي قيس سعيّد بتقويض المؤسسات الديمقراطية في البلاد؛ بعد أن أقال عشرات القضاة ضمن مجموعة من الإجراءات التي تهدف فيما يبدو إلى تعزيز حكم الرجل الواحد، في وقت اعتبرت فيه منظمة العفو الدولية أن قيس سعيد "أسدى ضربة قوية" لاستقلالية القضاء ومنح نفسه سلطات شبه مطلقة.
المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس قال معلقاً على قرار سعيد، إن عملية التطهير جزء من "مجموعة مثيرة للقلق من الخطوات التي تقوِّض المؤسسات الديمقراطية المستقلة في تونس"، حسب ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية.
وأضاف برايس في مؤتمر صحفي دوري إن المسؤولين الأمريكيين أبلغوا نظراءهم التونسيين بأهمية الالتزام بضوابط النظام الديمقراطي، مشيراً إلى أن واشنطن ما زالت تحث الحكومة التونسية على متابعة عملية إصلاح شاملة وشفافة بمساهمة من المجتمع المدني والأصوات السياسية المتنوعة لتعزيز شرعية جهود الإصلاح.
"العفو الدولية" تعلق
من جهتها، أصدرت منظمة العفو الدولية بياناً تحت عنوان "الرئيس التونسي يتفرّد بسلطة إقالة القضاة على هواه"، إذ قالت المنظمة إن الرئيس التونسي قيس سعيّد أصدر أمس مرسوماً جديداً "أسدى به ضربة قوية لاستقلالية القضاء، إذ منح نفسه سلطة إقالة القضاة بإجراءات اعتباطية على أسس فضفاضة، في آخر اعتداء له على حقوق المحاكمة العادلة منذ استيلائه على السلطة في 25 يوليو/تموز 2021".
وأردفت أن سعيّد "قام منذ يوليو/تموز الماضي، بحل البرلمان وهيئة رقابة قضائية مستقلة، وعلّق معظم مواد الدستور، ومنح نفسه سلطات شبه مطلقة للحكم، بما في ذلك سلطة التدخل في المسارات المهنية القضائية".
قرار قيس سعيد
وتتوالى ردود الأفعال هذه بعدما أصدر سعيد أمراً رئاسياً نُشر في الجريدة الرسمية الأربعاء يقضي بإعفاء 57 قاضياً من مهامّهم، على خلفية اتهامات وُجّهت إليهم من بينها "تغيير مسار قضايا" و"تعطيل تحقيقات" في ملفات إرهاب وارتكاب "فساد مالي وأخلاقي".
ومن أبرز هؤلاء القضاة الرئيس الأول السابق لمحكمة التعقيب الطيب راشد، ووكيل الجمهورية السابق بالمحكمة الابتدائية بتونس البشير العكرمي والرئيس السابق للمجلس الأعلى للقضاء يوسف بو زاخر.
سعيد اتهم القضاة بالفساد وحماية الإرهابيين، على حد قوله، كما استبدل الرئيس التونسي أيضاً أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وقال إنه سيطرح دستوراً جديداً هذا الشهر.
يشار إلى أنه منذ 25 يوليو/تموز 2021، تعاني تونس أزمة سياسية حادة، حيث فرض سعيد إجراءات استثنائية، منها إقالة الحكومة وتعيين أخرى، وحل البرلمان ومجلس القضاء، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية.
وتقول قوى تونسية إن هذه الإجراءات تمثل "انقلاباً على الدستور" وتستهدف تجميع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية بيد الرئيس.
بينما ترى قوى أخرى أن تلك الإجراءات تهدف إلى "تصحيح مسار ثورة 2011″، التي أطاحت آنذاك بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.