أعلنت الحكومة الإسبانية شروطها لدخول العمال المغاربة لمدينتي سبتة ومليلية، وذلك بعد إعلان الصلح بين المملكتين واستئناف نشاط معبري "تراخال" و"بني أنصار" في الـ17 من مايو 2022.
في المقابل، أنهى المغرب نشاط التهريب المعيشي من المدينتين ووضع استراتيجيات اقتصادية بديلة في المناطق المحاذية لها، سواء في محيط مليلية أو منطقة مارتشيكا، مع إحداث أنشطة تجارية في منطقة المضيق.
ومدينتا سبتة ومليلية تقعان شمال المغرب ومطلتان على البحر الأبيض المتوسط، وخاضعتان للحكم الذاتي الإسباني، ويعتبرهما المغرب محتلتين ولا يزال يطالب باسترجاعها.
وأغلقت إسبانيا حدود المدينتين مع المغرب ربيع 2020 إثر تفشي فيروس كورونا، واستمر الإغلاق بفعل أزمة دبلوماسية اندلعت بين البلدين حين استقبلت مدريد في أبريل/نيسان 2021 زعيم جبهة "البوليساريو" إبراهيم غالي بـ"هوية مزيفة" ودون إخطار الرباط.
وفي مارس/آذار الماضي 2022، عاد الدفء للعلاقات بين المغرب وجارته الشمالية إسبانيا، بعد إعلان مدريد دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية لتسوية النزاع في إقليم الصحراء.
شروط إسبانيا
أعلنت الحكومة الإسبانية السماح للعمال المغاربة بدخول سبتة ومليلية بعقود العمل القديمة التي كانت بحوزتهم قبل إغلاق الحدود، هذه العقود التي سيتم التعامل معها كعقود ممتدة وليست مرخصة لأول مرة.
وأعلنت كل من مندوبة الحكومة الإسبانية صابرينا موه، ومديرة المنطقة الوظيفية للعمل والهجرة بالوفد إيلينا نييتو أن العمال المغاربة سيكون عليهم استلام طلب للحصول على بطاقة أو تأشيرة دخول إلى سبتة أو مليلية.
ووضعت إسبانيا شرط دخول العمال للعمل في سبتة ومليلية لأول مرة، بضرورة حصولهم على إذن الدخول من خلال مكتب الهجرة التابع لحكومتي سبتة ومليلية الخاضعين للحكم الذاتي الإسباني.
ومن ضمن الوثائق التي يجب تقديمها: نسخة كاملة من جواز سفر العامل ساري المفعول، عقد العمل موقَّع من الطرفين، شهادة إقامة العامل في محافظات المدن المجاورة لسبتة ومليلية، وشهادة السجل العدلي للعامل مصادق عليها ومترجمة وسارية المفعول.
ممنوع المبيت في سبتة
قالت تقارير إعلامية إسبانية إن السلطات المحلية بمدينة سبتة المحتلة الخاضعة للحكم الذاتي الإسباني قررت حظر المبيت على العمال المغاربة الذين يشتغلون في المدينة بعقود عمل سارية المفعول.
وأضافت المصادر نفسها أن القرار صدر بشكل أولي في مدينة سبتة، ومن المتوقع أن يصدر في مدينة مليلية أيضاً، وينص على عدم السماح للعمال المغاربة بقضاء الليلة في سبتة، بناءً على نظام مراقبة الحدود الجديد القادر على كشف مثل هذه الخروقات.
صحيفة "إلفارو دي ثيوثا"، قالت إن الهدف من وراء هذا الإجراء هو تفادي تكرار المشاكل التي كان يطرحها هذا الأمر في السابق، حيث سيكون مقام العمال الوافدين من خارج المدينة، محدد بعدد ساعات معينة.
وقال المصدر نفسه إن القرار سيشمل ساعات العمل القانونية المحددة في تصريح الضمان الاجتماعي، وسيكون لزاماً على جميع العمال والعاملات مغادرة المدينة في نفس اليوم عند انتهاء ساعات عملهم.
نهاية التهريب المعيشي
انتظر الآلاف من المغاربة بالمناطق المحاذية لسبتة ومليلية تطبيع العلاقات بين مدريد والرباط لاستئناف نشاط تهريب السلع من المدن التابعة للحكم الذاتي الإسباني، إلا أن القرار المغربي جاء ليُنهي هذا النشاط.
التهريب المعيشي هو نشاط تجاري غير قانوني يتم من خلاله تهريب السلع والمواد الغذائية الاستهلاكية عبر معبري "تراخال" و"بني أنصار" على ظهور النساء، تصفهن الصحافة الإسبانية بـ"النساء البغلات".
الجمارك المغربية أعلنت بشكل رسمي أن التهريب المعيشي الذي كانت تعرفه البوابتان في كل من مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين "انتهى، وأصبح غير مقبول وينتمي إلى عهد قد ولّى بصفة نهائية".
وقال المصدر نفسه في بيان إن "جميع التدابير اتخذت بهدف القطع النهائي مع جميع أنواع وأشكال التهريب، الذي كان يعرفه المعبران سابقاً، وكان يشكل عائقاً رئيساً لتوفير مُناخ ملائم لعملية العبور بشكل عادي".
نبيل لخضر، المدير العام لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، قال في تصريح سابق له سنة 2019 في البرلمان إن التهريب المعيشي يُكبّد خزينة الدولة خسارة تقدر بـ300 مليار سنتيم سنوياً، دون احتساب معبر مليلية.
وفي 16 مايو/أيار الحالي، فتحت السلطات المغربية والإسبانية الحدود البرية لمدينتي سبتة ومليلية، بعد عامين من الإغلاق بسبب كورونا والأزمة التي كانت بين البلدين.
وشملت المرحلة الأولى من إعادة فتح الحدود البرية "تنقل المواطنين والمقيمين في الاتحاد الأوروبي والأشخاص المصرَّح لهم بالتجول في منطقة شنغن، "بحسب تصريح سابق وزير الداخلية غراندي مارلاسك.
وقالت الجمارك: "في المرحلة الثانية سيتمكن العمال المعترف بهم قانونياً، من دخول الأراضي الإسبانية، وذلك ابتداءً من 31 مايو الجاري".