لبنان تسير نحو المجهول بسبب الدولار.. انهيار الليرة وارتفاع الأسعار بشكل جنوني يهدد بأزمات اجتماعية واقتصادية كبيرة

عربي بوست
تم النشر: 2022/05/30 الساعة 13:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/05/30 الساعة 13:04 بتوقيت غرينتش
ارتفاع الدولار في لبنان / Getty images

تعيش لبنان أزمة اقتصادية حادة بسبب انهيار جديد لليرة، وارتفاع قيمة الدولار، الأمر الذي أدخل البلاد في احتقان اجتماعي، بسبب تزامن هذه التغيرات مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات.

ووصل سعر الدولار 40 ألف ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد في السوق السوداء، ليبدأ المشهد اللبناني فصلاً جديداً من انعدام التوازن والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

أزمات مفتوحة

ارتفعت أسعار المحروقات في لبنان بشكل كبير في الآونة الأخيرة، فبالإضافة إلى التأثيرات الدولية على سعر النفط، إلا أن ارتفاع قيمة الدولار وقلته في السوق اللبنانية، جعل الأسعار ترتفع بشكل جنوني.

الصحفية المختصة بالشأن الاقتصادي، عزة الحاج حسن، قالت إنه من غير المتوقع أن تسجّل أسعار المحروقات تراجعاً ملحوظاً في لبنان؛ لأن ارتفاع الأسعار أو انخفاضها يتوقف على عاملي سعر النفط العالمي، وسعر الدولار مقابل الليرة في لبنان. 

وأضافت المتحدثة أن الاثنين يسجلان ارتفاعاً حالياً، فسعر برميل النفط قفز إلى نحو 117 دولاراً، وسعر صرف الدولار مقابل الليرة وصل إلى 37 ألف ليرة، وهو مستوى قياسي لم يسجّله لبنان من قبل.

وقالت الصحافية الاقتصادية إن سعر البنزين لا يزال يُحتسب في الوقت الراهن على سعر صرف الدولار على منصة صيرفة، بنسبة 100% من حجم المستوردات، أما المازوت فيتم تسعيره بالدولار في السوق السوداء.

وأشارت المتحدثة إلى أن الوضع السياسي غير المستقر، ضاعف الأزمة، مع تزايد المخاوف من عدم تشكيل الحكومة، والدخول في فراغ دستوري، ما يمكن أن يفاقم الوضع سوءاً، ويدفع سعر صرف الدولار إلى الارتفاع.

ارتفاع الدولار في لبنان

أكّدت جمعية مصارف لبنان رفضها لخطة التعافي الاقتصادي، التي أقرّتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي نهاية الأسبوع الماضي، والتي تنص على سلسلة من الإصلاحات المالية، تشمل إصلاح القطاع المصرفي ووضع حدود قصوى للمبالغ التي يمكن للمودعين استعادتها من حساباتهم.

أقر مجلس الوزراء اللبناني، يوم الجمعة 20 مايو/أيار، خطة للتعافي المالي تستهدف توحيد سعر صرف الليرة، وحل المصارف غير القابلة للاستمرار، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وهي ضمن إجراءات أساسية لإفراج صندوق النقد الدولي عن تمويل مطلوب.

الباحث والمحلل الاقتصادي علي نور الدين قال: "ليس صدفةً أن يتزامن ارتفاع الدولار مقابل الليرة في لبنان إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، مع صدور بيان جمعيّة المصارف صباح الثلاثاء 24 مايو/أيار 2022".

وأضاف المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست" أن جمعية مصارف لبنان تتخذ خطوات للضغط على الحكومة والمجتمع اللبناني بأسره، لفرض تنازلات معيّنة في موضوع الخطّة الماليّة.

ويرى نورالدين أن الحكومة صدّقت، وبشكل رسمي، على خطّة التعافي المالي، بما تضمّنته من بنود فرضها صندوق النقد الدولي، على نحو يتضارب مع مصالح أصحاب المصارف.

ووفقاً للخطّة الحكومية فإن استخدام أموال الدولة لتعويض خسائر المصارف ممنوع، إلا ضمن حدود قدرة الدولة على استيعاب الديون السياديّة، أي ضمن حدود الديون التي سيتم الإبقاء عليها بعد إعادة هيكلة الدين العام في البلاد.

أيضاً تتضمن الخطة شطب الرساميل المصرفيّة بشكل نهائي، والذي سيكون الخطوة الأولى لاستيعاب جزء من الخسائر، قبل الانتقال لتحميل الخسائر لأي شريحة أخرى، وفق مبدأ احترام "تراتبيّة الحقوق" في حالات التعثّر.

تراجع سعر الدولار.. هل هناك إمكانية؟

كشف الصحافي الاقتصادي، عماد الشدياق، أن بعض الأوساط المقربة من مصرف لبنان تتحدث عن أن رفع سعر صرف الدولار في هذه المرحلة مفيد لخزينة الدولة في عملية ضبط حجم الخسائر.

وأضاف المتحدث أن ارتفاع سعر الدولار يُمكنه جذب المغتربين في الخارج والسياح لزيارة لبنان؛ لأن ورقة 100 دولار فقط يمكن أن تساوي بين مليوني و3.5 ملايين ليرة لبنانية.

ويعتقد الشدياق أن سعر صرف الدولار يُمكنه أن ينخفض خلال الأسابيع المقبلة، مع بداية عودة المغتربين إلى لبنان، وتوفر العملة الصعبة في السوق، لكن هذه الفرضية تبقى نسبية فقط.

وأشار المتحدث إلى أن أسعار صرف الدولار في موسمي الصيف الماضيين ارتفعت، ففي 2002 قفز سعر صرف الدولار من 5 آلاف إلى 9 آلاف، مسجّلاً رقماً قياسياً، وكذلك خلال صيف عام 2021، ارتفع من قرابة 9 آلاف ليرة إلى نحو 23 ألفاً.

تحميل المزيد