أعلنت أغلب الدول العربية عن أسعار مصاريف الحج للموسم المقبل، والتي ارتفعت بشكل كبير هذه السنة مقارنة مع آخر موسم حج سنة 2018 قبل تعليقه بسبب جائحة فيروس كورونا.
ومن بين الدول التي أعلنت مؤخراً عن تكاليف الحج المغرب والجزائر، وبمجرد الإعلان ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بردود الفعل عن الارتفاع المبالغ فيه، في الوقت الذي عبر فيه عدد من المواطنين عن صعوبة أداء هذه الفريضة.
وليست المغرب والجزائر فقط، فأسعار فريضة الحج ارتفعت في جميع الدول الإسلامية، في مصر واليمن، هذه الأخيرة التي أصدرت بياناً تشرح فيها للمواطنين أسباب الارتفاع، لا سيما أن اليمنيين لم يتقبلوا الأسعار المعلنة.
لم يستطيعوا إليه سبيلاً
"كانت أمنيتي زيارة بيت الله، ادخرت من معاش زوجي وأعانني أبنائي سنة 2019 لكن كورونا أوقفت كل شيء، وعندما استبشرت خيراً أن الوباء تراجع نزل علينا وباء آخر وهو هذا الارتفاع في تكاليف الحج"، هكذا تحدثت فاطمة اليعقوبي لـ"عربي بوست".
فاطمة مواطنة مغربية في أوائل الستينيات، وكغيرها من المغاربة لديها أمنية أداء فريضة الحج، لكن ارتفاع تكاليفه هذه السنة جعلها تتراجع بصفة نهائية عنه، رغم أن اسمها مدرج في اللوائح منذ سنة 2019.
وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في المغرب أعلنت عن تحديد أسعار الحج هذا الموسم بـ7000 دولار، وتشمل مصاريف تكلفة الخدمات الأساسية والإضافية، ولا تشمل "مصاريف الجيب".
هذا المبلغ يعرف كل من يعيش في المغرب أنه كبير جداً، ويفوق قدرة الطبقة الفقيرة وحتى المتوسطة، فالوحيدون القادرون على أداء مناسك الحج بهذه الأسعار هي الطبقة الغنية.
تقول فاطمة اليعقوبي إنها ليست الوحيدة التي ستتراجع عن أداء مناسك الحج، فلديها صديقة كانت تنوي أداء الفريضة هي وزوجها، هذا الأخير الذي رفض السفر مقابل هذا المبلغ، فأجل الموضوع إلى زيارة عمرة، تكون أقل تكلفة.
وفي الجزائر كما المغرب، أعلن ديوان الحج والعمرة عن أسعار الحج لهذا الموسم والتي وصلت إلى 86 مليون دينار جزائري، أي ما يقابل حوالي 6000 دولار أمريكي، غير شاملة لمصاريف الجيب.
جريدة "الشروق" الجزائرية قالت نسبة لمصادرها إن "أسعار الحج هذا العام استثنائية وراجعة لإجراءات تنظيمية وصحية، وهي لا تعكس حقيقة الأسعار المطبقة سواء في الأعوام السابقة واللاحقة".
وأضافت أن الأسعار الموسم القادم ستتغير سواء نحو الأحسن في حال تحسنت الأحوال واستقرت، ويمكن أن ترتفع في حال تسجيل أحداث استثنائية أخرى يصعب التنبؤ بها في ظل التحولات الاقتصادية والأمنية والصحية التي يشهدها العالم.
لماذا ارتفعت أسعار الحج؟
كما هو معروف، فإن تكاليف أداء مناسك الحج لا تُحددها الدولة، بل تأتي من المملكة العربية السعودية، هي التي تضع تصوراً للمصاريف التي يجب على الحجاج أداؤها مقابل الخدمات التي يتلقونها عند وصولهم للمملكة.
والمغرب كما الجزائر، فإن الدولة لا تحصل سوى على مصاريف شركة الخطوط الجوية، التي تُؤمن رحلات نقل الحجاج من وإلى الديار المقدسة، والتي تصل إلى مبلغ 1000 دولار فقط، يعني سُدس المبلغ.
أما باقي المبلغ، فالسعودية تأخذ جزءاً منه مقابل خدمات النقل من وإلى مطار جدة عند الوصول والمغادرة، ومن مكة إلى المدينة، والنقل إلى باقي الأماكن التي تؤدى فيها مناسك الحج والمزارات الدينية.
وتدخل ضمن مصاريف الحج وجبات الأكل من فطور وغداء وعشاء ورسوم تأشيرة السفر إلى السعودية، والتأمين عن المرض، بالإضافة إلى الضريبة على القيمة المضافة، التي تؤديها وكالات الأسفار.
السعودية هذه السنة قلصت عدد الحجاج إلى مليون شخص من داخل المملكة وخارجها، وفق الحصص المخصصة لكل دولة، الأمر الذي دفعها إلى رفع التكاليف حتى تُغطي مصاريف الخدمات التي ارتفعت قيمتها بسبب غلاء الأسعار الذي يضرب العالم.
ومن بين الأسباب أيضاً التي دفعت إلى ارتفاع أسعار الحج، ارتفاع قيمة الريال السعودي مقابل الدولار، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الخدمات في كل من مكة والمدينة من فنادق ونقل وأكل وشرب، وارتفاع نسبة الضرائب.
أيضاً، ارتفعت تكاليف الحج بسبب تأثر الأسعار بالإجراءات الوقائية من انتشار جائحة كورونا، نظراً لما يترتب على ذلك من سعة المخيمات والمساكن والتباعد فيهما.