بايدن يفشل في “ضبط” تصريحاته بحق تايوان للمرة الثالثة.. فريقه يواجه أزمة للتعامل مع كلامه

عربي بوست
تم النشر: 2022/05/24 الساعة 17:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/05/25 الساعة 04:52 بتوقيت غرينتش
الرئيس الأمريكي جو بايدن/Getty Images

جاءت تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن عن تايوان يوم الإثنين 23 مايو/أيار 2022 لتمثل آخر وقائع تفوُّه الرئيس بما يدور في ذهنه علناً، تاركاً فريقه يصارع من أجل التوضيح لاحقاً.

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يقول خلالها بايدن إنه على استعداد للدفاع عن تايوان عسكرياً منذ توليه الرئاسة، وهو التزامٌ اعتاد الرؤساء السابقون على إبقائه غامضاً حتى يتركوا الصين للتكهنات ولا يحاصروا الولايات المتحدة في ركنٍ بعينه. لكن بايدن فعلها للمرة الثالثة في الواقع، وذلك وفق تقرير نشرته صحيفة New York Times الأمريكية يوم الإثنين 23 مايو/أيار 2022.

تصريحات من بايدن بحق تايوان 

إذ قال ديفيد أكسيلرود، مستشار الرئيس الأسبق باراك أوباما حين كان بايدن نائباً له: "لطالما كان بايدن أكثر انفتاحاً في التعبير عن آرائه من غالبية الساسة. ويكمن ضعف الجميع في نقطة قوتهم. ونقطة قوة بايدن هي أصالته، لكن نقطة ضعفه تكمن في أنه على استعداد لمشاركة أفكاره أكثر مما يريده فريقه أحياناً".

صدرت آخر تصريحات بايدن حول تايوان أثناء مؤتمرٍ صحفي عقده مع الرئيس الياباني فوميو كيشيدا أثناء زيارةٍ لطوكيو. والتزم بايدن في البداية بالصياغة الرسمية عند سؤاله عن تايوان، إذ قال إن السياسة الأمريكية تجاه تايوان "لم تتغير على الإطلاق، وإن الولايات المتحدة تدعم الجزيرة ضد الاعتداء الصيني. وأردف محافظاً على الغموض المتعمد: "نقف بحزمٍ مع اليابان والدول الأخرى للحيلولة دون حدوث ذلك".

بايدن أمريكا
الرئيس الأمريكي جو بايدن/Getty Images

كان مساعدوه راضين عن هذه الإجابة التي ليس بها أي مشكلة. لكن نانسي كوردس من شبكة CBS News عقّبت قائلةً إن بايدن استبعد التدخل العسكري الأمريكي المباشر في الحرب الأوكرانية، وتساءلت إن كان "مستعداً للتدخل عسكرياً من أجل الدفاع عن تايوان إذا استدعى الأمر" في هذه الحالة أجاب بايدن قائلاً: "نعم، هذا هو الالتزام الذي قطعناه على أنفسنا". وحينها انتبه مسؤولو الإدارة داخل الغرفة لما يحدث.

ثم أردف بايدن في إشارة لتايوان: "ليست فكرة الاستيلاء على الجزيرة باستخدام القوة، والقوة فقط، فكرةً مقبولة. إذ سيؤدي ذلك لإثارة الاضطرابات في المنطقة بالكامل وسيكون مشابهاً لما يحدث في أوكرانيا. ولهذا تمثل المسألة عبئاً أكبر".

أزمة لدى فريق بايدن بسبب تصريحات الرئيس عن تايوان 

عندها أدرك فريق بايدن أن الرئيس قد تفوّه بأكثر مما كانوا يريدون، فسارعوا لمحاولة احتواء الأضرار وأدلوا بالتصريحات التوضيحية الإلزامية بكفاءة المتمرسين. حيث أعلنوا أن "سياستنا لم تتغير"، وأن بايدن لم يقصد سوى "تجديد" التزام الولايات المتحدة "بتزويد تايوان بما تحتاجه من وسائل عسكرية للدفاع عن نفسها".

لكن تصريحات بايدن كانت تعني أكثر من مجرد توفير الوسائل العسكرية التي تحتاجها تايوان للدفاع عن نفسها، حيث نُظِرَ إليها على نطاقٍ واسع باعتبارها إشارةً لتدخلٍ عسكري أمريكي مباشر.

سبق لبايدن أن تجاهل "الغموض الاستراتيجي" الذي تحلّى به أسلافه في ما يتعلق بالصين وتايوان. إذ طمأن الحلفاء في أغسطس/آب 2022 بأن "الولايات المتحدة سترد" في حال الهجوم على أحد أعضاء حلف الناتو، وأردف: "يسري الأمر ذاته على اليابان، وكوريا الجنوبية، وتايوان".

لكن تايوان لم يسبق لها الحصول على نفس الضمانات الأمنية الأمريكية التي تتمتع بها اليابان، وكوريا الجنوبية، وشركاء الناتو. وبعدها بشهرين، سُئِلَ بايدن عما إذا كانت الولايات المتحدة ستحمي تايوان في حال تعرضها لهجوم، فأجاب: "نعم، نحن ملتزمون بفعل ذلك".

ارتجال بايدن في تصريحاته

لا شك أن ارتجال بايدن في تايوان أثار ردود أفعالٍ متضاربة في واشنطن، حيث أثنى بعض الساسة على دعمه الصريح لدولةٍ حليفة، بينما سخر منه آخرون لعدم انضباطه.

رغم قناعة البعض في واشنطن بأن بايدن قطع شوطاً كبيراً في استرداد السياسة الخارجية الأمريكية التقليدية المسؤولة، لكنهم انزعجوا أيضاً من الانفصال الواضح بين الرئيس وفريقه؛ لدرجة أن البعض اتهموا مساعدي الرئيس بتقويض تصريحاته بدلاً من التصديق عليه.

إذ كتب آدم كينزينغر، الجمهوري المناهض لترامب من ولاية إلينوي، على تويتر: "هل يحترم أي شخصٍ في البيت الأبيض كلمات الرئيس فعلياً؟ قال بايدن إنه سيدافع عن تايوان، فخرج فريقه مرةً أخرى ليسحب كلمات الرئيس! يجب أن يُقيل أي شخصٍ يفعل ذلك".

لكن لا يبدو أن هذا سيحدث قريباً. وربما يُصدر مساعدوه التوضيحات عقب تصريحاته، لكن المفترض أنهم يفعلون ذلك بموافقته أو علمه على الأقل. ولم تردعه هذه الممارسة مع ذلك عن تكرار الأمر، ولا يبدو أن سيرتدع قريباً على الأرجح سواء كان هذا أمراً جيداً أم لا.

تحميل المزيد