إسرائيل دمرت أصول ومشاريع واشنطن داخل غزة.. استخدمت أسلحة أمريكية الصنع خلال تدمير البنية التحتية للقطاع

عربي بوست
تم النشر: 2022/05/20 الساعة 18:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/05/20 الساعة 18:57 بتوقيت غرينتش
الجرافات تزيل حطام برج الجوهرة الذي دمرته الغارات الجوية الإسرائيلية/GettyImages

استخدم الاحتلال الإسرائيلي أسلحة مصنوعة وممولة من الولايات المتحدة في تدمير الأعمال والمشاريع الإنسانية الأمريكية داخل غزة، أثناء اعتداء الاحتلال على القطاع في مايو/أيار الماضي.

موقع  The Intercept الأمريكي نشر تقريراً، الخميس 19 مايو/أيار 2022، أشار إلى أن الاحتلال أطلق مئات القنابل والصواريخ والقذائف أمريكية الصنع أثناء اعتدائه على قطاع غزة، ليقتل أكثر من 240 فلسطينياً ويجرح ما لا يقل عن 1900 آخرين.

إذ قال رائد جرار، مدير قسم المناصرة في منظمة "الديمقراطية الآن للعالم العربي"، للموقع الأمريكي: "الغالبية العظمى من الذخائر التي تستخدمها إسرائيل من صنع الولايات المتحدة أو دعمها، وبهذا يُمكن القول إن كل طلقة إسرائيلية مدعومةٌ بأموال دافعي الضرائب الأمريكيين، بطريقةٍ أو بأخرى".

وسقط أكثر من نصف الضحايا في صفوف المدنيين، بحسب مؤسسة Meir Amit Intelligence and Terrorism Information Center البحثية، رغم مزاعم الاحتلال بأنه لا يستهدف سوى مقاتلي حماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية الأخرى.

<strong>عامل فلسطيني يزيل أنقاض مبنى مدمر بعد قصف الاحتلال له العام الماضي/ GettyImages</strong>
عامل فلسطيني يزيل أنقاض مبنى مدمر بعد قصف الاحتلال له العام الماضي/ GettyImages

ويعتمد قطاع غزة بشكلٍ كبير على المساعدات الخارجية لتجنب أسوأ النتائج الإنسانية، بعد أن أفقره حصار الاحتلال المستمر منذ عقدٍ ونصف. 

وقد جددت وزارة الخارجية الأمريكية مؤخراً، التزامها بتمويل وكالة الأونروا، لتساهم بـ150 مليون دولار في دعم نصف مليون فلسطيني على الأقل بالمدارس ومرافق الرعاية الصحية. 

فيما تُشير وثائق الأمم المتحدة، والسلطة الفلسطينية، وجماعات حقوق الإنسان إلى تضرُّر أكثر من 100 منشأة تابعة لـ"الأونروا" داخل غزة في أثناء حملة القصف التي استمرت 11 يوماً في مايو/أيار 2021. 

وتتطلب هذه الأضرار إصلاحات بأكثر من مليون دولار، علاوةً على معاناة عشرات المدارس الأخرى التابعة للسلطة الفلسطينية من أضرار مماثلة.

الاحتلال استخدم صاروخ هيلفاير الأمريكي في حرب غزة 2014

وليست هذه هي المرة الأولى التي تُستخدم فيها أسلحةٌ بتمويل أمريكي في تدمير مشاريع مساعدات تدعمها الولايات المتحدة، حيث استخدم الاحتلال صاروخ هيلفاير -صنعته ودفعت ثمنه الولايات المتحدة- في استهداف إحدى مدارس الأونروا في أثناء هجومٍ سابق على غزة عام 2014، مما أسفر عن مقتل 10 مدنيين.

ولم تكن وزارة الخارجية هي الوكالة الفيدرالية الوحيدة التي تُموّل مشاريع مساعدات قُصِفَت بأسلحةٍ أمريكية، حيث تُشير الوثائق والتقارير الإخبارية التي راجعها الموقع الأمريكي، إلى قصف أكثر من 10 مصانع في المنطقة الصناعية شرق غزة، التي بُنِيَت بتمويلٍ من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، إلى جانب عدة مشاريع مُموّلة من الوكالة نفسها لتوفير خدمات المياه والنظافة والصرف الصحي.

وأدّى القصف الجوي الذي أثر على أكثر من 300 ألف مدني، إلى تدمير البنية التحتية لمعالجة مياه الصرف الصحي وخزانات المياه، التي أنفقت وكالة التنمية الدولية ملايين الدولارات لإنشائها في خان يونس ورفح وبيت لاهيا. فضلاً عن تلوث 97% من مياه غزة، مما يؤدي إلى أزمة صحةٍ عامة أوسع انتشاراً ويُفاقم خطورة تدمير بنية المياه التحتية التي موّلتها الولايات المتحدة.

<strong>منظر عام لموقع برج الشروق في حي الرمال بغزة الذي دمرته الغارات الإسرائيلية/ GettyImages</strong>
منظر عام لموقع برج الشروق في حي الرمال بغزة الذي دمرته الغارات الإسرائيلية/ GettyImages

الأسباب الرئيسية لاستمرار الاحتلال في انتهاكاته

بدوره، قال مايكل لينك، المقرر الأممي الخاص السابق لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية: "لا شك في أن أحد الأسباب الرئيسية لاستمرار الاحتلال، وما يرافقه من قتلٍ ومعاناة، يتمثل في الدعم العسكري والدبلوماسي والسياسي الاستثنائي الذي يحصل عليه الاحتلال من الولايات المتحدة بشكلٍ غير مشروط.

إذ يحصلون على المساعدة العسكرية الأمريكية رغم حقيقة أن قوانين الكونغرس المختصة بصادرات الأسلحة الأمريكية تنص على أن الدول المتلقية للمساعدات لا يمكنها الانخراط في أنماط ثابتة من انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة".

وتُعتبر إسرائيل أكبر متلقٍّ للمساعدات العسكرية الأمريكية، لكنها لا تخضع فعلياً لأي ضوابط عملية تضمن عدم استخدام الأسلحة الأمريكية في ارتكاب جرائم الحرب، أو تدمير المشاريع الممولة من الولايات المتحدة، أو إتلاف ممتلكات المواطنين الأمريكيين داخل غزة.

قيمة المساعدات الأمريكية لإسرائيل 

حيث قدمت الولايات المتحدة مساعدات بقيمة 150 مليار دولار على الأقل للاحتلال منذ عام 1948، لتحصل في المقابل على موطئ قدم داخل منطقةٍ ذات أهمية استراتيجية هائلة. ويعمل نظام المساعدات الحالي بموجب مذكرة تفاهم وقعها الرئيس الأسبق باراك أوباما في عام 2018، وتكفل مساعدات بقيمة 38 مليار دولار بين عامي 2019 و2028، إلى جانب سياسة الباب المفتوح لإضافة مزيد من المساعدات في أي وقت.

ويُوفر نظام المساعدات القائم أيضاً تمويلاً بنظام قروض التدفق النقدي، التي تشبه التقسيط، حيث يُسمح للاحتلال بشراء الأسلحة الآن باستخدام أموال تُسدّد مستقبلاً. كما يضم إعفاءً للمشتريات الخارجية لا تتمتع به أي دولةٍ أخرى، ليسمح للاحتلال بإنفاق أموال دافعي الضرائب الأمريكيين على صناعة أسلحته دون الكشف عن طريقة إنفاق الأموال أمام الكونغرس أو الرأي العام الأمريكي. 

علاوةً على أن الولايات المتحدة تحتفظ بمخزونٍ من أسلحتها لدى الاحتلال بالطبع، حتى تكون أسلحتها جاهزةً للاستخدام بواسطة جيش الاحتلال رغم اعتبار إسرائيل من أكبر مصدري الأسلحة في العالم. وقد استخدم الاحتلال مخزون الأسلحة الأمريكي في مناسبتين لشن حملات قصفٍ ضد حماس وحزب الله.

ونتيجةً لذلك أصبحنا أمام ترسانة أسلحة إسرائيلية تتألف بالكامل تقريباً من أسلحةٍ صنعتها أو موّلت تصنيعها الولايات المتحدة.

تدمير مصانع أمريكية في غزة

ومع تساقط القنابل على قطاع غزة في مايو/أيار الماضي، تضرر المستشفى الأهلي العربي، الذي تلقى منحةً قدرها 900 ألف دولار من وكالة التنمية الدولية لبناء مركز جراحة، إضافة إلى مستشفى بيت حانون الذي يتلقى تمويلاً من الوكالة أيضاً.

وسقط مصنع كوكاكولا ضحيةً للقصف أيضاً في اعتداء مايو/أيار، بعد أن ظل لفترةٍ طويلة رمزاً للنفوذ العالمي الأمريكي، في عرضٍ شديد الرمزية يدل على مدى استخفاف الاحتلال بالمصالح المادية الأمريكية داخل غزة.

إذ قال زاهي خوري، مالك المصنع، للموقع الأمريكي: "تعتبر كوكاكولا من المساهمين في المصنع، وليست الجهة المانحة للترخيص فقط. وأنا مساهمٌ في المصنع بصفتي مواطناً أمريكياً، وبهذا فإن القصف أثر على العديد من المواطنين الأمريكيين، حيث احترقت آلاف الصناديق وتضررت المنطقة اللوجستية. ولحقت الأضرار كذلك بالمبنى الصناعي. لكن الأهم من ذلك هو أن الأضرار لحقت بمشروعٍ استثمرت فيه كوكاكولا من خلال شركة Mercy Corps لبناء محطة تنقية مياه بأحد مخيمات اللاجئين".

وتُمثّل حصة كوكاكولا، التي تصل إلى 15% في المصنع، أكبر استثمارٍ أمريكي خاص منفرد داخل فلسطين، بحسب وزارة الخارجية الأمريكية.

ويجري تطبيق آليات العقاب على جرائم الحرب المرتكبة باستخدام الدعم الأمريكي على العديد من الدول الأخرى بشكلٍ انتقائي، لكن انعدام التدقيق في استخدام جيش الاحتلال للأسلحة الأمريكية يظل أمراً فاضحاً.

ومع اقتراب نهاية حملة القصف في مايو/أيار عام 2021، تقدم بيرني ساندرز وعدد من الأعضاء التقدميين في مجلس النواب بمشاريع قرارات لمنع تسليم حزمة أسلحة بقيمة 735 مليون دولار، إذ كانت تضم نفس أنواع القنابل الموجهة بدقة التي يستخدمها الاحتلال بالفعل في قصف غزة.

لكن البيت الأبيض اعترض، وعلّقت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض آنذاك، جينيفر بيساكي، قائلةً: "لقد شاهدنا تقارير تُشير إلى تحركٍ باتجاه وقفٍ محتمل لإطلاق النار. وهذا أمرٌ مشجع بالتأكيد". ثم وافقت إدارة بايدن على تمرير الصفقة.

تحميل المزيد