لجأت الحكومة الفرنسية إلى القضاء؛ من أجل إعادة فرض الحظر على "البوركيني" في مدينة غرونوبل، بعدما سمحت الأخيرة للنساء المسلمات بأن يرتدين بدلات تغطي الجسم بالكامل داخل حمامات السباحة في المدينة، ليشتعل بذلك جدل "البوركيني" مرة أخرى في البلاد.
وزير الداخلية الفرنسي، جيرارد دارمانين، طالب مسؤوليه بالطعن على تغيير القرار في المحكمة، بعد أن وافق عليه مجلس المدينة الذي يقوده حزب الخضر، يوم الإثنين 16 مايو/أيار، وفقاً لما أوردته صحيفة The Times البريطانية، الأربعاء 18 مايو/أيار 2022.
عارض المحافظون في المجلس تغيير القرار، إلى جانب بعض أعضاء اليسار الذي يمثل الأغلبية داخل المجلس.
كان مجلس مدينة غرونوبل قد صدّق على قرار السماح بـ"البوركيني"، بعد موافقة 29 عضواً مقابل معارضة 27 آخرين، وامتناع عضوين عن التصويت، وذلك بعد ساعتين ونصف الساعة من النقاش المحتدم، بحسب ما ذكرته وكالة الأناضول.
أدت خطوة إيريك بيول، عمدة غرونوبل والسياسي البارز من حزب الخضر، إلى إشعال النزاع الفرنسي حول ملابس النساء المسلمات مرةً أخرى قبل الانتخابات البرلمانية المقررة الشهر المقبل.
بينما تجنّب التحالف الانتخابي اليساري الوطني، الذي يضم حزب الخضر والحزب الاشتراكي تحت قيادة جان لوك ميلنشون، التعبير عن موقفه، في علامةٍ على عمق الانقسامات التي تضرب اليسار السياسي في ما يتعلق بقضية "البوركيني".
الصحيفة البريطانية أشارت إلى أن استطلاعاً جديداً أُجري يوم 18 مايو/أيار 2022، أظهر أن 69% من الفرنسيين يريدون الإبقاء على حظر "البوركيني" المعمول به في جميع حمامات السباحة العامة بالبلاد، باستثناء مدينة رين.
كما يدعم 58% من ناخبي اليسار حظر "البوركيني"، بحسب ما أورده استطلاع شركة Ifop المنشور في مجلة Le Point الفرنسية، بينما يريد 27% من المسلمين الفرنسيين إلغاء الحظر.
بيول كان قد قال إن مجلسه يدعم حقوق النساء في ارتداء ما يحلو لهن عند حمامات السباحة، سواءً أردن تغطية وجوههن من الرأس وحتى القدمين أو أردن الظهور عاريات الصدر.
أضاف بيول: "نأمل أن نتخلص من القيود السخيفة، ومن ضمنها السماح بالعري وملابس السباحة التي يرتديها البعض لتوفير حماية إضافية من الشمس أو بدافع المعتقد. ولا يتعلق الأمر بموقفنا المؤيد أو المعارض للبوركيني تحديداً".
لكن الحكومة قالت إن المجلس "استسلم لمطالب هويةٍ ذات طابع ديني يتعارض بوضوح مع مبدأ العلمانية الفرنسية"، التي يكفلها الدستور في الحياة العامة.
من بين المعارضين لقرار مجلس مدينة غرونوبل، إيميلي كالاس، عضو البرلمان من حزب الرئيس ماكرون، والتي وقفت في صف رأي الأغلبية الفرنسية القائل إن "البوركيني يرمز لخضوع المرأة أمام الرجل"، ووصفت تغيير القرار بأنه: "تخلٍّ عن حقوق المرأة".
بينما قوبلت الخطوة بالترحاب من النشطاء المسلمين واليساريين الذين يدعمون الحجة النسوية التي تنص على منح النساء حرية ارتداء الملابس التي يختارونها سواءً كانت الحجاب، أو البوركيني، أو أي ملابس أخرى.
سيكون بإمكان النساء المسلمات بعد قرار غرونوبل، ارتداء "البوركيني" دون عوائق بجميع الشواطئ وحمامات السباحة التابعة للدولة في غرونوبل، ويغطي لباس "البوركيني" الذي ترتديه المحجبات، الساقين والذراعين والشعر أثناء السباحة.