قال الجنرال الأمريكي الجديد، الذي يشرف على القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، الجمعة 13 مايو/أيار 2022: إن الحلفاء يشعرون بالقلق بشأن التزام الولايات المتحدة طويل الأمد إزاء المنطقة، وذلك في ختام زيارة للإمارات.
الجنرال الأمريكي مايكل إريك كوريلا، الذي تولى منصب قائد القيادة المركزية الشهر الماضي، يعمل على تقييم جهود الجيش الأمريكي على مدى 90 يوماً، في منطقة كانت، ذات يوم، في قلب سياسة خارجية تركز الآن بشكل أكبر على الصين وروسيا والحرب في أوكرانيا، وقبل توجهه للإمارات زار كوريلا السعودية ومصر.
فيما أبلغ المسؤول الأمريكي الصحفيين المرافقين له: "اللهجة في اجتماعاتي في مصر والسعودية والإمارات كانت صريحة وواضحة، شركاؤنا قلقون بشأن التزامنا طويل الأمد تجاه المنطقة".
في الخليج، أججت واشنطن التوتر مع الرياض وأبو ظبي بالفشل في تهدئة مخاوفهما بشأن إيران المنافس الإقليمي، وبإنهاء الدعم لحربهما في اليمن، وبفرض شروط على مبيعات الأسلحة الأمريكية.
بمرور الوقت، خفضت الولايات المتحدة أيضاً بشكل كبير حجم القوات في المنطقة، بما في ذلك القوات البحرية.
انعدام الثقة بواشنطن
وتزايد انعدام الثقة في الشرق الأوسط على نطاق أوسع منذ الانتفاضات العربية في 2011، عندما شعر حكام الخليج بالصدمة من الطريقة التي تخلت بها إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما عن الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك، بعد تحالف استمر 30 عاماً؛ ما أدى إلى سقوطه، إضافة إلى تجاهل مخاوف حكام الخليج من صعود الإخوان المسلمين.
وجاءت زيارة كوريلا للقاهرة بعد أقل من أربعة أشهر من إعلان إدارة الرئيس جو بايدن حجب 130 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان، وكان ذلك انتقاداً نادراً لحليف استراتيجي يسيطر على قناة السويس.
وأكد كوريلا، الذي التقى بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن الولايات المتحدة حليف يمكن الاعتماد عليه؛ إذ قال: "زرت ثلاث دول لدينا معها شراكات استراتيجية، رسالتي للدول الثلاث هي أن الولايات المتحدة شريك يعتمد عليه هنا، وهذه العلاقة قوية".
وفي الإمارات، التقى كوريلا مع الحاكم الفعلي ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، وأفادت رويترز بأن بايدن أثار استياء بن زايد بعدم الاتصال به سريعاً بعد هجوم شنه الحوثيون على الإمارات في يناير/كانون الثاني، وعدم الرد بقوة أكبر.
كما قال كوريلا: إن تقييمه سيشمل "الفجوات" التي حدثت في مثل هذه العلاقات.
وفي السعودية، أجرى كوريلا محادثات مع مسؤولين عسكريين من بينهم نائب وزير الدفاع خالد بن سلمان وقال: "المملكة مستعدة للمستقبل، وأنا أتطلع إلى استمرار الشراكة العسكرية".
فيما غضب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من رفض بايدن التعامل معه مباشرة باعتباره الحاكم الفعلي للمملكة؛ بسبب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في 2018. وأشار تقرير للمخابرات الأمريكية إلى تورط الأمير الذي نفى أي دور له.
علاقات واشنطن بالشرق الأوسط تحتضر
ويشار إلى أنه، في وقت سابق، نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، تقريراً سلط الضوء على تراجع العلاقات الأمريكية مع العديد من الدول الصديقة أو الحليفة لها في الشرق الأوسط، وذلك بسبب تراجع الدور الأمريكي في المنطقة، والتركيز على ملفات ومناطق أخرى، حتى إنها وصلت إلى التوتر بعد الفتور في منطقة الخليج العربي مؤخراً.
وقالت المجلة: إن الولايات المتحدة نجحت في ضم مصر إلى فريقها قبل نحو 50 عاماً. وقد كان ذلك "انتصاراً كبيراً في الدبلوماسية الصفرية للحرب الباردة"، حين تسابقت القوتان العظميان أمريكا والاتحاد السوفييتي على جمع الوكلاء الإقليميين. وانضم المصريون آنذاك إلى نادٍ يجمعهم بالسعوديين، والأردنيين، والإسرائيليين، والدول الخليجية الصغيرة التي كانت تبحث عن حمايةٍ في أعقاب انسحاب البريطانيين من مواقعهم شرق قناة السويس عام 1971.
وعلى مدار العقد التالي، أصبحت الولايات المتحدة أكثر تورطاً بشكلٍ مباشر داخل الشرق الأوسط، حيث شكّلت الدول المذكورة اللبنة الأساسية لمجموعةٍ من الدول الصديقة لأمريكا، والتي سهّلت على واشنطن تحقيق أهدافها في المنطقة، مثل حماية تدفق النفط من المنطقة، والمساعدة في ضمان الأمن الإسرائيلي، ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل، إلى جانب سلسلةٍ من السياسات الأخرى "مفرطة الطموح" كغزو العراق، كما تصفها المجلة الأمريكية.
لكن اليوم، وصلت العلاقات إلى مستويات سيئة، وأخذت صداقات واشنطن في الشرق الأوسط تحتضر؛ إذ لم يستجب السعوديون والإماراتيون لمطالبات إدارة بايدن بضخ المزيد من النفط، بالتزامن مع ارتفاع الأسعار العالمية نتيجة هجوم روسيا على أوكرانيا.