تشهد البوسنة والهرسك أخطر أزماتها السياسية منذ حرب 1992-1995، التي أودت بحياة 100 ألف شخص، بحسب وصف ريستيان شميدت، المفوض السامي الدولي لشؤون البوسنة والهرسك، في تقرير أرسله إلى مجلس الأمن الدولي كُشف عنه يوم الثلاثاء 10 مايو/أيار 2022.
صحيفة The Washington Post الأمريكية سلطت الضوء على ما جاء في التقرير، وأشارت إلى أن شميدت، الذي يشغل منصب المفوض السامي الذي يشرف على تنفيذ اتفاقية دايتون 1995 التي أنهت الحرب البوسنية، حذّر من أنّ "تحوّل البوسنة والهرسك إلى أزمة أمنية فادحة خطرٌ واقع".
وأسست اتفاقية دايتون للسلام كيانين منفصلين في البوسنة: "اتحاد البوسنة والهرسك" الذي يسيطر عليه البوسنيون، ومعظمهم من المسلمين والكروات، وكيان "جمهورية صرب البوسنة" (صربسكا)، الذي يديره صرب البوسنة، والكيانان مرتبطان بمؤسسات مركزية مشتركة، ويجب أن يدعم كلاهما جميع القرارات المهمة في البلاد.
المفوض السامي الدولي قال إن قادة الكيان الذي يسيطر عليه صرب البوسنة انتهكوا أحكام الاتفاقية انتهاكاً منهجياً، وزادوا مساعيهم الرامية إلى اغتصاب السلطات الممنوحة للحكومة الفيدرالية.
وخلص شميدت في تقريره المرسل إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إلى أن تصرفات الكيان المعروف باسم جمهورية صرب البوسنة، "لا تقوض الأسس التي تقوم عليها الاتفاقية فحسب، بل هي تهديد واقع يخاطر بالردة عن 25 عاماً من التقدم الذي أنجزته البوسنة والهرسك في بناء دولةٍ تسير بثبات على الطريق نحو الاندماج في الاتحاد الأوروبي".
وصدر التقرير قبل الاجتماع المقرر للمجلس بشأن البوسنة يوم الأربعاء 11 مايو/أيار، والذي يُتوقع أن يعرض شميدت التقرير خلاله.
وكان المجلس رفض في يوليو/تموز الماضي، مشروعَ قرار قدمته روسيا، التي تربطها علاقات وثيقة بصرب البوسنة، وأيَّدتها فيه الصين، وكان من شأنه تجريد المفوض الدولي من صلاحياته على الفور وإلغاء المنصب بالكامل في غضون عام واحد.
كما أشار شميدت إلى أن حكومة صربسكا والجمعية الوطنية سعتا إلى تقويض مؤسسات الدولة بإنشاء هيئات موازية في كيان صرب البوسنة.
وتابع شميدت أن "ممثلي جمهورية صربسكا المنتخبين والمعينين في الجمعية الوطنية ومؤسسات الدولة إما أنهم يمتنعون عن المشاركة في صنع قرارات البلاد وإما أنهم يعرقلون القرارات التي يرون أنها لا تصب في مصلحة صرب البوسنة".
إلى ذلك، أوضح شميدت أن هذا الاتجاه "يعوِّق قدرة الدولة على العمل، ويحبسها عن القيام بمسؤولياتها الدستورية"، واستدل على ذلك بقلة القرارات التشريعية، وتوقف الإصلاحات اللازمة لمسار التقدم لعضوية الاتحاد الأوروبي، وتجميد الاتفاقيات الدولية، والعجز عن اعتماد ميزانية الدولة للعام الثاني على التوالي.
وذهب شميدت إلى أن "الأزمة السياسية المحتدمة، وهي أخطر الأزمات منذ الحرب، أدت بلا شك إلى زيادة التوتر في البلاد واستجلبت المهالك والانقسام فيها، وهو ما تدل عليه كثرة الحوادث الطائفية التي وقعت في أعياد الأرثوذكس في يناير/كانون الثاني".
شميدت قال أيضاً إنه استمع في يناير/كانون الثاني، إلى المتظاهرين الذين طالبوا المجتمع الدولي بالرد "على السلوك المدمر الذي تنتهجه سلطات جمهورية صربسكا"، "فهم يعلمون من تاريخهم أن المسار الذي تتخذه السيرورة الحالية للأمور ينطوي على خطر حقيقي بتحوّل الأزمة السياسية الجارية، إلى أزمة أمنية فادحة، وأن المجتمع الدولي عليه الرد على ذلك رداً مناسباً".
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Washington Post الأمريكية.