أعلن تنظيم الدولة الإسلامية في حسابه بتطبيق تلغرام اليوم الأحد 8 مايو/أيار 2022، مسؤوليته عن هجوم دام أودى بحياة ضابط و10 جنود من الجيش المصري في محافظة شمال سيناء.
ويأتي الإعلان بعد 24 ساعة من الهجوم، الذي يعد واحداً من أعنف الهجمات في الأعوام الأخيرة بشمال سيناء؛ حيث تشن قوات الأمن المصرية حملة على مسلحين لهم صلة بالتنظيم.
وبعد ساعات من الهجوم، عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اجتماعاً للمجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسته، اليوم الأحد 8 مايو/أيار، تناول تداعيات الحادث الذي استهدف عدداً من شهداء الوطن من رجال القوات المسلحة خلال أدائهم الواجب الوطني، وكذلك الإجراءات المنفذة لملاحقة العناصر التكفيرية الهاربة والقضاء عليها.
السيسي يوجه باستكمال تطهير بعض المناطق في سيناء
وحسب بيان رئاسي فإن السيسي "وجَّه بقيام عناصر إنفاذ القانون باستكمال تطهير بعض المناطق في شمال سيناء من العناصر الإرهابية والتكفيرية، بالإضافة إلى الاستمرار في تنفيذ كافة الإجراءات الأمنية التي تسهم في القضاء على الإرهاب بكافة أشكاله".
كان موقع Middle East Eye البريطاني قد سبق أن نشر في تقرير له يوم الخميس 21 أبريل/نيسان 2022 أنه وبعد سنوات من قتال فرع تنظيم الدولة الإسلامية في شبه جزيرة سيناء، فقد أحرز الجيش المصري، بدعم من مقاتلين من القبائل، تقدُّماً في تطهير المنطقة من المسلحين؛ ما دفعه إلى دعوة المواطنين للعودة إلى القرى التي أجبروا على مغادرتها.
حيث استعادت قوات الجيش مؤخراً، آخر معاقل تنظيم الدولة الإسلامية في شمال سيناء، مما يسمح لسكانها بالعودة.
هروب أهالي سيناء بسبب داعش
كانت مئات العائلات من قريتي متلا والحسينات في شمال سيناء شرقي بلدة الشيخ زويد، قد هربوا من منازلهم قبل بضع سنوات عندما اجتاح تنظيم الدولة الإسلامية المناطق وكان يتوسع في مناطق متفرقة من المحافظة، موجِّهاً ضرباتٍ شديدة للجيش والشرطة وفق تقرير.
إذ أُجبِرَ آلاف القرويين في سيناء على مغادرة بلداتهم منذ 2013، بسبب سياسة الجيش المصري المتمثلة في هدم المنازل في المحافظة باسم مكافحة الإرهاب.
في حين نجحت حملة الجيش في استعادة السيطرة على القريتين بعد الاستعانة بمقاتلي العشائر. وقد تمكنوا معاً من إحكام سيطرتهم على طرق إمداد "داعش" وطرد أعضائه من معظم الأراضي.
لكن الانتصارات المعلنة للجيش المصري على الجماعة تأتي وسط سلسلة من الهجمات التي شنها مسلحون ضد عناصر تابعة للجيش في مناطق متفرقة بشمال سيناء، وضمن ذلك اختطاف بعض زعماء القبائل.
قتل اثنين من البدو
ففي أوائل أبريل/نيسان 2022، قتل مسلحو "داعش" اثنين من البدو بعد اتهامهما بالتعاون مع الجيش، مما أثار مخاوف من أن مثل هذه الهجمات قد تشكل إحياءً لنشاط التنظيم حتى بعد تقلص وجوده بشكل ملحوظ في المنطقة.
يُذكر أن التمرد المسلح بشمال سيناء قد تصاعد في عام 2013، عندما أطاح الجيش بالرئيس الإسلامي المُنتَخَب محمد مرسي.
أما في مارس/آذار 2021، فقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن حكومته نقلت 41 كتيبة، نحو 25 ألف جندي وفقاً لخبراء عسكريين، إلى سيناء لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية. وفي عام 2018، أطلقت الحكومة عملية سيناء، وهي حملة شاملة ضد المسلحين تضمنت مشاركة القوات البرية والقوات الجوية والبحرية.
انتقادات ضد الجيش المصري
لكن الحملة تعرضت لانتقادات باعتبارها وسيلة للجيش لفرض سيطرته في المنطقة المضطربة من خلال القوة الوحشية والإجراءات القاسية التي كانت لها عواقب وخيمة على السكان المحليين.
من جانبها، لم تصدر القاهرة إحصاءات رسمية، لكن منظمة هيومن رايتس ووتش تعتقد أن أكثر من 100 ألف من سكان شمال سيناء البالغ عددهم 450 ألفاً، قد نزحوا أو غادروا المنطقة منذ العام 2013.
كما أفادت هيومن رايتس ووتش في عام 2021، بأنه بين أواخر 2013 ويوليو/تموز 2020، هدم الجيش ما لا يقل عن 12.350 مبنى، ودمَّر 6 آلاف هكتار (14.400 فدان) من الأراضي الزراعية، معظمها منذ منتصف العام 2016، في المحافظة.
حيث برَّرت القاهرة عمليات الهدم والإخلاء بأنها ضروريةٌ في حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية، الذي نفذ هجمات ضد أهداف مدنية وعسكرية.
انطلاق العمليات المسلحة ضد داعش
يذكر أنه عندما بدأت العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في أواخر عام 2013، كانت مصر حريصة على إبعاد قبائل سيناء عن القتال لعدة أسباب، من ضمنها انعدام الثقة طويل الأمد بين القاهرة والبدو.
لكن على مرِّ السنين، وجدت قبائل سيناء، التي يعيش بعضها في المنطقة منذ مئات السنين، نفسها منغمسةً في القتال عن غير قصد، لا سيما عندما بدأ تنظيم الدولة الإسلامية في قتل قادتها ومسؤوليها.
في حين انتهزت قيادة الجيش هذه الفرصة لدمج القبائل في حملتها ضد تنظيم الدولة الإسلامية وتسليح وتدريب أفرادها. وتعمل جمعية قبائل سيناء، وهي اتحاد قبائل سيناء في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، ضد الجماعة المتشددة منذ عدة سنوات حتى الآن.
حيث يشارك مقاتلو القبائل في مداهماتٍ مع الجيش والشرطة على أوكار ومعاقل تنظيم الدولة الإسلامية. وشاركوا في استعادة قريتي متلا والحسينات، وتطهير مباني القريتين من الألغام.
من جانبها، قالت جمعية القبائل، في 19 أبريل/نيسان 2022، إن مقاتليها شاركوا في غاراتٍ للجيش على عدة قرى بشمال سيناء، واستولوا خلالها على كمياتٍ هائلة من الأسلحة والصواريخ.
فيما أطلقت الجمعية حملةً لتشجيع قادة وعناصر تنظيم الدولة الإسلامية على الاستسلام؛ لتجنب الموت أو السجن، ونجحت الحملة حتى الآن في إقناع بعض قادة وعناصر تنظيم الدولة الإسلامية بالانحياز إلى الجمعية والجيش.