أطلقت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه" حملة ترويجية للتعريف بطريقة التواصل معها عبر الشبكة العنكبوتية على نحو يضمنُ للمستخدم إخفاء هويته؛ وذلك لتمكين الروس من التواصل مع الوكالة على نحو يضمن سرية الاتصال، وفق ما ذكرته وكالة "أسوشيتد برس" الثلاثاء 3 مايو/أيار 2022.
لدى "سي آي إيه" موقع ويب مُظلم على الإنترنت يتشارك الميزات ذاتها مع الصفحة الرئيسة للوكالة، ويمكن الوصول إلى هذا الموقع من خلال متصفح الإنترنت "تور" الذي يعمل على تشفير مختلف البيانات ويزيل سجلات التصفح وتنظيف ملفات تعريف الارتباط بعد كل استخدام.
التواصل عبر "دارك نت"
نشرت الـ"سي آي إيه" الاثنين 2 مايو/أيار، تعليمات باللغتين الإنجليزية والروسية حول كيفية الوصول إلى موقع "دارك نت" (موقع ويب مُظلم) على منصات التواصل الاجتماعي التابعة للوكالة التي أعربت عن أملها بأن يعمل الروس الذين يعيشون خارج روسيا على مشاركة التعليمات مع جهات الاتصال داخل بلادهم.
في حين أن قسماً من الروس يدعم ما يُطلقُ عليه الكرملين تسمية "عملية عسكرية خاصة"، فإن مراقبي المشهد الروسي يعتقدون أن الإدارة الحربية لدى بوتين قد تعمل على إبعاد الأشخاص الأقوياء الذي يختلفون معه.
إذ إنه رغم الإمكانات الهائلة لالتقاط صور والحصول على معلومات من خلال الأقمار الصناعية، إلا أن وكالات الاستخبارات ما برحت تبذل جهوداً من أجل تجنيد عناصر بشرية يمكنها رصد التغيرات داخل الكرملين وتحليل المعطيات للوضع الروسي الداخلي.
فقد قالت الوكالة الأمريكية في بيان: إن "مهمتنا الرئيسة تتطلب أن يتمكن الأفراد من الاتصال بنا بشكل آمن من أي مكان".
كما أوضح مسؤول في الـ"سي آي إيه"، اشترط عدم الكشف عن هويته، أن الوكالة تعلم أن ثمة روسيين يرغبون بالتواصل معها إلا أنهم يخشون من العواقب، رافضاً الكشف عن عدد الأشخاص الروس الذين حاولوا التواصل مع الوكالة منذ أن بدأت روسيا حربها في أوكرانيا.
أضاف المسؤول: "إن التعامل المباشر، مادياً أو افتراضياً مع أمريكيين في روسيا ليس أمراً آمناً"، مضيفاً: "بالنسبة للأشخاص الذين يرغبون في التعامل معنا بشكل آمن، تلك هي الطريقة المثلى للقيام بذلك".
"سي آي إيه" تعد بحماية العملاء
كانت الـ"سي آي إيه" أطلقت موقع "دارك نت" في العام 2019، ويمكن الوصول إليه من خلال متصفح "تور" الذي يعمل على توجه الأنشطة على الإنترنت بحيث يتم إخفاء هوية المتصل وجهة الاتصال.
في حين يؤكد الخبراء أن ليس ثمة اتصال آمن تماماً على الشبكة العنكبوتية، فإن ضبّاط المخابرات الأمريكية يقولون إن العميل المحتمل سيكون محمياً من المتطفل الروسي بشكل أفضل في حال استخدم هذا العميل الموقع المظلم.
يشار إلى أن متصفح "تور" تمّ إنشاؤه في مركز الأبحاث البحرية الأمريكية، وتديره منظمة غير ربحية من العام 2006، ولطالما استخدمه أولئك الذين يسعون لتأمين مزيد من الخصوصية، كالمنشقين في البلدان الاستبدادية، وضباط إنفاذ القانون وعملاء الاستخبارات، والصحفيين ومن ضمنهم صحفيو وكالة "أسوشيتدبرس"، كما تمّ استغلال المتصفح المذكور من قبل الخارجين عن القانون.
مارك كيلتون، الضابط السابق في وكالة المخابرات المركزية والذي عمل كرئيس للاستخبارات المضادة، يقول: إن لفت الانتباه إلى موقع الويب المظلم يروج الآن لجهات الاتصال المحتملة بأن وكالة المخابرات المركزية تولي سلامتهم اهتماماً كبيراً.
يضيف كيلتون: "عندما يقرر الناس التواصل، فإنهم يدركون تماماً ما يفعلونه وما هي المخاطر"، مستطرداً: إن "القضية هنا هي لطمأنتهم أنه على الجانب الآخر، ثمة أشخاص معنيون بحمايتهم"، على حد تعبيره.
يرى كيلتون أن النزعة الشخصية لبوتين وخيبة الأمل تجاه نظامه تعدّ دافعاً مرجحاً لشخص من أجل الانخراط في أعمال تجسس ضد روسيا، على نحو يفوق ما تدفع به المكافآت المالية التي يحصل عليها لقاء عمله في التجسس.
يختم الضابط السابق في وكالة المخابرات المركزية حديثه بالقول: إن "الأزمة هي على الدوام وقتٌ مناسب للتجسس".