توصلت أحزاب اليسار الفرنسي، الأربعاء 4 مايو/أيار 2022، إلى اتفاق بشأن تحالفها خلال الانتخابات البرلمانية المقررة في يونيو/حزيران المقبل، بهدف ضمان أداء قوي بما يكفي لعرقلة خطط إصلاحية مثيرة للجدل وضعها الرئيس إيمانويل ماكرون.
عقب محادثات استمرت طيلة ليل أمس الثلاثاء، انضم "الحزب الاشتراكي" إلى "حزب الخضر"، والحزب الشيوعي، خلف "حركة فرنسا الأبية" اليسارية الراديكالية، التي ظهرت كقوة يسارية مهيمنة في الانتخابات الرئاسية التي أُجريت في أبريل/نيسان الماضي، وفاز فيها ماكرون.
الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحركة "فرنسا الأبية" قالا في بيان مشترك: "نريد انتخاب نواب في غالبية الدوائر الانتخابية؛ لمنع إيمانويل ماكرون من المضي قدماً في سياساته الظالمة والوحشية وإنزال الهزيمة باليمين المتطرف".
لكن هذا التحالف ما زال بحاجة للحصول على موافقة "المجلس الوطني الاشتراكي"، الخميس 5 مايو/أيار 2022، ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية، عن مقربين من قيادة الحزب، قولهم إن نتيجة التصويت ليست محسومة.
من جانبه، قال فابيان روسيل، زعيم "الحزب الشيوعي" الفرنسي، لراديو "فرانس إنتر": "لا يمكن لأحد من اليسار أن يفوز بمفرده"، مشيراً إلى أن التحالف الجديد بحاجة إلى أن يبني على "الأمل الهائل بين الجمهور الفرنسي وبين العمال وبين الشباب الذين يطالبوننا بأن نتحد".
كان زعيم "حزب فرنسا الأبية"، جان لوك ميلانشون، قد سجّل أداءً قوياً خلال الانتخابات الرئاسية، متقدماً كثيراً على باقي أحزاب اليسار وكان الفارق ضئيلاً بينه وبين الدورة الثانية.
بعد فوز ماكرون، دعا ميلانشون الناخبين على الفور إلى انتخابه "رئيساً للوزراء"، ومنح اليسار غالبية في الجمعية الوطنية لعرقلة إصلاحات الوسط، وضمن ذلك خطة لا تحظى بشعبية لمد سن التقاعد من 62 إلى 65 عاماً.
يأتي هذا بينما تستعد فرنسا لإجراء الانتخابات التشريعية في 577 دائرة انتخابية في فرنسا على جولتين، وهذا يعني أن التحالفات تقدم أفضل فرصة للتعويض في الجولة الثانية، وسيكون "التعايش" القسري بين ماكرون وميلانشون هو الأول منذ عقدين، لكن المراقبين يقولون إن مثل هذا السيناريو ما زال غير مرجح.
مفاوضات تاريخية
بحسب وكالة الأنباء الفرنسية، فإنه منذ بداية الأسبوع الماضي، أبقت الخلافات السياسية الرئيسية الأجواء متوترة خلال المفاوضات بين الأحزاب اليسارية، مع بقاء خصوصاً نقطة شائكة حول اقتراح حركة "فرنسا الأبية" من جانب واحد، وهي "عصيان" أحكام بعض معاهدات الاتحاد الأوروبي.
لكن الحلفاء الجدد اتفقوا على مقترحات ميلانشون السياسية الأساسية، وضمنها رفع الحد الأدنى للأجور وخفض سن التقاعد إلى 60 عاماً، وإلغاء إصلاحات سوق العمل التي أدخلت في عهد الرئيس الاشتراكي السابق فرانسوا هولاند.
من جهتها، قالت مانون أوبري، عضو البرلمان الأوروبي عن "حركة فرنسا الأبية"، لإذاعة أوروبا 1، إن المفاوضات كانت "تاريخية"، ووفرت لكل طرفٍ استقلالية ضمن "إطار سياسة مشتركة".
بدورهم، عبَّر مسؤولون بالحزب الاشتراكي مثل هولاند الذي كان في السلطة قبل خمس سنوات فقط من السقوط السريع للاشتراكيين، عن معارضتهم للاتفاق، وحذّروا من أن التحالف اليساري قد يعني "اختفاء" الاشتراكيين.
لكن أوبري قالت إن "تحركهم المهم بإزاء إرث هولاند" هو الذي سمح تحديداً للاشتراكيين بالتوافق مع بقية اليسار.
تُشير الوكالة الفرنسية إلى أنه وفق الاتفاق النهائي يبدو أنه سيتم توزيع نحو 100 دائرة انتخابية على حزب الخضر و70 للحزب الاشتراكي و50 للحزب الشيوعي.