بدأت السعودية في فقدان ثقتها في شركة كهرباء فرنسا، التي كانت الأقرب لنيل عقود تطوير أول مفاعلين نوويين للرياض، في ظل انشغالها بمشاريع أوروبية، وارتفاع تكلفة عرضها مقارنة بالعقد الصيني الذي أصبح مرجحاً بشكل أكبر في الوقت الحالي، بحسب ما قالت صحيفة Intelligence Online الفرنسية الثلاثاء 3 مايو/أيار 2022.
ورغم تكليف فريق بالمهمة داخل المقار الباريسية، لكن موقف كهرباء فرنسا لم يعُد قوياً في مواجهة المنافسة الصينية قوية العزيمة، بحسب الصحيفة.
يُذكر أن كهرباء فرنسا كانت تحتل صدارة المتنافسين من أجل الفوز بالبرنامج النووي السعودي، متقدمةً على Korea Electric Power Corporation الكورية وChina Nuclear Engineering Corporation الصينية.
الرياض تراجع موقفها
بحسب الصحيفة، فإن كهرباء فرنسا شبه الحكومية، قد تراجعت في المنافسة حالياً أمام منافستها الصينية؛ إذ ترى مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة والشركة السعودية القابضة للطاقة النووية، التي تأسست في 12 مارس/آذار، أن عرض الشركة الصينية يلبي توقعاتها الفنية، فضلاً عن أن تكلفة العرض الصيني أقل بـ20% من المقترح الفرنسي.
هناك سببٌ آخر يدفع السعودية إلى التفكير في العرض الصيني، وهو أن إدارة كهرباء فرنسا ليست على وفاقٍ مع الرياض. وربما بذل الفريق الفرنسي المكلف بالمشروع من جانب كهرباء فرنسا مجهوداً بالسفر إلى الرياض في أكثر من مناسبة، من بينها ثلاث زيارات في سبتمبر/أيلول 2021 فقط، لكن التعامل مع المهمة لم يرق إلى إرضاء السعوديين.
وسبق أن نجحت الشركة الكورية في التفوق على كهرباء فرنسا والفوز بعقد بناء محطة براكة الإماراتية للطاقة النووية، وسافر فريقها إلى الإمارات في عدة مناسبات لتحديد مئات الشركات المحلية التي ستتعاون معها في المشروع. لكن الشركة الفرنسية فشلت في تلبية توقعات السعوديين في هذا الصدد.
وأصبحت كهرباء فرنسا تحت قيادة جان برنارد ليفي منشغلةً حالياً بمشاريع المفاعل النووي الأوروبي المضغوط في فرنسا وبولندا، فضلاً عن الوحدة الجديدة في محطة دوكوفاني للطاقة النووية بجمهورية التشيك. ولا شك أن هذا التحول في الأولويات لم يعجب الرياض.
مع ذلك فقد وجدت المجموعة الفرنسية في السعودية فرصاً مواتية لطموحاتها؛ إذ تعكف شركتها الفرعية EDF Renewables منذ أغسطس/آب 2020 على بناء مشروع مزرعة رياح "دومة الجندل" بقدرة 415 ميغاواط بالتعاون مع مجموعة مصدر الإماراتية، داخل محافظة الجوف. وستصبح أكبر مزرعةٍ لطاقة الرياح في الشرق الأوسط بمجرد الانتهاء من المشروع.
وفي أبريل/نيسان 2021، أعلن مدير الطاقة المتجددة في كهرباء فرنسا برونو بنساسون أن المجموعة بدأت بناء مشروع طاقة شمسية بقدرة 300 ميغاواط قرب مدينة جدة السعودية.
وتجري إدارة هذا المشروع بواسطة ائتلاف تجاري يضم مصدر الإماراتية وشركة الطاقة المتجددة التابعة نسما، وهي شركةٌ قابضة أسسها أمين محافظة جدة صالح التركي.
وفي 11 مارس/آذار 2021، وافقت المفوضية الأوروبية على تعاقدٍ بين كهرباء فرنسا ومصدر بنسبة 50% لكلٍ منهما في السيطرة المشتركة على شركة تطوير الطاقة Emerge، بهدف تحويلها إلى قوةٍ رائدة عالمياً في مجال إنتاج الطاقة الشمسية اللامركزية. كما تشارك كهرباء فرنسا أيضاً في ائتلافٍ تجاري فاز بعقدٍ استراتيجي شديد الأهمية قيمته 3.6 مليار دولار بأبوظبي شهر ديسمبر/كانون الأول 2021، لربط حقول النفط البحري بشبكة كهرباء الإمارة.